تغسيل الزوجة زوجها المتوفى بسبب كورونا

تاريخ الفتوى: 28 أغسطس 2020 م
رقم الفتوى: 5083
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: مستجدات ونوازل
تغسيل الزوجة زوجها المتوفى بسبب كورونا

ما هو الحكم الشرعي لقيام الزوجة بتغسيل زوجها المتوفى بوباء كورونا المستجد، وذلك في بعض الحالات التي لا يوجد فيها من الرجال من يغسله، أو لخوف بعضهم من العدوى؟

يجوز للزوجة تغسيل زوجها؛ سواء وجد من يغسله أو لم يوجد، وذلك بإجماع الفقهاء، وسواء كان الوفاة بسبب وباء الكورونا أو بأي سبب آخر، مع التنبيه الأكيد على وجوب أخذ المُغَسل للتدابير والإجراءات الوقائية اللازمة؛ تحرزًا من عدوى الوباء؛ حفاظا على صحته وحياته.

المحتويات 

 

بيان حكم تغسيل الميت والحكمة من ذلك

فرض الله غُسْل الميت تنظيفًا لجسده، وجاءت الشريعة بذلك؛ تكريمًا للإنسان، وتفضيلًا له على سائر المخلوقات، وغُسل الميت فرض كفاية بالإجماع؛ إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين؛ جاء في "المجموع" للإمام النووي (5/ 128، ط. دار الفكر): [وغسل الميت فرض كفاية بإجماع المسلمين، ومعنى فرض الكفاية: أنه إذا فعله من فيه كفاية سقط الحرج عن الباقين، وإن تركوه كلهم أثموا كلهم] اهـ.
والأصل في غُسل الرجل أن يُغسله الرجال، وذلك لأن النظر إلى العورة منهي عنه شرعًا؛ لقول الله تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارهمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجهمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُم﴾ [النور: 30]، وإنما جاز للرجل تغسيل الرجل لأنه من نفس جنسه، وكذلك المرأة يجوز لها تغسيل المرأة؛ لأنها من جنسها؛ قال الإمام الكاساني الحنفي في "البدائع" (1/ 304، ط. دار الكتب): [الجنس يغسل الجنس، فيغسل الذكر الذكر، والأنثى الأنثى؛ لأن حِلَّ المس مِن غير شهوة ثابت للجنس حالة الحياة، فكذا بعد الموت] اهـ.
وقال الإمام ابن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (1/ 183، ط. دار الغرب الإسلامي): [والمشروع أن يغسل الرجال الرجال، والنساء النساء] اهـ.
وهذا الأصل قد اتفق الفقهاء على تقديمه على غيره؛ قال الإمام ابن جزي الغرناطي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 63): [يغسل الرجل الرجل وَالْمَرْأَة الْمَرْأَة اتِّفَاقًا] اهـ.

حكم تغسيل المرأة لزوجها المتوفى والأدلة على ذلك

أما تغسيل المرأة لزوجها: فقد أجمع الفقهاء على جوازه؛ سواء دعت إليه ضرورة أم لا.
جاء في "الجامع لمسائل المدونة" (3/ 1014، ط. دار الفكر للطباعة): [أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات] اهـ.
وقال الإمام ابن المنذر في "الإجماع" (44/ 78، ط. دار المسلم): [وأجمعوا على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات] اهـ.
واستدلوا على ذلك بحديث السيدة عائشة رضي الله عنها: "لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنَ الْأَمْرِ مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِلَّا نِسَاؤُهُ" رواه الإمام الشافعي وأحمد والطيالسي وأبو يعلى في "المسند"، وأبو داود وابن ماجه في "السنن"، وابن الجارود في "المنتقى"، وصححه ابن حبان والحاكم.
واستدلوا أيضا أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه غسلته امرأته أسماء بن عُمَيْسٍ رضي الله عنهما، وأن أبا موسى الأشعري غسلته امرأته أم عبد الله رضي الله عنهما. قال الثوري: "تغسل المرأة زوجها؛ لأنها في عدة منه" أخرجه عبد الرزاق، وابن أبي شيبة في "مصنفيهما".

نصوص الفقهاء الواردة في هذه المسألة

نص الحنفية على جواز تغسيل الزوجة لزوجها ما دامت في العدة من وفاة الزوج، أو من الطلاق الرجعي، فإن كانت مطلقة طلاقًا بائنًا، ثم مات وهي في العدة: لم يجز لها غسله؛ لأن النكاح ارتفع بكونها مُبانةً منه؛ جاء في "تحفة الفقهاء" (1/ 240، ط. دار الكتب): [فأما إذا كانا زوجين فالزوجة المعتدة بسبب الموت يحل لها غسل الزوج بالإجماع] اهـ.
وسواء دخل الزوج بزوجته أم لا، فإنه يجوز للزوجة تغسيل زوجها بشرط: أن تكون الزوجية باقية عند الغسل؛ قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 188، ط. دار الكتاب الإسلامي): [الزوجة تغسل زوجها دخل بها أو لا، بشرط بقاء الزوجية عند الغسل، حتى لو كانت مبانة بالطلاق وهي في العدة] اهـ.
وهذا الجواز مقيد بكون الزوجية قائمة حتى الوفاة، أو كانت معتدة من طلاق رجعي، أو كان مظاهرًا لها بشرط عدم انقضاء عدتها؛ لبقاء النكاح ببقاء العدة.
قال العلامة الشرنبلالي الحنفي في "مراقي الفلاح" (ص: 215، ط. المكتبة العصرية): [والمرأة تغسل زوجها ولو معتدة من رجعي أو ظهار منها في الأظهر، أو إيلاء؛ لحل مسه والنظر إليه ببقاء العدة] اهـ.
وعند المالكية يجوز للزوجة تغسيل زوجها مطلقًا؛ سواء كانت في الحضر، أو كانت على سفر، حتى مع وجود من يغسله من الرجال؛ قال الإمام ابن رشد القرطبي المالكي في "البيان والتحصيل" (2/ 262، ط. دار الغرب الإسلامي): [قال ابن القاسم: والمرأة تغسل زوجها، والزوج يغسل امرأته في الحضر والسفر، وهو قياس قول مالك، وأما الحضر والإقامة فهو قول مالك، قال: تغسل المرأة زوجها، والزوج يغسل امرأته] اهـ.
وعند الشافعية تُغسل الزوجة زوجها؛ قال العلامة الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 12، ط. دار الكتب): [وهي تغسل زوجها بالإجماع] اهـ.
وعند الحنابلة يجوز للمرأة أن تغسل زوجها، وهو المنصوص عليه؛ جاء في "مختصر الخرقي" (ص: 39، ط. دار الصحابة): [وتغسل المرأة زوجها] اهـ.
وجاء في "شرح الزركشي" (2/ 336، ط. دار العبيكان): [وتغسل المرأة زوجها: هذا هو المشهور المنصوص، الذي قطع به جمهور الأصحاب، وقد حكاه الإمام أحمد، وابن المنذر، وابن عبد البر إجماعًا] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يجوز للزوجة تغسيل زوجها؛ سواء وجد من يغسله أو لم يوجد، وذلك بإجماع الفقهاء، وسواء كان الوفاة بسبب وباء الكورونا أو بأي سبب آخر، مع التنبيه الأكيد على وجوب أخذ المُغَسل للتدابير والإجراءات الوقائية اللازمة؛ تحرزًا من عدوى الوباء؛ حفاظا على صحته وحياته.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

تُوفيت والدتي بفيروس كورونا المستجد، وقام العاملون بمستشفى العزل بتجهيزها والصلاة عليها، ثم تسليمها لنا لدفنها، فأخذناها وصلينا عليها مرة ثانية، فما حكم هذه الصلاة الثانية؟


ما حكم إعطاء العمالة اليومية من الزكاة والصدقات في زمن الوباء؟ وذلك نظرًا لانتشار وباء فيروس كورونا، وطبقًا لإجراءات السلامة من الإصابة بالوباء، وأمام التعليمات الواضحة للدولة بالتزام حظر التجول للوقاية من العدوى، التزم الناس بيوتهم، وقلّلوا أعمالهم، وأُجّلوا مصالحهم، مما اضطر المواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية) إلى الجلوس في البيوت، واشتدت أحوال كثير منهم حتى صاروا عُرضة لاستغلال المغرضين لهم ضد إجراءات الدولة الوقائية وتعليماتها الرسمية، ومثلهم أصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوي الدخول المحدودة.
فما واجب المجتمع تجاه هذا القطاع الواسع من المواطنين؟ وهل يجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة إعانةً لهم على رعايةِ أسرهم وكفاية أهليهم، وسد حاجاتهم وحاجات ذويهم؟


ما حكم تمثيل الآيات القرآنية بصور توضيحية لها؛ فلما كانت الصورة أوقع في النفس وأثبت في الذهن وأقرب إلى الأفهام عادة من الكلمة المقروءة التي ربما يستعصي فهمُها على آحاد الناس أو صغارهم، فقد بذلنا جهدنا في محاولة لتقريب فهم القرآن على هذه الطائفة من الناس؛ وذلك عن طريق كتابة الآية مقرونة بصورة توضيحية لها، على أن تكون الصورة متسقة مع مقررات الشريعة العامة ومقاصدها ومراعية حكم الإسلام في التصوير. فهل ما نفعله هذا يعد موافقًا للشرع الحنيف وروحه الذي جاء بالتيسير، أم أنه يتصادم مع نص شرعي أو إجماع أو اجتهاد معتبر؟


ما حكم الإفطار في شهر رمضان لعموم المرضى، خاصَّة في هذه الظروف التي تفشَّى فيها وباء كورونا المستجد؟


هل توجد دولة بعد الخلافة العثمانية تعدُّ دولة إسلامية، وما حكم طاعة الحكام في هذه الحالة؟


ما حكم التطعيم بلقاح كورونا؛ فقد ورد طلب مُقدَّم من معالي السيد/ وزير الشؤون الإسلامية بماليزيا، والمتضمن:
توافقًا وتماشيًا مع القضايا الفقهية المستجدة المعاصرة لواقعنا، وانطلاقًا من قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43]، تلتمس وزارة الشئون الإسلامية بماليزيا تبيين وتوضيح أحكام جائحة (كوفيد-19) كورونا المستجد، ومع ترقب إطلاق لقاح فيروس (كوفيد-19)، وما له من أهمية وأثر بالغين، وحيث إن موضوع الحل والحرمة أمر حساس، وله شأن كبير لدى المسلمين عامة، والماليزيين خاصة؛ فإننا نلتمس من دار الإفتاء المصرية المحترمة موافاتنا بحكم استخدام اللقاح بشكل فقهيٍّ منضبط ومؤصل، وذلك حرصًا لخدمة الدين الحنيف، ومواءمة لروح العصر وأحكامه؟ شاكرين لكم حسن إسهامكم لخدمة دين الله وأحكامه، ومشاركتكم لنا في ذلك.