من لازم بيته وقت الوباء له أجر شهيد

تاريخ الفتوى: 01 مايو 2020 م
رقم الفتوى: 5245
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
من لازم بيته وقت الوباء له أجر شهيد

هل من لازم بيته وقت الوباء له أجر شهيد؟ وهل يشترط ذلك فيمن مات به، أم يشمل من مات بغيره؟

من لازم بيته وقت وقوع الوباء وهو يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله تعالى له، مسلِّمًا إليه أمره، راضيًا بقضائه وقدره: له مثل أجر شهيد؛ سواء مات به أو لم يمت به، في زمنه أو في غير زمنه.

المحتويات

من خصائص الأمة الإسلامية المثوبة لمن صبر على الابتلاءات

الابتلاءات التي تصيب المسلمين من الأوبئة والأمراض، هي من خصوصية هذه الأمة المحمدية ورحمة الله تعالى بها؛ رفعًا لدرجتها وعلوًّا لشأنها، وقد حث الشرع الشريف الإنسان عندها على الصبر والثبات من الوقوف مع المقدور والرضا به، مع أخذه بأسباب التوقي والحيطة والتحفظ، وجعل له في ذلك مثل أجر الشهيد؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الطاعون، فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
قال العلامة الكشميري في "فيض الباري" (6/ 58، ط. دار الكتب العلمية): [فإنه وإن لم يقتل في المعركة، لكنه أرى من نفسه ثَبَاتًا، ورضي بما كتب الله له] اهـ.
فإذا أصاب المؤمن شيء من هذا الوباء القاتل (COVID-19) الذي ذهب ضحيته آلافُ البشر، وانتشر في ربوع البلدان، فعليه بالصبر والأخذ بأسباب العلاج، وليعلم أن صبره على ذلك سبب لتكفير سيئاته ورفع درجاته.

الصبر على الوباء والرضا به له أجر شهيد

قد نص العلماء على أن العبد إذا صبر على الوباء وثبت ورضي به فله أجرُ شهيٍد وإن لم يمت بهذا الوباء أو في زمنه، على أن العلماء فرقوا بين درجة الشهادة وبين أجرها؛ فدرجتها تكون لمن مات بسبب هذا الوباء، وأجرها لمن صبر واحتسب، ومن العلماء من جعلها كلها درجات، لكنها متفاوتة في الأجر والثواب.
قال الإمام المناوي في "فيض القدير" (4/ 379، ط. دار الكتب العلمية): [والتحقيق: أنه يكون شهيدًا بوقوع الطاعون به، ويضاف له مثل أجر شهيد لصبره؛ فإن درجة الشهادة شيء وأجرها شيء، قال ابن أبي جمرة: وقد يقال: درجات الشهداء متفاوتة؛ فأرفعها من اتصف بما ذكر ومات بالطاعون، ودونه من اتصف بذلك وطعن ولم يمت به، ودونه من اتصف ثم لم يطعن ولم يمت به] اهـ.
فالصابر في زمن الوباء له مثل أجر شهيد؛ سواء مات به أو لم يمت به، في زمنه أو في غير زمنه؛ لأن فضل الله تعالى واسع، ونية المرء أبلغ من عمله.
قال الإمام البدر العيني في "عمدة القاري" (21/ 261، ط. دار التراث العربي، بيروت): [«إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» فإن قلت: ما معنى المثلية هنا مع أنه جاء: من مات بالطاعون كان شهيدًا؟ قلت: معنى المثلية: أن من اتصف بالصفات المذكورة ووقع به الطاعون ثم لم يمت منه أنه يحصل له مثل أجر الشهيد، وإذا مات بالطاعون: يحصل له أجر الشهيد] اهـ.
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح" (3/ 1155، ط. دار الفكر): [«وَالصَّابِرُ فِيه» أي: في الطاعون «لَهُ أَجْرُ شَهِيدٍ»؛ سواء مات به أو لا] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 194، ط. دار المعرفة): [مفهوم هذا الحديث كما اقتضى منطوقه: أن من اتصف بالصفات المذكورة يحصل له أجر الشهيد وإن لم يمت بالطاعون، ويدخل تحته ثلاث صور: أن من اتصف بذلك فوقع به الطاعون فمات به، أو وقع به ولم يمت به، أو لم يقع به أصلا ومات بغيره عاجلًا أو آجلًا] اهـ.
وقال الإمام القسطلاني في "إرشاد الساري" (5/ 434، ط. الأميرية): [الذي وقع به الطاعون ولا يخرج منه حال أنه «صَابِرًا مُحْتَسِبًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» وإن مات بغير الطاعون ولو في غير زمنه، وقد عُلم أن درجات الشهداء متفاوتة؛ فيكون كمن خرج من بيته على نيَّة الجهاد في سبيل الله فمات بسبب آخر غير القتل، وفضل الله واسع، ونية المرء أبلغ من عمله] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "التيسير" (2/ 122، ط. مكتبة الإمام الشافعي، الرياض): [«الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِأُمَّتِي» أي: الميت في زمنه منهم له أجر شهيد، وإن مات بغير الطاعون] اهـ.

الخلاصة

على ذلك: فإن الصابر على هذا الفيروس الوبائي وهو يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله تعالى له، مسلِّمًا إليه أمره، راضيًا بقضائه وقدره: له أجر شهيد؛ لأن فضل الله تعالى واسع، ونية المرء أبلغ من عمله.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم مصافحة العلماء والصالحين وأهل الفضل ومَنْ تُرْجَى بركتهم بنية التبرك؟


سائل يقول: أرى بعض أصدقائي يقومون بإيذاء وتعذيب الحيوانات الأليفة والتمثيل بهم من باب اللهو. فنرجو منكم بيان رأي الشرع في ذلك.


ما حكم الشُّهرة، وما ضَوابِطُها، وهل منها ما هو مذمومٌ؟


ما حكم تخزين أدوية المناعة المستخدمة في علاج كورونا؛ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من "فيروس كوفيد-19" وفي ضوء ما قامت به وزارة الصحة من وضع بروتوكولات علاج لهذا الفيروس؛ يقوم البعض بتخزين أدوية المناعة وغيرها من الفيتامينات المدرجة ضمن هذه البروتوكولات دون الحاجة إليها تَحسُّبًا لزيادة ثمنها فيما بعد؛ فما حكم هذا التخزين بهذه الكيفية؟


ما حكم انفراد الزوجة بقرار منع الإنجاب بسبب إدمان الزوج؟ فهناك امرأة تمت خطبتها مُدَّة قصيرة مِنَ الزمن، وتمَّ الزواج، وبعد الزواج بوقتٍ قليل ظهر أنَّ الزوجَ يُدمن المخدرات مما أثَّر على المعيشة، وتدخَّل الأهل، وقاموا بمحاولة علاجه في مصحة متخصصة، وتحسنت حالته بعد الخروج منها لمُدة قصيرة، ثُمَّ عَاد لما كان عليه مرة أخرى، ولم يحدث حمل حتى الآن، وتخشى الزوجة من الحمل خوفًا على ولدها؛ فهل يجوز لها شرعًا أن تنفرد بقرار منع الإنجاب؟


يقول السائل: نرجو منكم بيان مدى حرمة التنمر على الغير شرعًا وخطورته اجتماعيًّا.