حكم توقيع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة

تاريخ الفتوى: 06 يونيو 2020 م
رقم الفتوى: 5125
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
حكم توقيع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة

ما حكم توقيع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة؛ حيث قامت كثير من دول العالم -ومنها الدول الإسلامية- بفرض غرامات مالية على مخالفي القرارات والتعليمات الرسمية التي تلزم المواطنين بارتداء الكمامات في المواصلات والمؤسسات الحكومية وغيرها والأسواق والمحلات والبنوك والأماكن المزدحمة، وذلك مع استمرار وباء كورونا في الانتشار واتجاه دول العالم لضرورة التعايش الحذِر معه؛ حفاظًا على المقدرات الاقتصادية وغيرها، فما حكم الشرع في تغريم من يخالف هذه القرارات؟

مثل هذه الغراماتُ المالية إنما هي من باب التعازير الشرعية التي لم يرد بتقديرها نص في الشرع، ومرجع تقديرها إلى السلطة التشريعية، وقد أقرها الشرع الشريف لتحقيق المقاصد الشرعية العليا وضبط النظام العام، والإلزام بدفع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة في المواصلات والمصالح العامة والخاصة هو أمر سائغ شرعًا.

المحتويات

 

مسؤولية ولي الأمر برعاية المحكومين

كلفت الشريعة الإسلامية ولاة الأمر برعاية المحكومين عن طريق الحفاظ على المقاصد الكلية العليا، وأولها وآكدها: حفظ النفس، وخولت لهم -في سبيل تحقيق ما كلفوا به من مسؤولية- أن يسنوا القوانين واللوائح الملزمة التي تكفل ذلك، كما خولت لهم أيضًا وضع العقوبات وتنفيذها على من يخرق هذه القوانين أو يخالف تلك القرارات؛ لما في ترك المخالف دون عقوبة من التجرئة على المخالفة، وفي ذلك ما لا يخفى من ضياع مصالح العباد وانتشار الفساد؛ ولذلك جاء في الأثر: "إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن".

فرض الغرامات للالتزام بوسائل الوقاية

حتى يحصل الانضباط والالتزام بوسائل الوقاية من الوباء في مواطنها المطلوبة فقد ألزمت دول العالم -ومنها مصر- مواطنيها بارتداء الكمامة في مواطن التجمعات والمواصلات والأسواق والمحلات وغيرها مما هو مَظنّةٌ لانتشار العدوى، وأَوقَعت -بالإضافة إلى ذلك- غراماتٍ مالية على المخالفين؛ حتى يحقق القانون الملزم غرضه وغايته في التزام المواطنين بوسائل الوقاية؛ للحفاظ على حياة الناس وسلامة المجتمع، وهذا من باب التعزيرات المالية؛ والتعزيرات هي: العقوبات التي لم يرد نص من الشارع ببيان مقدارها، وترك تقديرها لولاة الأمر، ووظيفتها: حماية الأموال والأخلاق والنظام العام، ويكون ترتيب العقوبات فيها على حسب مقدار الاعتداء على المصالح المعتبرة في الإسلام؛ كما يقرره العلامة محمد أبو زهرة في كتابه "الجريمة والعقوبة في الفقه الإسلامي" (ص: 69، ط. دار الفكر العربي).

مشروعية التعزيرات المالية

عقوبة التغريم المالي من التعزيرات التي أقرها الشرع الشريف، وجاءت بها النصوص:
فعن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «فِي كُلِّ إِبِلٍ سَائِمَةٍ؛ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ لَا تُفَرَّقُ إِبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا، مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا مِنْهُ وَشَطْرَ إِبِلِهِ عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والنسائي في "السنن"، وابن خزيمة في "الصحيح"، والحاكم في "المستدرك"، وقال: حديث صحيح الإسناد.
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنه سئل عن الثمر المعلق؟ فقال: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ غَرَامَةُ مِثْلَيْهِ وَالْعُقُوبَةُ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".
والخُبْنَة: مِعطَف الإزار وطَرَف الثوب، أي: من أكل ولم يأخذ في ثوبه.
وعلى ذلك جرى عمل الصحابة والسلف الصالح رضي الله عنهم:
فعن يحي بن عبد الرحمن بن حاطب: أن أرقاء لحاطبٍ رضي الله عنه سرقوا ناقةً لرجلٍ من مزينةَ فانتحروها، فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأمر كثير بن الصلت رضي الله عنه أن يقطع أيديهم، ثم قال عمر: "إني أراك تُجيعُهم؛ والله لأغرمنَّك غُرْمًا يَشُقُّ عليك"، ثم قال للمزني: "كم ثمن ناقتك؟" قال: أربعمائة درهم، قال عمر: "أعطه ثمانمائة درهم" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" وعنه الإمام الشافعي في "المسند".
وعن أبان بن عثمان: "أن عثمان رضي الله عنه أَغْرَمَ في ناقةِ مُحْرِمٍ أهلكها رجلٌ؛ فأغرمه الثلثَ زيادةً على ثمنها" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".
قال الإمام ابن حزم في "المحلى" (12/ 307، ط. دار الفكر): [ولا يعرف له في ذلك مخالف من الصحابة رضي الله عنهم] اهـ.
ومشروعية التعزيرات المالية هو قول المحققين من الفقهاء عبر الأعصار، وهو المعمول به في سائر الأمصار:
قال العلامة الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (5/ 345، ط. دار الفكر): [وعن أبي يوسف: يجوز التعزير للسلطان بأخذ المال، وعندهما وباقي الأئمة الثلاثة: لا يجوز. وما في "الخلاصة": سمعت من ثقة أن التعزير بأخذ المال إن رأى القاضي ذلك أو الوالي جاز، ومن جملة ذلك: رجل لا يحضر الجماعة، يجوز تعزيره بأخذ ماله. مبني على اختيار من قال بذلك من المشايخ كقول أبي يوسف] اهـ.
وقال العلامة ابن فرحون المالكي في "تبصرة الحكام" (2/ 293، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [والتعزير بالمال: قال به المالكية فيه، ولهم تفصيل ذكرت منه في كتاب الحسبة طرفًا، فمن ذلك: سئل مالك عن اللبن المغشوش أيهراق؟ قال: لا، ولكن أرى أن يتصدق به إذا كان هو الذي غشه. وقال في الزعفران والمسك المغشوش مثل ذلك قليلًا أو كثيرًا، وخالفه ابن القاسم في الكثير. وقال: يباع المسك والزعفران على من لا يغش به ويتصدق بالثمن أدبًا للغاش. مسألة: وأفتى ابن القطان الأندلسي في الملاحف الرديئة النسج بأن تحرق، وأفتى عتاب بتقطيعها والصدقة بها خرقًا.. مسألة: والفاسق إذا آذى جاره ولم ينته، تباع عليه داره وهو عقوبة في المال والبدن] اهـ.
وقال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "المهذب" (3/ 373، ط. دار الكتب العلمية): [من أتى معصية لا حد فيها ولا كفارة.. عزر على حسب ما يراه السلطان] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (6/ 125، ط. دار الكتب العلمية): [(وقال التعزير بالمال سائغ إتلافًا وأخذًا، وقول) الموفق (أبي محمد المقدسي: "لا يجوز أخذ ماله"؛ إشارةٌ منه إلى ما يفعله الحكام الظلمة. والتعزير يكون على فعل المحرمات، و) على (ترك الواجبات)] اهـ.
وهذا هو الذي اعتمدته الدول الإسلامية في تشريعاتها وقوانينها؛ ومنها: قانون العقوبات المصري في مادته (22)، التي نصَّت على أن العقوبة بالغرامة إلزام للمحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدَّر في الحكم، وبيَّن القانونُ حدودَ الغرامات المختلفة.

توجيه منع بعض الفقهاء للتعزير المالي

أما من منع من الفقهاء التعزيرَ بالمال: فإنما منعوه سدًّا لذريعة الاستيلاء على أموال الناس بالباطل والمكوس الظالمة، أو خوفًا من تزيد بعض القضاة في مقادير التعزيرات، أو منعوه في مواطن الشبهة، أو في أزمنة ازدياد الظلم.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في حاشيته على "درر الحكام" (2/ 75، ط. دار إحياء التراث): [ولا يفتى بهذا؛ لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس فيأكلونه] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية الحنبلي في "الاختيارات الفقهية" (ص: 601، ط. دار المعرفة): [والتعزير بالمال سائغ إتلافًا وأخذًا، وهو جار على أصل أحمد؛ لأنه لم يختلف أصحابه أن العقوبات في الأموال غير منسوخة كلها، وقول الشيخ أبي محمد المقدسي: (ولا يجوز أخذ مال المعزَّر) فإشارة منه إلى ما يفعله الولاة الظلمة] اهـ.
وهذا كله إنما يظهر أثره في أنماط الحكم المركزي الفردي، وفي إناطة مقدار العقوبة باجتهاد القاضي دون نصوص قانونية أو قرارات ملزمة أو إرشادات معلومة مسبقًا، أما في الدولة المدنية الحديثة ذات المؤسسات المستقلة والسلطات المنفصلة المتكاملة وهيئات الرقابة: فالأمر يختلف؛ ذلك أن نظم الحكم في الدول الحديثة يرتبط فيها الدعم الحكومي بالضرائب والغرامات، وتُوفَّرُ فيها الخدمات والمرافق العامة والتأمين الصحي للمواطنين في مقابل ما يُستَقْطَعُ مِن دُخولهم المادية، وتستقل فيها السلطات: تشريعيةً، وقضائيةً، وتنفيذيةً؛ بما يؤدي إلى انتفاء هذه المخاوف أو تقليلها.

الأثر المترتب على مخالفة تعليمات الوقاية

كما أن مخالفة القوانين والقرارات والتعليمات الحكومية تجرُّ على الدولة تكاليف مادية باهظة -بشكل مباشر أو غير مباشر-، وهذا يظهر هنا في تكاليف العلاج الكبيرة وتجهيزات مستشفيات العزل الباهظة التي تنتج عن إهمال وسائل الوقاية وتكاثر حالات المرض وازدياد المصابين بعدوى الوباء؛ مما يتناسب مع الغرامة المالية التي يُلزَم بها المخالفون بتسببهم المباشر وغير المباشر في ذلك، حيث جاءت تنبيهات منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة المصرية بضرورة ارتداء الكمامة في زمن انتشار الوباء، وأن التهاون في ذلك يزيد من فرص انتشار العدوى ويعرض حياة الكثيرين للخطر.
وإذا كانت حاجة الإنسان الضرورية في الحفاظ على حياته ومهجته تبيح له الأخذ من أموال الناس: شرعًا؛ كما يقتضيه قوله تعالى: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾ [البقرة: 173]، وترفع عنه العقاب قانونًا؛ كما جاء في المادة (61) من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937م من أنه: [لا عقاب على من ارتكب جريمة ألجأته إلى ارتكابها ضرورة وقاية نفسه أو غيره من خطر جسيم على النفس على وشك الوقوع به أو بغيره، ولم يكن لإرادته دخل في حلوله، ولا في قدرته منعُه بطريقةٍ أخرى]، فإن المصلحة العامة في الحفاظ على حياة المواطنين، تبيح -من باب أولى- تغريم المخالفين المتهاونين؛ لتفريطهم في الحفاظ على سلامة نفوسهم ونفوس الآخرين.
قال الإمام العز بن عبد السلام في كتابه "قواعد الأحكام" (2/ 188، ط. مكتبة الكليات الأزهرية): [المصلحة العامة كالضرورة الخاصة، ولو دعت ضرورة واحد إلى غصب أموال الناس لجاز له ذلك، بل يجب عليه إذا خاف الهلاك لجوع أو حر أو برد، وإذا وجب هذا لإحياء نفس واحدة، فما الظن بإحياء نفوس!] اهـ.
ولا يخفى ما في التعايش مع الوباء من ضرورة أن تصبح الإجراءات الوقائية ثقافة سائدة في مزاولة حياتنا في التجمعات، والأسواق والمواصلات، وفي التعامل مع الناس في كافة الجهات؛ فلا يرتبط تنفيذها بتوقع العقوبة القانونية على تركها، بل تكون أسلوبًا للحياة في هذه الظروف، بعد أن ثبت أنها تحقق سلامة الإنسان في نفسه وسلامة الناس من حوله، وكل ذلك مأمور به شرعًا، فصار الالتزام بذلك عبادة دينية وواجبًا شرعيًّا؛ لأنه يتوصل به إلى حفظ النفس، وهو مقصد شرعي مرعي، والوسائل لها أحكام الغايات، فإذا نوى الإنسان بها ذلك نال ثواب إحياء الناس جميعًا؛ كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المـــائدة: 32].

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فكما جعل الشرع من سلطة الحكام وضع القوانين والقرارات والتعليمات الملزمة في سبيل تحقيق ما كُلِّفوا به من تحقيق المقاصد الشرعية العليا وضبط النظام العام، فقد خول لهم أيضًا وضع العقوبات الملائمة على مخالفة القوانين حسبما يترتب على خرقها من ضرر؛ حتى يضمن تنفيذها والتزام الناس بها، ويكفل تحقيق مسؤوليتهم في رعاية مصالح المحكومين، والغراماتُ المالية هي من باب التعازير التي لم يرد بها نص في الشرع، ومرجع تقديرها إلى السلطة التشريعية، وقد أقرها الشرع الشريف، وجاءت بها سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وجرى عليها عمل الصحابة رضي الله عنهم بلا مخالف، وقال بها المحققون من الفقهاء، وهو الذي اعتمدته الدول الإسلامية في قوانينها قديما وحديثًا ومنها مصر، والذين منعوه من الفقهاء إنما أرادوا بمنعه سد ذريعة الاستيلاء على أموال الناس بالباطل، وهذا يظهر أثره في نظم الحكم القديمة وعند التقدير الفردي المطلق للغرامة دون نصوص قانونية موجهة، أما في نظام الحكم الحديث ودولة المؤسسات، التي ترتبط فيها الخدمات والدعم والتأمين الصحي بالضرائب والغرامات، وتستقل فيه السلطات: فالأمر مختلف؛ إذ لا يصبح التغريم مكسًا، ولا تعود أخذ المال ظلمًا.
هذا بالإضافة إلى أن مخالفة القوانين تؤدي عادةً إلى الأعباء المالية الهائلة على الدولة؛ كما يظهر هنا في ازدياد الأعباء، لازدياد الأعداد المصابة بالوباء، وفي التجهيزات المضاعفة لاستقبال المصابين، مما يسببه إهمال وسائل الوقاية وإجراءات الحماية، وهذا يجعل الغرامات المالية التي توقع على المخالفين مناسبة لتبعة مخالفتهم وآثار إهمالهم.
فالإلزام بدفع الغرامة لمن لم يرتد الكمامة في المواصلات والمصالح العامة والخاصة والأسواق والمحلات والبنوك ونحوها هو أمر سائغ شرعًا، وعلى المواطنين أن ينووا بلبس الكمامة الحفاظ على نفوسهم ونفوس من حولهم؛ طاعة لله باتخاذ الأسباب، واحتسابًا للأجر والثواب، دون توقف على الغرامات والعقوبات.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم التعقيم بالكحول وأثره في الطهارة؛ ففي ظل ما يعيشه العالم في هذه الآونة من خوف انتشار عدوى وباء كورونا، انتشرت بين الناس مواد التعقيم؛ كالكلور، والكحول، وصارت تعقم بها المساجد وبيوت العبادة؛ تأمينًا ووقاية لها من انتشار العدوى، كما صار الكثير من الناس يحرصون على تعقيم أيديهم عقب الوضوء، فخرج بعضهم يدعي أن ذلك حرام؛ لأن فيه تنجيسًا للمساجد، ووضعًا للنجاسة على اليد بعد الوضوء؛ بدعوى أن الكحول خمر، وأن الخمر نجسة، والصلاة يشترط فيها طهارة البدن والثوب والمكان. فما هو الحكم الصحيح في ذلك؟


ما حكم ألعاب الفيديو العنيف للأطفال؛ حيث تشغل قضية تنشئة الطفل المصري جانبًا كبيرًا من اهتمام الدولة على اعتبار أنَّ الطفل المصري هو رجل المستقبل، ونتيجة لازدياد العنف والعدوان بين الأطفال؛ نتيجةً للمؤثرات الخارجية، وما يجري حول الطفل من التعرض لثقافات خارجية تؤثر عليه وتضره ضررًا بالغًا، وألعاب الفيديو المنتشرة حاليًّا بشكل يثير القلق؛ لما تجلبه من عدوان وصراع وتضييع للوقت والمجهود والمال ولهوٍ عن ذكر الله، علاوة على الألفاظ البذيئة والشتائم ولعب القمار على هذه الألعاب العنيفة الخارجة عن ثقافتنا الإسلامية والتي تدعو للفساد والشجار، وبالتالي لا بد من حماية الطفل المصري من هذا الإسفاف الخطير، وأن يكون هناك اهتمام أكبر بكتاتيب تحفيظ القرآن الكريم للأطفال. ويطلب السائل فتوى شرعية تبين حكم هذه الألعاب العنيفة التي لا تمت لثقافتنا العربية بأي صلة.


ما حكم بناء المسجد على المقابر المندرسة؟ فعندنا مسجد يضيق بالمصلين ولا توجد به دورة مياه، فقام أهل الحي بتوسيعه ليكون مسجدًا جامعًا يتسع للمصلين وتكون به دورة مياه، ولا يوجد مكان في هذا الحي إلا في البقعة المجاورة للمقبرة الموضحة بخريطة المسجد المرفقة مع نص السؤال، وهذه البقعة خالية وليس بها قبور ولم يثبت أنه دُفِن فيها أحدٌ بالفعل؛ حيث إن أهل الحي منعوا من الدفن في هذه البقعة وقاموا منذ زمن طويل بوضع ثلاثة حواجز لِمنع الدفن فيها نتيجة للرائحة التي يتأذى بها أهل الحي، كما كانت توجد بئر قديمة يسقي منها أهل الحي حدائقهم، ولم يكن يوصَل إلى هذه البئر إلا من خلال المرور بهذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد الآن، والبئر الآن مهجورة، وهذه البقعة بها ثلاث مغارات كان يلجأ إليها أهل الحي عند نزول المطر والغارات الجوية فيما مضى، ولم يكن يوصَل إلى هذه المغارات إلا من خلال المرور بها؛ مما يدل على عدم وجود مقابر في هذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد.
علمًا بأن المغارات الثلاث والبئر القديمة ومكان الحواجز الثلاث والمكان الذي بُنِيَ فيه المسجد على هيئة هضبة مجاورة للمقبرة؛ أعلاها يبدأ من البئر القديمة ثم تنحدر هذه الهضبة وتنتهي عند الطريق العمومي كما هو موضح بالخريطة.
كما نوضح لفضيلتكم أن الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد الآن ليست من جنس أرض المقابر؛ لأنها كانت قبل بناء المسجد عليها مرتفعةً عن بقية أرض المقبرة كما سبق توضيحه، وقد تم تجريف هذا الارتفاع من الأرض وتسويته تمامًا بالجرافات الآلية، ونُقِلت التربة بعربات النقل حتى أصبحت الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد مثلَ غيرها من الأرضين وخرجت عن كونها أرض مقبرة مع عدم ثبوت الدفن فيها، وبعد تسويتها قمنا بوضع قواعد خراسانية فيها ثم رُدِمَت هذه القواعد بتربة رملية، وقد تم بناء المسجد اعتمادًا على المعطيات السابقة والمعلومات الموضحة بالخريطة المرفقة:
أولًا: المسجد محاط بالمقابر من جهتين؛ الشرقية بأكملها تجاه القبلة، والجنوبية بأكملها كما بالخريطة.
ثانيًا: قبل بناء المسجد ترك مُشيِّدوه مسافة على هيئة طريق مسلوك يعتبر فاصلًا بين المسجد والمقبرة؛ أضيقه ثلاثة أمثار وأوسعه ستة أمتار وذلك موضح بالخريطة المرفقة مع نص السؤال.
وبعد ذلك كله فوجئنا بمن امتنع عن الصلاة في هذا المسجد بدعوى أن الأرض التي بُنِيَ المسجد عليها وقفٌ للمقبرة، والمقبرة أقدم من المسجد من حيث المكان، فاعتبروا بذلك أن المسجد مبني على أرض المقبرة، كما جعلوا المجاورة الشديدة بين المسجد والمقبرة من اتخاذ القبور مساجد، واستندوا إلى العظام والرميم التي وُجِدَت أثناء حفر السور وذكروا أنهم سمعوا سائقَ الجرَّافة أو أحد سائقي عربات النقل يذكر أنه رأى عظامًا أثناء تجريف الأرض، وأبدوا احتمالًا بوجود قبر آخر بداخل السور محاذٍ للقبر الذي هو خارج السور المشار إليه برقم (1) في الخريطة، وأنه يمكن أن يكون قد تم نبشه عن طريق الجرافة من غير أن يعلم أحد.
وقد تقصينا الأمر في ذلك وخرجنا بالنتائج التالية:
الأرض التي تم بناء المسجد عليها ليست وقفًا للمقبرة؛ لأنه لم يثبت عندنا لأحد من أهل الحي خاصة وأهل البلد عامة ملك أحد منهم لهذه الأرض، وليس هناك حجة أو قرينة تثبت ذلك من قريب أو بعيد.
أما العظام التي وُجِدت أثناء حفر السور فقد وُجِدَت بعد الانتهاء من بناء المسجد وفي غير المكان الذي بُنِيَ فيه بل في مكان يبعد عنه ستة أمتار كما هو موضح بالخريطة وذلك عند بناء السور الذي يفصل المقبرة عن الطريق والمسجد وليس في البقعة التي تم إحلالها وبناء المسجد فيها، وأما احتمال وجود قبر داخل السور تم نبشه فلم نجد ما يؤيده.
وسألنا سائق الجرَّافة عما نقلوه عنه فأنكر صدوره منه، وأنكر أنه رأى أي رميم أو عظام أثناء قيامه بتجريف الأرض، وحتى على فرض أن أحدًا رأى شيئًا فإن هذه الأرض التي بني فيها المسجد كانت خربة وكان بعض أهل الحي يدفنون فيها بهائمهم الميتة.
فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وهل تدخل توسعته بذلك في اتخاذ القبور مساجد؟


كثير من العمال باليومية في المهن المختلفة تأثرت دخولهم وظروفهم المعيشية في ظل ظروف الخوف من تفشي مرض "كورونا"، فهل يجوز إخراج الزكاة لهؤلاء، واعتبارهم من مصارف الزكاة المعتبرة؟ 


البريد الوارد من/ رئيس جامعة القاهرة، والمتضمن: نرجو من سيادتكم التكرم بإبداء الرأي الشرعي فيما تعتزم جامعة القاهرة القيام به كما يلي:
أولًا: من حيث إنه قد انتشرت في مباني الجامعة في السنوات الأخيرة اتخاذ بعض الأماكن كمصلى؛ وهي أماكن محدودة المساحة حيث لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تتوافر لها الشروط الشرعية من حيث توافر أماكن للوضوء وقضاء الحاجة، فضلًا عن استخدامها من بعض الطلاب المنتمين إلى الجماعات المتطرفة لبث أفكارهم بين الطلاب والعاملين حين يذهبون إلى الصلاة فيها، وقد عزمت الجامعة على بناء مسجد جامع في وسط الحرم الجامعي للبنين وآخر للبنات مع مرافقهما على أحدث طراز بما يسهل على الطلاب والعاملين وأعضاء هيئة التدريس أداء الفريضة، وسيندب له إمام ومقيم شعائر ومؤذن من وزارة الأوقاف؛ وذلك ضبطًا للخطاب الديني الذي يقدم فيه، وستقوم الجامعة بإغلاق كل هذه الأماكن غير المؤهلة بحسب خواصها وما أهِّلَت له لتكون مسجدًا.
ثانيًا: أقامت الجامعة بالمدينة الجامعية مسجدًا كبيرًا يسع أكثر من ألفي مصلٍّ، ورغم ذلك انتشرت في مباني المدينة الجامعية مصليات تقام فيها صلاة الجماعة ولا يذهب الطلاب للصلاة في المسجد؛ فهل يجوز للجامعة إغلاق هذه المصليات وحمل الطلاب على الصلاة في المسجد الجامع بالمدينة الجامعية، والذي لا يبتعد عن المباني السكنية غير عشرات الأمتار؛ وذلك تعظيمًا لفكرة الصلاة الجامعة في المسجد، وحضًّا على المشي للمسجد وعمارته، وإغلاقًا لبابٍ تستخدم فيه هذه المصليات المتناثرة في نشر الأفكار المتطرفة بين الطلاب بالمدينة الجامعية.


ما حكم التباعد بين المصلين في صلاة الجماعة خوفا من عدوى كورونا؟ فقد انتشرت مقاطع فيديو لصلوات الجماعة في المسجد الأقصى وبعض مساجد المسلمين في صفوف متباعدة، مع التباعد الكافي بين المصلين (متر فأكثر) من جميع الجهات، واستقلال كل مصل بسجادته الخاصة به، وذلك قبل أن تصدر القرارات بتأجيل إقامة الجُمَع والجماعات احترازًا من انتشار عدوى كورونا. فهل هذه الهيئة تنافي معنى تسوية الصفوف المأمور بها؟ وهل إذا تباعدت الصفوف واتسعت أثَّر ذلك في حصول الاقتداء؟ وما حكم صلاة الجماعة على هذا النحو؟ أفيدونا أفادكم الله.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 08 أبريل 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :36
الظهر
11 : 57
العصر
3:30
المغرب
6 : 18
العشاء
7 :38