حكم إبرام عقود الزواج في المسجد؟
لا مانع شرعًا من إبرام عقود الزواج في المسجد، بل هو سنةٌ مستحبَّةٌ ومرغبٌ فيها شرعًا، مع مراعاة ألا يترتب على ذلك أمرٌ محظور، والحرصِ على صيانة المسجد ونظافته، والحفاظ على قدسيته وآدابه؛ فلا ترفع فيه الأصوات، ونحو ذلك ممَّا يُعدُّ فيه إخلال بآداب المسجد.
المحتويات
النكاح سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه في "سننه" عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «النِّكَاحُ مِنْ سُنَّتِي، فَمَنْ لَمْ يَعْمَلْ بِسُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي، وَتَزَوَّجُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ، وَمَنْ كَانَ ذَا طَوْلٍ فَلْيَنْكِحْ، وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَعَلَيْهِ بِالصِّيَامِ، فَإِنَّ الصَّوْمَ لَهُ وِجَاءٌ».
النكاح ميثاق من أغلظ المواثيق؛ إذ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا﴾ [النساء: 21]؛ لذا فقد استحب جمهور العلماء إعلان النكاح؛ فقال العلامة ابن عابدين في "حاشيته على الدر المختار" (3/ 8، ط. دار الفكر): [قوله: (ويندب إعلانه) أي: إظهاره، والضمير راجع إلى النكاح بمعنى العقد؛ لحديث الترمذي: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي الْمَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ»] اهـ.
وقال العلامة الحطاب في "مواهب الجليل في شرح مختصر خليل" (3/ 408، ط. دار الفكر): [قال في التوضيح: ويستحب إعلان النكاح وإشهاره وإطعام الطعام عليه] اهـ.
وجاء في "حاشية الرملي الكبير على أسنى المطالب" (4/ 345، ط. دار الكتاب الإسلامي): [قال الأذرعي: قال بعض أصحابنا المتأخرين: هو مستحب في العرس والوليمة يعني وليمة العرس. وفي شرح السنة للبغوي: إن إعلان النكاح وضرب الدف فيه مستحب] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة في "المغني" (7/ 82، ط. مكتبة القاهرة): [ويستحب إعلان النكاح والضرب فيه بالدف. قال أحمد: يستحب أن يظهر النكاح ويضرب فيه بالدف حتى يشتهر ويعرف] اهـ.
قد اتفق العلماء على جواز إبرام عقد النكاح في المسجد، بل ذهب جمهورهم إلى استحبابه؛ فقال الكمال بن الهمام في "فتح القدير" (3/ 189، ط. دار الفكر): [ويستحب مباشرة عقد النكاح في المسجد؛ لأنه عبادة، وكونه في يوم الجمعة] اهـ.
وجاء في "منح الجليل شرح مختصر خليل" (8/ 86، ط. دار الفكر): [(و) جاز (عقد نكاح) بمسجدٍ، واستحسنه جماعة] اهـ.
وقال العلامة ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط" (3/ 561، ط. دار كنوز إشبيليا): [يستحب أن يكون العقد في مسجد] اهـ.
وجاء في "مغني المحتاج" (4/ 207، ط. دار الكتب العلمية): [ويسن أن يتزوج في شوال، وأن يدخل فيه، وأن يعقد في المسجد، وأن يكون مع جمع، وأن يكون أول النهار] اهـ.
وقال العلامة البهوتي في "كشاف القناع عن متن الإقناع" (2/ 368، ط. دار الكتب العلمية): [ويباح فيه عقد النكاح، بل يستحب كما ذكره بعض الأصحاب] اهـ.
قد استدل جمهور العلماء لصحة قولهم باستحباب عقد النكاح في المسجد بما رواه الشيخان في "صحيحيهما" عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما قال: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، جِئْتُ أَهَبُ لَكَ نَفْسِي، فَنَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ.. فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكَ بِهَا حَاجَةٌ فَزَوِّجْنِيهَا.. قال: «اذْهَبْ، فَقَدْ مُلِّكْتَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ».
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (9/ 206، ط. دار المعرفة): [وفي رواية سفيان الثوري عند الإسماعيلي: "جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو في المسجد"، فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة] اهـ. فهذه الرواية تدل على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أجرى عقد الزواج في المسجد وأعلنه.
ويدل لهم أيضًا ما رواه الترمذي في "سننه" عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَعْلِنُوا هَذَا النِّكَاحَ، وَاجْعَلُوهُ فِي المَسَاجِدِ، وَاضْرِبُوا عَلَيْهِ بِالدُّفُوفِ».
قال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (5/ 2072، ط. دار الفكر): [قوله: (واجعلوه في المساجد) وهو: إما لأنه أدعى إلى الإعلان، أو لحصول بركة المكان] اهـ.
ولا شك أن المساجد أعظم الأماكن بركة، إذ هي أحب البقاع إلى الله؛ ففي الحديث الذي رواه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ مَسَاجِدُهَا، وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللهِ أَسْوَاقُهَا».
هذا، واستحباب إبرام عقد الزواج في المسجد مشروطٌ بالحفاظ على قدسية المسجد، وآداب التعامل معه؛ فقد جاء في "الشرح الكبير" للإمام الدردير (4/ 70، ط. دار الفكر): [وعقد نكاح -أي: في المسجد-.. من غير ذكرِ شروطٍ ولا رفعِ صوتٍ أو تكثيرِ كلامٍ، وإلا كُرِهَ] اهـ.
بناءً على ذلك: فإقامة عقود الزواج في المسجد مستحبَّةٌ، بشرط ألا يترتب على ذلك أمرٌ محظور، وينبغي الحفاظ على نظافة المسجد وقدسيته وآدابه؛ فلا يَرفع الحضور أصواتهم في المسجد، ونحو ذلك ممَّا يُعدُّ من الإخلال بآداب المسجد.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم الشرعي في كتابة عقد الزواج في منزل أحد العروسين أمام أسرتَيهما وعددٍ محصور من الناس بحضور المأذون وبالصيغة المتعارف عليها، وبعد شهر أو شهرين مثلًا يكون الإشهار في مكان عام، حيث نقوم بإجراء العقد من قبول وإيجاب مرة أخرى أمام جمهور الناس والمدعوين؟
زوجةُ السائل أرضعَت لأخته طفلين، وأخته أرضعَت لزوجته طفلين، ثم أنجبت أختُه ولدًا وأنجبت زوجتُه بنتًا لم يرضع أحد منهما من أمِّ الآخر. وطلب السائل الإفادة عمَّا إذا كان يحل زواج هذا الولد من هذه البنت.
ما حكم الجمع بين المرأة وبنت أختها من الأم؟ فالسائل يسأل أنه تزوج بنت أخت زوجته لأمها، ولكنه لم يدخل بها، وزوجته الأولى لا زالت على عصمته. ويطلب بيان الحكم الشرعي في شأن هذا الزواج.
ما حكم شهادة غير المسلم في عقد الزواج بين المسلمين؟ فقد تزوج رجلٌ امرأةً، وشهد على العقد اثنان: أحدهما مسلم، والآخر مسيحي. وعلمت الزوجة بعد الدخول أن زوجها هو نجل شقيقها من الأب؛ أي أنها تعتبر عمته. وطلب السائل حكم هذا الزواج من الناحية الشرعية؛ هل هو باطل أم فاسد؟ وما حكم شهادة المسيحي على الزواج؟
تزوج شخصٌ من امرأةٍ ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج، وبعد سنتين مضت على زواجهما ثبت أنهما أخوان من الرضاع. فهل يعتبر عقد الزواج في المدة التي عاشرها فيها صحيحًا أم لا؟ مع ملاحظة أن القاضي فَرَّقَ بين الزوجين المذكورين.
ما حكم الجمع بين الزوجة وأرملة ابنها من رجل آخر؟ فالرجل تزوج امرأة لها ابن من زوج آخر، ثم توفي ذلك الابن عن زوجته، ويريد ذلك الرجل أن يتزوج بزوجة ابن زوجته على أن يجمع بين زوجته وزوجة ابنها في عصمته.
وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في أمر هذا الزواج، وهل يحل لذلك الرجل أن يجمع بين زوجته وزوجة ابنها؟