هل يجوز الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا المستجد من غير المسلمين من أبناء وطننا؟ أو من بلدان العالم؟
يجوز للمسلم الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين أن يكشف الله عنهم البلاء ويصرف الوباء، رحمةً بالخلق وإحسانًا إليهم، بغض النظر عن الدين والمعتقد؛ فإن البشر كلهم إخوة في الإنسانية، وقد جاءت الشريعة بصلة غير المسلمين والبر بهم والدعاء لهم بالصحة والشفاء وتكثير المال والولد ورفع العقوبات والبلايا الدنيوية؛ فإن الإسلام رحمة للعالمين جميعًا، وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب المتبوعة، بالإضافة إلى ما دعت إليه الشريعة من غوث الملهوفين وكشف كرب المكروبين أيا ما كانت أديانهم؛ حتى أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة على رقية غير المسلمين، ويزداد تأكد ذلك للمواطنين من أبناء البلد الواحد؛ فإن ازدياد الروابط يستوجب تأكد الحقوق، فيتأكد حينئذ الدعاء لغير المسلمين من المواطنين بالشفاء والعافية، وأن يحفظ الله تعالى بمنه البلاد والعباد من المرض والوباء والبلاء.
المحتويات
دعا الإسلام إلى مبدأ التعايش مع جميع الناس بمختلف أجناسهم وأعراقهم وألوانهم، وانتماءاتهم وطوائفهم وأديانهم؛ حيثُ كانت الغاية الأساس من التنوع البشري والتعدد الإنساني هو التعارُف لا التناكر، والتكامل لا التصارع؛ كما قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ [الحجرات: 13]، وأخبر سبحانه وتعالى أنه لو شاء لخلق عباده على ملة واحدة وسَنَنٍ واحد، ولكن جرت سنته في الخلق على التنوع والاختلاف، واقتضت حكمته استمرار ذلك حتى يرث الأرض ومن عليها؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ﴾ [هود: 118-119]، وقال جل شأنه: ﴿وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 99].
كما أخبر سبحانه أن الاختلاف في الأديان يستوجب التعاون بين بني الإنسان، ويتطلب التنافس في حسن المعاملة وفعل الخير، وأن يظهر أهل كل دين جمال ما عندهم من القِيَم والأخلاق، وأن الله هو الذي سيفصل يوم القيامة بين الجميع في أمر اختلافهم؛ فقال تعالى: ﴿وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ﴾ [البقرة: 148]، وقال سبحانه: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48].
البشر كلهم إخوة في الإنسانية؛ قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.
وجاء في كتاب سيدنا علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لمالك بن الأشتر النخعي الذي وجهه به إلى أهل مصر من "التذكرة الحمدونية" (1/ 316-317، ط. دار صادر): [وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سَبُعًا ضاريًا تغتنم أكلهم؛ فإنّهم صنفان: إمّا أخ لك في الدين، أو نظير لك في الخَلْق، يفرط منهم الزلل، وتعرض لهم العلل، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطأ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه؛ فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، والله فوق من ولاك! وقد استكفاك أمرهم، وابتلاك بهم] اهـ.
وصى المولى بالإحسان إلى أهل الكتاب؛ فقال سبحانه: ﴿وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ [العنكبوت: 46]، وأمر بالبر وحسن المعاملة مع من سالمنا من غير المسلمين؛ فقال سبحانه: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8]، فالآية تقرر مبدأ التعايش، وتبين أن صلة غير المسلمين، وبِرَّهم، والإحسان إليهم، من الأمور المستحبة شرعًا.
من مظاهر الإحسان لغير المسلمين: الدعاء لهم بما يصلح دنياهم ويقيم معاشهم؛ من الصحة والشفاء من الأمراض وتكثير المال والولد؛ لِما فيه من معاني الرحمة والشفقة على الخَلْق، والإسلام دين السلام والرحمة والأمان للبشرية جميعًا؛ قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107]، وقال سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ [القلم: 4]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ» رواه الحاكم في "المستدرك".
وكانت رحمة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عامةً شاملةً للعالمين جميعًا؛ لا تختص بعرق دون عرق، ولا بلون على لون، ولا بدين عن دين، بل كانت رحمة لكل البشر، وكان يأمر الناس بذلك، ويجعل دخول الجنة موقوفًا على ذلك:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا رَحِيمٌ»، قلنا: كلُّنا رحيمٌ يا رسول الله، قال: «لَيْسَتِ الرَّحْمَةُ أَنْ يَرْحَمَ أَحَدُكُمْ خَاصَّتَهُ؛ حَتَّى يَرْحَمَ الْعَامَّةَ، وَيَتَوَجَّعَ لِلْعَامَّةِ» رواه عَبدُ بنُ حُمَيد في "مسنده".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يَضَعُ اللهُ رَحْمَتَهُ إِلَّا عَلَى رَحِيمٍ»، قلنا: يا رسول الله، فكلُّنا رحيمٌ، قال: «لَيْسَ الَّذِي يَرْحَمُ نَفْسَهُ خَاصَّةً، وَلَكِنِ الَّذِي يَرْحَمُ النَّاسَ عَامَّةً» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
وقد دعا النبي صلى الله عليه وآله وسلم والسلف الصالح من بعده لغير المسلمين بالصحة وطول العمر وكثرة المال والولد:
فعن إبراهيم النخعي قال: جاء يهودي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: اُدْعُ الله لي، فقال: «كَثَّرَ اللهُ مَالَكَ، وَوَلَدَكَ، وَأَصَحَّ جِسْمَكَ، وَأَطَالَ عُمُرَكَ» أخرجه ابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن إبراهيم النخعي قال: "لا بأس أن يقول لليهودي والنصراني: هداك الله".
وعن قتادة أن يهوديًّا حلب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ناقة، فقال: «اللهم جمِّله»، فاسوَدَّ شعره. أخرجهما ابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لرجل نصراني: "أكثرَ اللهُ مالَكَ وَوَلَدَكَ" رواه الدينوري في "المجالسة"، والبيهقي في "شعب الإيمان".
وعقد الإمام البخاري أيضًا في "الأدب المفرد" بابًا أسماه: (كيف يدعو للذمي؟)، وأسند فيه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه: أنه دعا لرجل نصراني؛ فقال: "أطال الله حياتك، وأكثر مالك، وولدك".
وقد نص فقهاء المذاهب المعتمدة على جواز الدعاء لغير المسلم بالصحة والعافية ونحو ذلك مما يصلح به دنياه:
قال العلامة إسماعيل حقي الحنفي في "روح البيان" (2/ 253، ط. دار الفكر): [ولا بأس بالدعاء للكافر والذمي بما يصلحه في دنياه، قال ابن الملك: "الدعاء لأهل الكتاب بمقابلة إحسانهم غير ممنوع"] اهـ.
وقال العلامة عليش المالكي في "فتح العلي المالك" (2/ 350، ط. دار المعرفة): [لا يرتد الرجل بقوله لنصراني: أحياك الله لكل عام؛ حيث لم يقصد به تعظيم الكفر ولا رضي به] اهـ.
وقال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (2/ 88، ط. دار إحياء التراث العربي): [ويجوز الدعاء للكافر بنحو صحة البدن والهداية] اهـ.
وقال الحافظ زين الدين المناوي في "فيض القدير" (1/ 345، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [ويجوز الدعاء للكافر أيضًا؛ بنحو هداية، وصحة، وعافية] اهـ.
وقد دعت الشريعة إلى غوث الملهوف وكشف الكرب عن المكروب أيا ما كان دينه أو معتقده، بل استحبت ذلك للحيوان أيضًا؛ حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» متفق عليه.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إقرار الصحابة على رقياهم لغير المسلمين من أمراضهم؛ وفي هذا دليل على سعي المسلم في علاج الناس جميعًا؛ مسلمين وغير مسلمين، واحتسابه في ذلك الأجر والثواب من رب الأرباب.
ففي "الصحيحين" من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نفرًا من الصحابة نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدِغ سيد ذلك الحي، فرقاه أحد الصحابة على جعل من الغنم؛ فانطلق يتفل عليه ويقرأ ﴿الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ فكأنما نشط من عقال؛ فشُفِيَ الرجل، فأوفوهم جُعْلَهم الذي صالحوهم عليه، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكروا له، فقال: «وَمَا يدْريك أَنَّهَا رُقْيَةٌ! قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا، وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا» فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال الإمام السراج ابن الملقن الشافعي في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (24/ 67): [فإن قلت: كيف شفي الكافر برقية أبي سعيد رضي الله عنه بالفاتحة، وقد قال تعالى: ﴿وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [الإسراء: 82]؟ قلت: الرحمة إنما جعلت لهم؛ لأنهم كانوا في مخمصة، فانتفعوا بها] اهـ.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الدعاء بالمغفرة لغير المسلمين من قومه صلى الله عليه وآله وسلم؛ فمن العلماء من حمله على معنى الدعاء بالهداية المؤدية للمغفرة، ومن العلماء من فسره بالمغفرة التي تصرف عنهم عقوبات الدنيا وبلاياها.
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحكي نبيًّا من الأنبياء، ضربه قومه فأدمَوْه، فهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ» متفق عليه.
قال الإمـــام الطحـــاوي الحنفي (ت321هـ) في "شرح مشكل الآثار" (6/ 287، ط. مؤسسة الرســـالة): [ففي هذا الحديث: استغفـــارُه صلى الله عليه وآله وسلم لقومه الذين لا يعلمون، وهم الذين لم يؤمنوا به ولم يصدقوه] اهـ.
وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي (ت543هـ) في "عارضة الأحوذي بشرح صحيح الترمذي" (11/ 251، ط. دار الكتب العلمية): [يحتمل أن يطلب لهم المغفرة في الدنيا برفع العقوبة عنهم حتى إلى الآخرة؛ كما قال الله: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾ [الأنفال: 33] اهـ.
وقال الإمام ابن الملقن الشافعي (ت804هـ) في "التوضيح بشرح الجامع الصحيح" (10/ 114، ط. دار النوادر): [قيل: أراد مغفرة تصرف عنهم عقوبة الدنيا من المسخ وشبهه] اهـ. وكذا قال الإمام العيني الحنفي (ت855هـ) في "عمدة القاري" (8/ 182، ط. دار إحياء التراث العربي).
وقال العلامة القليوبي الشافعي (ت1069هـ) في حاشيته على "شرح المحلي على المنهاج" (1/ 339، ط. دار الفكر): [وفي كلام ابن حجر حرمة الدعاء للكافر بأخروي، وفيه نظر، والراجح خلافه؛ كما هو مقرر في محله، ومنه: جواز الدعاء له بالمغفرة؛ خلافًا لما في "الأذكار"] اهـ.
كما وصَّى الشرع الشريف بالجار وأوجبَ له حقوقًا على جاره، ودعا إلى مشاركته في أفراحه، ومواساته في أتراحه، ولا فرق في ذلك بين الجار المسلم وغير المسلم؛ كما ظهر ذلك جليًّا في سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهدي الصحابة رضي الله عنهم، وكلما ازدادت الروابط الإنسانية تأكدت الحقوق الشرعية؛ فالمسلمون مأمورون أن يتعايشوا مع إخوانهم في الدين والوطن والإنسانية بحسن الخلق وجميل الخصال؛ ليُشعِروا مَن حولهم بالسلام والأمان.
فعن مجاهد، أن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، ذُبحت له شاةٌ في أهله، فلما جاء قال: "أهدَيتُمْ لجارِنَا اليَهُودِيِّ؟ أهدَيتُمْ لجارِنَا اليَهُودِيِّ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ»" أخرجه الترمذي في "السنن" وحسّنه، والبخاري في "الأدب المفرد"، وابن أبي الدنيا في "مكارم الأخلاق"، والخرائطي والطبراني في "مكارم الأخلاق".
وفي لفظ البيهقي في "شعب الإيمان"، و"الآداب" عن مجاهد قال: كنا جلوسًا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، وغلامه يسلخ شاة، فقال لغلامه: "يا غلامُ إِذَا فَرَغْتَ فَابْدَأْ بِجَارِنَا الْيَهُودِيِّ، حتى قالها ثلاثًا".
وما تمر به بلدان العالم ومنها مصر من ظروف جرَّاء هذا الفيروس الوبائي يستوجب التكاتف والتعاون ومد يد المساعدة للمحتاجين من المرضى المصابين بهذا الفيروس، والمساعدة كما تكون بالمال والجهد تكون أيضًا بالدعاء وتمني الخير للغير، فالكل شركاء في البشرية، وإخوة في الإنسانية، وعلى المسلم الدعاء بالشفاء لكل البشر من كل البلدان على اختلاف الأديان.
فأما غير المسلمين من المواطنين: فيزداد حقهم؛ جوارًا وصحبةً وتكاتفًا وتعاونًا بين أبناء الوطن الواحد، بما يستوجب مزيد الدعاء لأبناء الوطن من غير تفرقة بينهم؛ ولذلك ضمت منظومة العلاج الطبيب المسلم وغير المسلم، واستهدفت في علاجها المسلم وغير المسلم من غير فرق؛ لأنهم أبناء وطن واحد، فالشركة في الوطن تستلزم التلاحم والتشارك بين أفراده مهما اختلفت أديانهم وتنوعت معتقداتهم، وهذا من دماثة الخلق وطيب العشرة التي يعيش بها المسلم مع مَن حوله لينشر السلام والأمان؛ إذ أمره الإسلام أن يتعامل مع جيرانه ومواطنيه وجميع الناس بالخلق الحسن، فيشاركهم في سعودهم وأفراحهم ويواسيهم في أحزانهم وأتراحهم.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فيجوز للمسلم الدعاء بالشفاء للمصابين بفيروس كورونا من غير المسلمين أن يكشف الله عنهم البلاء ويصرف الوباء، رحمةً بالخلق وإحسانًا إليهم، بغض النظر عن الدين والمعتقد؛ فإن البشر كلهم إخوة في الإنسانية، وقد جاءت الشريعة بصلة غير المسلمين والبر بهم والدعاء لهم بالصحة والشفاء وتكثير المال والولد ورفع العقوبات والبلايا الدنيوية؛ فإن الإسلام رحمة للعالمين جميعًا، وعلى ذلك نص فقهاء المذاهب المتبوعة، بالإضافة إلى ما دعت إليه الشريعة من غوث الملهوفين وكشف كرب المكروبين أيا ما كانت أديانهم؛ حتى أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم الصحابة على رقية غير المسلمين، ويزداد تأكد ذلك للمواطنين من أبناء البلد الواحد؛ فإن ازدياد الروابط يستوجب تأكد الحقوق، فيتأكد حينئذ الدعاء لغير المسلمين من المواطنين بالشفاء والعافية، وأن يحفظ الله تعالى بمنه البلاد والعباد من المرض والوباء والبلاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم توقيع الغرامة جزاء عدم ارتداء الكمامة؛ حيث قامت كثير من دول العالم -ومنها الدول الإسلامية- بفرض غرامات مالية على مخالفي القرارات والتعليمات الرسمية التي تلزم المواطنين بارتداء الكمامات في المواصلات والمؤسسات الحكومية وغيرها والأسواق والمحلات والبنوك والأماكن المزدحمة، وذلك مع استمرار وباء كورونا في الانتشار واتجاه دول العالم لضرورة التعايش الحذِر معه؛ حفاظًا على المقدرات الاقتصادية وغيرها، فما حكم الشرع في تغريم من يخالف هذه القرارات؟
ما حكم إعطاء العمالة اليومية من الزكاة والصدقات في زمن الوباء؟ وذلك نظرًا لانتشار وباء فيروس كورونا، وطبقًا لإجراءات السلامة من الإصابة بالوباء، وأمام التعليمات الواضحة للدولة بالتزام حظر التجول للوقاية من العدوى، التزم الناس بيوتهم، وقلّلوا أعمالهم، وأُجّلوا مصالحهم، مما اضطر المواطنين العاملين بالأجور اليومية (العمالة اليومية والأرزقية) إلى الجلوس في البيوت، واشتدت أحوال كثير منهم حتى صاروا عُرضة لاستغلال المغرضين لهم ضد إجراءات الدولة الوقائية وتعليماتها الرسمية، ومثلهم أصحاب المشاريع متناهية الصغر، وذوي الدخول المحدودة.
فما واجب المجتمع تجاه هذا القطاع الواسع من المواطنين؟ وهل يجوز إعطاؤهم من أموال الزكاة إعانةً لهم على رعايةِ أسرهم وكفاية أهليهم، وسد حاجاتهم وحاجات ذويهم؟
ما حكم ترك رخصة الإفطار للمسافر في رمضان؟ وذلك بأن يتمّ صيامه؛ لعدم وجود تعبٍ. وعلى أيّ توقيت يفطر عند الوصول للبلد الْمُسافَر إليها؟
ما حكم اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في أوقات الصلوات؛ فنحن مجموعة من أئمة مركز ومدينة المحلة الكبرى؛ نحيط سيادتكم علمًا بأن القائمين على المساجد اعتادوا على أن يرفعوا الأذان بعد انتهاء الأذان في الإذاعة والدعاء بعده؛ نظرًا لأن النتائج لم يكن فيها غير توقيت القاهرة والإسكندرية، وظل الأمر على ذلك سنوات، ثم ظهرت النتائج تحمل توقيت مدن أخرى ومنها مدينتي طنطا والمحلة، فلم يلتفت الناس وساروا على عادتهم، ثم انتبه البعض فوجد أن النتائج جميعها ومنها النتيجة الخاصة بالهيئة العامة المصرية للمساحة قسم النتائج والتقويم على موقعها، أن توقيت أذان المحلة قبل توقيت أذان القاهرة مما أدى إلى اختلافٍ بين الأئمة؛ فمنهم من راعى اعتراض الناس فلم يُعِر ذلك اهتمامًا، أو خشي من رد الفعل فاستمر على ما كان عليه، ومنهم من وجد مُسوِّغًا للقول بأن أذان الصبح الآن قبل موعده الشرعي بثلث ساعة، ومنهم من رأى أن ذلك يؤدي إلى شبهة على الأقل في الصيام في رمضان؛ إذ إن التوقيت الذي ينبغي أن يُمسك فيه عن الطعام هو قبل أذان القاهرة، وهو في الواقع لا يمسك إلا بعده، أي بعد أذان الفجر بتوقيت محافظته وهي المحلة (وذلك في الدقائق التي قبل أذان القاهرة، والدقائق التي بقَدْر ما يسمع أذان الراديو والدعاءَ بعده)؛ حيث إن الناس لا يُمسكون إلا بسماع الآذان في الأحياء التي يعيشون فيها فحَمَل الناس على التوقيت الذي أخبر به أهلُ الذكر في المسألة.
وتعدد الآراء في هذا الأمر أحدث بلبلة وتعدُّدًا في وقت رفع الأذان في الحي الواحد.
وقد اتفق الجميع (الأئمة والأهالي) على أنه لو جاءهم منشور أو بيان او إفادة من الجهة المختصة فسيرتفع الخلاف بينهم؛ فنحن في انتظار إفادتكم لقطع الخلاف ومنع أسباب الفتنة خاصة وقد اقترب شهر رمضان أعاده الله علينا وعليكم باليمن والبركات. والله المستعان وعليه التكلان.
ما حكم التنقيب عن الذهب في الصخور؟ فإنه تنتشر في أماكن تواجد الصخور الآن استخدام أجهزة تكشف عن تواجد معادن داخل الصخور، فيقوم المُنقِّبون بتكسير الجزء أو المكان الذي يصدر إشارات، ومن المعلوم أن من يفعل ذلك يكون مخالفًا للقانون ومُعرَّضًا للعقوبة، ويتصور كثير ممن يفعلون ذلك أنهم لا يؤذون أحد، وأن هذه الأماكن ملك لله وليس لأحد، فهل يجوز شرعًا قيام عمال بالعمل في تكسير الصخور لاستخراج الذهب، أو التعاون على نقلها بسيارات؟
ما حكم تحديد الجهات المنظمة للحج لأعداد الحجيج وسنِّهم واشتراط حصولهم على اللقاحات؟ فمع اقتراب موسم الحج وفي ظل تزايد أعداد مريدي الحج، نجد أن الجهات المعنية بشئون الحج والعمرة تقوم بإِصْدار قرارات تنظيمية لفريضة الحج، نحو: تحديد أعداد الحجيج وأعمارهم، واشتراط حصولهم على بعض اللقاحات، فهل هذا متفق مع أحكام الشريعة ومقاصدها الإسلامية؟