حكم بيع شعر الآدمي

تاريخ الفتوى: 03 أبريل 2018 م
رقم الفتوى: 4325
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم بيع شعر الآدمي

ما حكم بيع شعر الآدمي؛ فقد ظهر في الآونة الأخيرة عن طريق عددٍ من المواقع الإلكترونية والشركات والمحلَّاتِ التجارية عروضٌ لشراء وبيع الشعر الآدمي بمواصفاتٍ معينةٍ على حسب طوله وكثافته ولونه وغير ذلك من المواصفات المطلوبة كل حسب سعره. فما حكم الشرع في ذلك؟

 الالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.

المحتويات

 

من مظاهر تكريم الشرع للإنسان 

لما كان الإنسان هو المستخلف في هذا الوجود كان لا بد من وضع منهجٍ له يسير عليه في حياته لتحقيق خلافته الشرعية عن الله في هذه الحياة، ولا يُترك لنفسه وهواه، فأحاطه الله بسياجِ العقلِ الذي ميزه به عن سائر المخلوقات، وعن طريقه يعرف الخيرَ من الشر والنافعَ من الضار، وأرسل إليه الرسل بالشرائع السماوية التي تنظِّمُ علاقةَ الإنسان بربِّهِ وعلاقته بنفسه وببني جنسِه، واختتمت الشرائع والرسالات السماوية كلها بدين الإسلام وشريعته الغرَّاء الذي كملت به الشرائع والأديان الإلهية السابقة، وارتضاه اللهُ للناس مكمِّلًا ومُتَمِّمًا لما سبقه من شرائع وأديان ومهيمنًا عليها؛ كما قال تعالى: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، وقال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ﴾ [المائدة: 48]، ولهذا كانت نصوصُ وقواعدُ ومبادئُ الشريعة الإسلامية كلياتٍ صالحةً للتطبيق العملي في كل زمانٍ ومكانٍ حتى يرث اللهُ الأرضَ ومَن عليها.

ولهذه المكانة الرفيعة للإنسان كَرَّمه اللهُ سبحانه وتعالى بأنواع التكريم فجعله نَفيسًا غيرَ مبذول؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلنَاهُم عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّن خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70]، واعتبر جسده أمانةً؛ فلا يجوز التصرف فيه بما يسوؤه أو يرديه ولو كان التصرف من صاحب الجسدِ نفسِه، ومن هنا حَرَّم اللهُ تعالى إزهاقَ الروح وإتلافَ البدن إلا بالحقِّ؛ فقال تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: 151]، وقال تعالى: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا﴾ [البقرة: 195]، حتى نهى النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم عن التصرف بما يُلمَحُ منه معنى الدونية؛ فقال: فيما رواه الطبراني في "الأوسط" من حديث جابرٍ رضي الله عنه: «إِنَّ أَحَدَكُمْ لَنْ يَمُوتَ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رِزْقَهُ، فَلَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، وَاتَّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرَّمَ».

حكم بيع شعر الآدمي

من مقتضيات تكريمِ الإنسانِ واحترامِ بنيانِ جسدِهِ حُرمةُ بيع جزءٍ منه أو عضوٍ من أعضائه، ويشمل ذلك الشَّعرَ عند جمهور الفقهاء، وذكروا في ذلك عدة معانٍ؛ منها:

- أولًا: أن بيع الإنسان شَعرَهُ الذي هو جزءٌ منه ينافي تكريم الله تعالى له، فليس الإنسان سلعةً تباع وتشترى، وشعر الإنسان جزءٌ محترمٌ من خلقته؛ سواء في ذلك المقصوص أو المتساقط؛ قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(ولا يجوز بيع شعور الإنسان..) لأن الآدميَّ مكرمٌ لا مبتذلٌ فلا يجوز أن يكون شيءٌ مِن أجزائه مُهانًا ومُبتذلًا] اهـ. قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (1/ 429، ط. دار الكتب العلمية) معلقًا: [(ولنا: أن عدم الانتفاع به والبيع لكرامته) ش: أي لأجل كرامته؛ لأن الآدميَّ مكرمٌ بالنص، والضميرُ في (به) يرجع إلى الشعر، وفي (كرامته) يجوز أن يرجع إلى الشعر أيضًا، ولكونه مكرمًا بكرامة صاحبه] اهـ.

وقال الإمام الكمال بن الهمام الحنفي في "فتح القدير" (6/ 425-426، ط. دار الفكر): [(قوله: ولا يجوز بيع شعر الإنسان) مع قولنا بطهارته (..لأن الآدمي مكرمٌ غير مبتذلٍ؛ فلا يجوز أن يكون شيءٌ من أجزائه مهانًا ومبتذلًا) وفي بيعه إهانة] اهـ.

وقال الإمام أبو الحسن العدوي المالكي [ت: 1189هـ] في "حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي" (1/ 83، ط. دار الفكر): [(تنبيه): سُئِلَ مالكٌ عن بيع الشعر الذي يُحلَقُ من رءوس الناس؟ فكرهه] اهـ.

والكراهة المنقولة هنا عن الإمام مالكٍ رضي الله عنه حَمَلَهَا بعضُ المالكية على التنزيه، وظاهر كلام الإمام ابن عبد البر يفيد حَمْلَهَا على التحريم -انظر: "الكافي" (ص: 328، ط. دار الكتب العلمية، بيروت)-، وهو ما رجّحه الإمامُ محمد الأمير في حاشيته "ضوء الشموع على شرح المجموع" (1/ 91-92، ط. المكتبة الأزهرية للتراث)؛ حيث لم يتحقق في الشعر كونه مالًا معتدًّا به شرعًا ولو كان شعرَ رقيقٍ؛ فقال معلقًا على متن "المجموع" على قوله: (فكأنه استبعد تَمَوُّلَهُ) بعد أن ذكر عن الإمام مالكٍ كراهةَ بيع الشعر: [أتى بالكأنية ولم يجزم بعدم المالية -فإن الآدميَّ الحرَّ لا يُباعُ منه شيءٌ- ليشمل شعر الأرقاء، وهذا يقتضي أن الكراهة للتحريم؛ حيث لم تتحقق فيه ماليةٌ معتدٌّ بها] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (1/ 406، ط. دار الكتب العلمية): [والآدمي يحرم الانتفاع به وبسائر أجزائه لكرامته] اهـ.

وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 57، ط. دار الكتب العلمية): [(ولا يجوز استعمال شعر الآدمي) مع الحكم بطهارته (لحرمته) أي احترامه] اهـ.

وما حرم استعماله والانتفاع به حرم التعامل فيه بيعًا وشراءً.

- ثانيًا: أن من شروط البيع الصحيح أن يكون البائع مالكًا لما يبيع، وشعر الإنسان ليس ملكًا له؛ فلا يؤذَن له في بيعه ولا أن يُعَاوض عليه، فإن باعه كان بيعه داخلًا في "بيع ما لا يملك".

حكم التبرعِ بالشعر لمرضى السرطان

القول بحرمة بيع الشعر لا يعارض فتوى جوازِ التبرعِ بالشعر لمرضى السرطان المبتَلَين بسقوط شعرهم جرّاء العلاج الكيماوي؛ فهذا الجواز إنما هو على سبيل الإذن بالانتفاع لحاجةٍ معتبرةٍ شرعًا؛ هي المساعدة في تخفيف الضرر النفسي الواقع عليهم من سقوط شعورهم جَرَّاء العلاج الكيماوي.

الخلاصة

على ذلك وفي واقعة السؤال: فالتعامل في شعر الآدمي بيعًا وشراءً حرامٌ شرعًا؛ سواء في ذلك المقصوص عن رأسه أو المتساقط عنه.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

المستحق لأجرة العقار بعد بيعه هل هو البائع أو المشتري؟ فهناك رجلٌ باعَ بيتًا مملوكًا له لرجلٍ آخَر أثناء مدة إيجار هذا البيت لشخص ثالث، وقد بقي من مدة الإيجار ثمانية أشهر حتى ينتهي، ولم يشترط عليه البائعُ شيئًا فيما يخص استحقاق الأجرة بعد البيع، وبعد أن تَمَّ تسجيل عقد البيع، اختلفَ البائعُ مع المشتري في استحقاق أُجْرَة المُدَّةِ المُتبقية للبيت المذكور، فقال البائع: أنا المستحق لهذه الأُجرة، وقال المشتري: أنا المستحق لها، والسؤال: لمن الحقُّ في هذه الأجرة؟


ما حكم الشرع في إضافة ما يُعرف بـ"المصنعية" إلى الثمن عند بيع الذهب والفضة المَصُوغَين؟ حيث يُضِيفُ تُجَّار المشغولات الذهبية مبلغًا مُحدَّدًا نظير تلك المصنعية التي تختلف باختلاف شكلِ القطعة ونوعها.


 ما حكم التعامل بالشيء الذي يكون له استعمالان؟ سمعت أن الشيء الذي يكون له استعمالان -بيعه جائز والإثم على المستعمل، فهل هذا صحيح؟ وهل له شروط؟


هل يجوز انتفاع المشتري بالمبيع عند التأخر في دفع باقي الثمن؟ حيث باع رجل ثمانية أفدنة بمبلغ 1200 جنيه بعقد ابتدائي بتاريخ 2/ 8/ 1944م، قبض من ثمنها 200 جنيه عند تحرير العقد، واشتَرَط دفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي اشترط أن يحرره بمعرفة المشتري، ويُقَدَّم له لتوقيعه، كما اشترط أنه في حالة تأخير المشتري عن تحرير العقد المذكور لغاية نهاية أكتوبر سنة 1944م يكون ملزمًا بدفع 300 جنيه أخرى من الثمن، ولم يذكر بالعقد الابتدائي شيئًا عن موعد دفع باقي الثمن. وقد استمر المشتري ابتداءً من نوفمبر سنة 1944م في دفع أقساط من الثمن بلغ مجموعها 800 جنيه حتى نهاية مايو سنة 1945م ، ثم في 5/ 6/ 1945م حرَّر العقد النهائي، ودفع باقي الثمن. ونظرًا لأن المشتري وضع يده على الأطيان المذكورة واستغلَّها ابتداءً من تاريخ العقد الابتدائي ولم يدفع باقي الثمن ومقداره 400 جنيه إلا بعد انقضاء نحو ثلثي سنة 1945م الزراعية، فضلًا عن أن 800 جنيه التي دفعها من الثمن كانت تُدفع أقساطًا في مدة عشرة أشهر؛ لذلك قد أخذ من المشتري علاوة على 1200 جنيه الثمن المتفق عليه مبلغ عشرين جنيهًا كإيجار للقدر الذي استغله قبل أن يدفع ثمنه. فهل يحلُّ له أخذ مبلغ العشرين جنيهًا المذكورة، أو أنه لا يحلُّ له أخذها وتعتبر من قبيل الربا المحرم؟


هل رسوم منفعة الأرض التي تحصلها الدولة تكون على البائع أو المشتري؟ فقد توفي والدي عام 1992م وترك لنا منزلًا، وتم توزيع الميراث على الإخوة والأخوات حسب الشريعة، كان سعر المتر ثمانية وعشرين جنيهًا وستين قرشًا تقريبًا، وتم شراء المنزل من قِبل أحد الورثة، وأخذ كل ذي حق حقه، وبعد عشر سنوات تبين أن الدولة تطالب بمبلغ قدره ألف ومائتا جنيه ثمن أربعة وعشرين مترًا مربعًا منافع دولة، وقد أصبح سعر المتر الآن مائتين وثمانية وعشرين جنيهًا وستين قرشًا تقريبًا. والسؤال:
• هل من حق المشتري مطالبة الورثة بدفع ما يخص كل منهم من المبلغ المطلوب دفعه للدولة؟
• هل من حق الورثة دفع ما يخص كل منهم من المبلغ المطلوب دفعه للدولة وبيعه مرة أخرى للمشتري وحصولهم على فرق السعر الحالي؟


ما حكم المطالبة بزيادة الثمن بعد إتمام البيع؟ حيث باعت أختي لشقيقي مساحةً من الأرض بعقد ابتدائي، وبعد فترة وجيزة تم عمل طريق رسمي بجوار هذه الأرض ومُدت خطوط الكهرباء فيه؛ مما أدى إلى ارتفاع قيمة الأرض. فهل من حق أختي أن تطالب بفرق الثمن؟