هل تحتفظ الأم بحضانة طفلها إذا تزوجت من غير أبيه؟ وإذا انتقلت الحضانة إلى غيرها هل يجوز لهذا الغير منعها من رؤية طفلها؟
الحضانة حقٌّ للمحضون في المقام الأول؛ فمدارها على مصلحته، والأصل أنها للنساء، وأولاهن بها الأم؛ لأنها الأشفق على ولدها والأبصر برعاية شئونه، فإن تزوجَت بغير ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون فهذا الزواج لا يسقط بمجرده حضانَتها ما لم يكن في بقائها ضررٌ بمصلحة المحضون، وَمَرَدُّ الأمر في ذلك إلى القاضي؛ فهو المُخَوَّل بالنظر فيما يتعلق بشأن الحضانة وما يترتب عليها؛ ليحكم بما يراه محققًا تلكَ المصلحة، وفي كل حالٍ لا يجوز شرعًا منعُ أيٍّ من الوالدين أو مَن يقوم مقامها من رؤية المحضون، ولا إيغارُ صدر الطفل على أيٍّ منهم بأيّ طريقةٍ كانت.
المحتويات
الحقُّ في الحضانة مِن آكد حقوق الطفل في الشريعة الإسلامية، وأصل مادة (الحاء - والضاد - والنون): حفظ الشيء وصيانته، فالحِضْن ما دون الإِبِط إلى الكَشْح؛ يقال: احتضنت الشيء جعلته في حِضْني، ومنه: حَضَنَتِ المرأةُ ولدَها، وحَضَن الطائرُ بيضَه حَضنًا من باب قتل، وحِضانًا بالكسر أيضًا: ضمه تحت جناحه. ينظر: "معجم مقاييس اللغة" لابن فارس (2/ 73، ط. دار الفكر)، و"المصباح المنير في غريب الشرح الكبير" للفيومي (1/ 140، ط. المكتبة العلمية).
والحضانة شرعًا هي: حفظُ من لا يستقل بأمور نفسه عمَّا يؤذيه، وتربيتُه بما يصلحه؛ كما هو مؤدَّى تعريف العلامة ابن عابدين الحنفي في "حاشيته" (3/ 555، ط. دار الفكر)، والإمام الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (2/ 526، ط. دار الفكر)، والشيخ الشربيني الشافعي في "الإقناع" (2/ 489، ط. دار الفكر)، والإمام البهوتي الحنبلي في "الروض المُرْبِع" (ص: 627، ط. دار المؤيد ومؤسسة الرسالة).
المدة التي لا يستغني فيها الطفل عن رعاية أمه، يكون الحقُّ في حضانته ثابتًا لها؛ يدلُّ على ذلك ما جاء عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم أن امرأةً قالت: يا رسول الله، إن ابني هذا كان بطني له وعاءً، وثديي له سقاءً، وحجري له حِواءً، وإن أباه طَلَّقني، وأراد أن ينتزعه منِّي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تنكَحِي، وَلَهُ الحقُّ في النفقةِ عَلَيهِ حَتَّى يَبْلُغَ» رواه أبو داود، فجعل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حضانة الطفل لأمه، وألزم والدَه بالإنفاق عليه.
الإناث أَلْيَقُ بالحضانة؛ فهنَّ أقدر مِن الرجال على رعاية المحضون في سن الطفولة والعناية به والصبر عليه وعلى احتياجاته والبقاء معه بما يكفي لحسن نشأته وصلاح نباتِه.
قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (5/ 207، ط. دار المعرفة): [اعلَم بأن الصغار لِمَا بهم من العجز عن النظر لأنفسهم والقيام بحوائجهم؛ جعل الشرعُ ولايةَ ذلك إلى من هو مشفقٌ عليهم: فجعل حق التصرف إلى الآباء؛ لقوة رأيهم مع الشفقة، والتصرف يستدعي قوة الرأي، وجعل حقِّ الحضانة إلى الأمهات؛ لرفقهنَّ في ذلك، مع الشفقة، وقدرتهنَّ على ذلك بلزوم البيوت، والظاهرُ أن الأم أحفى وأشفق من الأب على الولد، فتتحمل في ذلك من المشقة ما لا يتحمله الأب، وفي تفويض ذلك إليها زيادةُ منفعةٍ للولد] اهـ.
هذا، إذا لم تتزوج الحاضنة، أو تزوجت من ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون، فإن تزوجت بغير ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون فإن جمهور الفقهاء يَرَوْن سقوط الحضانة عنها؛ سواء كان المحضون ذكرًا أو أنثى؛ قال الإمام الحصكفي الحنفي في "الدر المختار بحاشية ابن عابدين" (3/ 565، ط. دار الفكر): [والحاضنةُ يسقُطُ حقُّها بنكاحِ غيرِ مَحرَمِهِ؛ أي: الصَّغير] اهـ.
وقال الإمام ابن عبد البر المالكي في "الكافي في فقه أهل المدينة" (2/ 624، ط. مكتبة الرياض الحديثة): [الأم أولى بحضانة ولدها وبرضاعه من غيرها إذا طلقها زوجها أبدًا ما لم تتزوج، فإن تزوجت فالجدَّةُ أمُّ الأمِّ أولى إن لم يكن زوجها أجنبيًّا، فإن كانت متزوجة من أجنبي سقطت حضانتها، وكذلك كل امرأة تزوجت أجنبيًّا من الصبي يبطل حقُّها من الرضاع والحضانة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "روضة الطالبين" (9/ 100، ط. المكتب الإسلامي): [فلو نكحت أجنبيًّا سقطت حضانتُها؛ لاشتغالها بحُقُوق الزوج] اهـ.
وقال الإمام البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 499، ط. دار الكتب العلمية) فيما تسقط به الحضانة: [ولا لامرأةٍ مُزوجةٍ لأجنبي من الطفل؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنْتِ أَحَقُّ بِهِ مَا لَمْ تُنْكَحِي»، ولأنها تشتغلُ عن حضانته بحق الزوج؛ فتسقُطُ حضانتُه] اهـ.
والذي عليه المحققون من الحنفية: أن زواج الحاضنة بغير ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون لا يُسقط بمجرده حضانتَها عنه حتى يثبت للقاضي أن زواجها يضر بمصلحة المحضون؛ لأن مدار الحضانة على نفع الولد؛ قال العلامة ابن عابدين الحنفي في حاشيته "رد المحتار على الدر المختار" (3/ 565، ط. دار الفكر): [فينبغي للمفتي أن يكون ذا بصيرةٍ ليراعي الأصلح للولد، فإنه قد يكون له قريبٌ مبغضٌ له يتمنى موته، ويكون زوج أمه مشفقًا عليه يعز عليه فراقه، فيريد قريبه أخذه منها ليؤذيه ويؤذيها، أو ليأكل من نفقته أو نحو ذلك، وقد يكون له زوجة تؤذيه أضعاف ما يؤذيه زوج أمِّه الأجنبي، وقد يكون له أولاد يخشى على البنت منهم الفتنة لسُكناها معهم، فإذا علم المفتي أو القاضي شيئًا من ذلك لا يحلُّ له نزعه من أمه؛ لأن مدار أمر الحضانة على نفع الولد، وقد مر عن "البدائع": لو كانت الإخوة والأعمام غير مأمونين على نفسها أو مالها لا تسلم إليهم] اهـ.
والمذهب الحنفي هو الجاري عليه العمل بالمحاكم فيما لم يرد فيه نصٌّ؛ طبقًا لنص المادة الثالثة من القانون رقم (1) لسنة 2000م المتعلق بإصدار قانون تنظيم بعض أوضاع وإجراءات التقاضي في مسائل الأحوال الشخصية، وفيها: [تصدر الأحكام طبقًا لقوانين الأحوال الشخصية والوقف المعمول بها، ويعمل فيما لم يرد بشأنه نصٌّ في تلك القوانين بأرجح الأقوال من مذهب الإمام أبي حنيفة] اهـ.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإنَّ إسناد أمر الحضانة عند انفصال الزوجين إلى الأم ابتداءً إنما هو في حال عدم بلوغ الطفل سن التمييز، وهي السن الذي لا تتضح فيه معالم التربية والتعليم بِقَدْرِ مَا يكون التركيز فيها على التغذية والرعاية والحنان؛ قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (9/ 103): [إنما يُحكَم بأن الأم أحقُّ بالحضانة من الأب في حقِّ من لا تمييز له أصلًا، وهو الصغير في أول أمره، والمجنون] اهـ.
إن تنمية الجانب العاطفي والتربوي في الطفل نحو الأب هو أمرٌ مهمٌّ قبل سن التمييز أيضًا، فلا ينبغي إغفاله.
فإذا بلغ الطفل سن التمييز وجب على الأم أن تتيح للأب تربية الصغير وتهذيبه وتعليمه وتنمية فكره بقَدْر ما يحتاج إليه في ذلك؛ فالحضانة عند الفقهاء لا يُقصَد بها الاستحواذُ على الصغير وحبسُه عن رعاية الطرف الآخر وقصرُ هذه الرعاية على الحاضن وحده، وإنما هي تعبيرٌ عن المكان الذي يقيم فيه الطفل ويبيتُ عادةً، ويأتيه الطَّرَفُ الآخَر من الوالدين زيارةً فيه على العادة الجارية بين الناس في أيام الزيارة؛ يقول الإمام أبو إسحاق الشيرازي الشافعي في "التنبيه" (ص: 211، ط. عالم الكتب): [وإن اختار أحدَهما سُلِّم إليه، وإن كان ابنًا فاختار الأم كان عندها بالليل وعند أبيه بالنهار، وإن اختار الأب كان عنده بالليل والنهار، ولا يُمنَع مِن زيارة أمه، ولا تُمنَع الأمُّ مِن تمريضه إذا احتاج، وإن كانت بنتًا فاختارت الأب أو الأم كانت عنده بالليل والنهار، ولا يُمنَع الآخرُ مِن زيارتها وعيادتها] اهـ.
ويقول الإمام النووي في "روضة الطالبين" (9/ 104-105): [الزيارة تكون في الأيام على العادة، لا في كل يوم.. فرع: إذا اختار الأم: فإن كان ابنًا أوى إليها ليلًا، وكان عند الأب نهارًا يؤدبه ويعلمه أمور الدين والمعاش والحرفة. وإن كانت بنتًا كانت عند الأم ليلًا ونهارًا، ويزورها الأب على العادة، ولا يطلب إحضارها عنده، وهكذا الحكم إذا كان الولد عند الأم قبل سن التخيير] اهـ.
ولما كان الابن في هذه المرحلة في حاجةٍ إلى أبيه بالقدْر الذي ذكره الأئمة وهو وقت النهار من كل يوم؛ نظرًا لمراعاة جانب التأديب والتربية الدينية والمهنية في الولد تلقِّيًا من أبيه، بخلاف البنت التي تستقي أكثر ذلك من أمها- أُعطِيَ الأب حق رؤية الابن كل يومٍ؛ تقديرًا لهذا الاحتياج، لكننا في العصر الحاضر نَجِدُ أنَّ شِقًّا كبيرًا مما كان يتولّاه الأب من التربية تضطلع به المؤسسات التعليمية والمهنية التي جرت العادة أن يلتحق بها الأبناء؛ فالزيارة والملاحظة من الأب قِلَّةً وكثرةً تُقدَّر بقَدْر الحاجة إليها.
وهذا الحقُّ مكفولٌ للأم أيضًا بقَدْر حاجة الابن إليها عندما يكون الأب هو المتولي لحضانته؛ كإباحة تمريضها له في بيتها، بل قد يستمر هذا التمريض أيامًا؛ إذ بالمرض يصير كالصغير في الحاجة إلى من يقوم بأمره؛ فكانت الأم أحق به في هذه الحالة.
ولم تقتصر كفالةُ هذا الحقِّ على الابن فحسب، بل هو حقٌ مكفولٌ للبنت أيضًا في رؤية غير الحاضن من والديها وزيارته لها لرعايتها والقيام بشؤونها وملاحظتها، والزيادة من ذلك بقدر حاجة البنت.
فالحضانة وتنظيمها إنما هي وسيلة لحمايةِ المحضون ورعايتِه، والقيامِ بحقوقه والعنايةِ بشؤونه، وعلى هذا المقصد قامت تنظيماتُها وتشريعاتُها وأحكامُها الفقهية، بل قد ارتقى الشرعُ بها مِن الحقوق إلى الواجبات، حتى إن الحاضنة إذا أرادت إسقاط الحضانة ولا حاضنَ غيرُها لا تسقط، وكل هذا حتى لا يضيع المحضونُ الذي هو الغايةُ والمقصدُ مِن تنظيم شؤون الحضانة، فليست الحضانة ساحةً لكيد أبيه ضدّ أمه ولا لِمَكر أمه بأبيه على حساب مصلحة المحضون، بل هي ولايةٌ للتربية؛ غرضها الاهتمامُ بالصغير وضمانُ مصلحته والقيـامُ على شئونه، أناطها الشرع الشريف بالأمن على المحضون في شخصه ودينه وخلقه، وجَعَلَها مجالًا جيدًا لتعويد النفس على العطاء والبذل وإنكار الذات.
باستقراء كلام الفقهاء حول حقِّ الرؤية نجد أن غير الحاضن من الأبوين له الحقُّ في أن يقوم الآخر بإخراج المحضون له في مكانٍ يمكنه فيه النظر إليه بين الحين والآخر للاطمئنان على حاله ومتابعةِ شؤونه وسَدِّ متطلباته التي قد لا يستطيع الحاضنُ الإيفاءَ بها وحده، كما أن من مقاصد الرؤية صلة الرحم.
قال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "زاد المعاد" (5/ 392، ط. مؤسسة الرسالة): [والولاية على الطفل نوعان: نوع يقدم فيه الأب على الأم ومَن في جهتها؛ وهي ولاية المال والنكاح. ونوع تقدم فيه الأم على الأب؛ وهي ولاية الحضانة والرضاع. وقُدِّم كلٌّ مِن الأبوين فيما جُعل له مِن ذلك لتمام مصلحة الولد، وتوقف مصلحته على من يلي ذلك من أبويه وتحصل به كفايته. ولَمّا كان النساءُ أعرفَ بالتربية، وأقدر عليها، وأصبر وأرأف وأفرغ لها؛ لذلك قدمت الأم فيها على الأب، ولما كان الرجالُ أقومَ بتحصيل مصلحة الولد والاحتياط له في البضع، قُدِّمَ الأبُ فيها على الأم، فتقديم الأم في الحضانة من محاسن الشريعة والاحتياط للأطفال والنظر لهم، وتقديم الأب في ولاية المال والتزويج كذلك] اهـ.
عليه: فمدار الحضانة على مصلحة المحضون، وزواج الحاضنة بغير ذي رحمٍ محرمٍ للمحضون لا يسقط بمجرده حضانَتها ما لم يكن في بقائها ضررٌ بمصلحة المحضون، وَمَرَدُّ الأمر في ذلك إلى القاضي؛ فهو المُخَوَّل بالنظر فيما يتعلق بشأن الحضانة وما يترتب عليها؛ ليحكم بما يراه محققًا تلكَ المصلحة، وفي كل حالٍ لا يجوز شرعًا منعُ أيٍّ من الوالدين أو مَن يقوم مقامها من رؤية المحضون، ولا إيغارُ صدر الطفل على أيٍّ منهم بأيّ طريقةٍ كانت.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سيدة تسأل وتقول: هل يستطيع مصري مسلم أن يطلق زوجته بعد أن يبعد أولاده عن مصر، ثم يتمسك في حرمان أمهم من حقها في زيارتهم على الرغم من وجودها معهم في البلد الذي يقيمون فيه؟ وإذا تمسّك الزوج بحرمانها من زيارتهم فإلى أي مدى يحق له ذلك طبقًا للقانون المصري.
ما حكم انتقال الحاضنة بالولد بعيدًا عن أبيه؟ فرجل أجرى عقد زواجه على امرأة في بلدة الزقازيق، ودخل بها في بلده، وبعد أن عاشرها معاشرة الأزواج مدة طلقها، وقد رزقت منه بولد سنُّه ثلاث سنوات تقريبًا، وفي أثناء العدة انتقلت به إلى مصر، وأقامت معه فيها نحو أسبوع أو أكثر، ثم انتقلت به من مصر إلى مكان آخر، وكل ذلك بدون إذن أبيه، وما زالت مقيمة به في هذا المكان، وما زال أبوه مقيمًا ببلده، وبذلك لا يمكنه أن ينظر إلى ولده كل يوم بالمكان التي تقيم به الزوجة ويبيت في بلده؛ لما بينهما من المسافة البعيدة.
فهل -والحالة هذه- ليس لها الانتقال بذلك الولد من بلده، وإقامتها به في المكان الذي تقيم به، وعليها أن تعود به إلى جهة يمكن للأب أن يرى ابنه فيها، ويعود إلى بلده في يوم حتى لا يضيع على الأب حق رؤيته كل يوم لولده، وإن أبت ذلك العود يجبرها الحاكم على ذلك؟ أفيدوا الجواب.
ما حكم تعيين القاضي وصيًّا بدلًا من الوصي الغائب؛ حيث سئل بإفادة من مديرية الفيوم مضمونها أن امرأة أقيمت وصية شرعية على بنتها القاصرة من مطلقها بناحية العدوة بتاريخ 13 رجب سنة 1312هـ، وقبل تسليمها نصيب بنتها القاصرة المذكورة في تركة والدها المذكور لضبطها بمعرفة بيت المال قد تغيبت مع هذه القاصرة، وبالتحري عن جهة غيابهما فلم يعلم مستقرهما، وباستفتاء مفتي المديرية فيما يجريه بيت المال في نصيب هذه القاصرة أفتى بما نصه: "المنصوص إذا غاب الوصي المختار غيبة منقطعة بلا وكيل عنه مع تصريحهم بأن المفقود الذي لا يعلم مكانه ولا موته ولا حياته غيبة منقطعة حكمًا، وقد صرحوا بأن وصي القاضي، كوصي الميت إلا في ثمانٍ ليست هذه منها. فبناء على ذلك فالقاضي في هذه الحالة ينصب وصيًّا في نصيبها وعليها، ويسلم إليه ليتصرف لها، ويخاصم فيما يتعلق بها، وإن كان وقع الاختلاف في جواز نصب القاضي وصيًّا مع غيبة الأيتام؛ لما في ذلك من المصلحة".
وحيث إن نائب محكمة المديرية أجاب بالاشتباه في هذه الفتوى عند تلاوتها بمجلس حسبي المديرية؛ لكونها مذكورًا بها أنه يقام وصي على القاصرة المذكورة وفي نصيبها؛ ليتصرف الوصي المذكور لها، ويخاصم فيما يتعلق بها مع أن القاصرة المذكورة ووصيها مفقودان؛ لغيابهما غيبة منقطعة، ولا تعلم حياتهما من مماتهما، وقال إنه هل يقام وصي على القاصرة المفقودة مع فقد وصيها أيضًا ليتصرف لها كما ذكر بهذه الفتوى، أو يقام قيم لحفظ مالها فقط بمعرفة القاضي الشرعي؟ ولذا رأى مجلس حسبي المديرية بجلسته المنعقدة في 8 أبريل سنة 1896م لزوم الاستفتاء من فضيلتكم عن ذلك. فالأمل إصدار الفتوى عما ذكر.
توفي والدنا عن زوجة، وأولاد، وترك عقارًا به ست وحدات سكنية مناصفة بينه وبين زوجته -والدتنا-، والزوجة تنازلت عن حقها في الوحدات السكنية، وعن حقها في نصيبها الشرعي من زوجها لأولادها.
وترك شقةً بالإيجار في منزلٍ آخر كانت تقيم فيها الأسرة، وتركتها وأقام فيها أحد الأبناء بمفرده لمدة ثمان سنوات، وتزوج وأنجب فيها، وكان لهذه الشقة دعوى إخلاء أمام المحكمة استمرت ثلاثة عشر عامًا حكمت فيها المحكمة بإلزام صاحب المنزل بتحرير عقد إيجار باسم هذا الوريث المقيم وحده بالشقة.
فما موقف هذه الشقة؟ وهل يكون لهذا الوريث حق فى التركة مثل إخوته؟
إحدى الهيئات القضائية تسأل عن حكم جواز إقامة المطلقة البائنة مع والد مطلِّقها في شقة سكنية واحدة، مع وجود ثلاث شقق أخرى، وأرفقت المحكمة مذكرة النيابة لشؤون الأسرة، والمتضمنة رأيها في القضية الواردة بالجدول العمومي، بطلب الشاكية تمكينها من مسكن الزوجية؛ لأنها كانت زوجًا للمشكو بصحيح العقد الشرعي، ورزقت منه على فراش هذا المسكن بالصغار في يدها وحضانتها، وأنه طردها، ثم طلقها طلقة ثانية رجعية فأصبحت بائنة منه، وأنه يحق لها الاستمرار في شَغْل مسكن الزوجية باعتبارها حاضنة للصغار مدة الحضانة، وقدمت صورة إشهاد طلاقها، وقيد ميلاد الصغار، وبسؤال الشهود من جيرة عين النزاع، أجمعوا على أن الشاكية والمشكو وصغارهما أقاموا بها على سبيل الاستضافة مع والد المشكو لمدة خمسة أشهر، وأنهم كانوا يقيمون بمنطقة حلوان، وهو ما أكدته التحريات، وبسؤال رجل الإدارة المختص قرر بأن الشاكية كانت متزوجة في ذات المسكن الموجود به عين النزاع بالطابق الثاني، ثم قاموا بالانتقال لمدينة حلوان، وأقاموا بها فترة طويلة، وأنهم بعد ذلك قاموا بالعودة للإقامة بالطابق الرابع لمدة خمسة أشهر سابقة على تاريخ الشكوى، وأن العين محل النزاع ليست مسكن الزوجية للشاكية والمشكو، وأن الحائز الفعلي لها هو والد المشكو، كما ثبت من معاينة العين الحاصلة في 14/ 2/ 2010م أنها كائنة بالعنوان سالف الذكر، وبتاريخ 15/ 2/ 2010م سأل المشكوَّ فقرر بأن مسكن الزوجية في حلوان حتى عام 2009م، وأنه أقام بالعين محل النزاع مع والده على سبيل الاستضافة حتى تدبير مسكن آخر وذلك لمدة خمسة أشهر، وقدم صورة ضوئية من عقد إيجار العين الكائنة بحلوان، وأن عين النزاع بحيازة والده، وبتاريخ 18/ 3/ 2010م وبسؤال شهود الشاكية قرروا بأن عين النزاع هي مسكن الزوجية للشاكية والمشكو وأنهما أنجبا صغارهما بها. وحيث إن المشرع نص في المادة 18 مكرر ثالثًا من القانون رقم 25 لسنة 1929م الخاص ببعض أحكام الأحوال الشخصية المضافة بالقانون رقم 100 لسنة 1985م على أنه: على الزوج المطلق أن يهيئ لصغاره من مطلقته، ولحاضنتهم المسكن المستقل المناسب، وإذا لم يفعل.. استمروا في شغل مسكن الزوجية.. دون المطلق مدة الحضانة. وكانت المذكرة الإيضاحية لهذا القانون قد أوردت في هذا الخصوص أنه: إذا وقع الطلاق بين الزوجين وبينهما صغار أن للمطلقة الحاضنة بعد الطلاق الاستقلال بمحضونها بمسكن الزوجية ما لم يُعِدَّ المطلقُ مسكنًا آخر مناسبًا حتى إذا ما انتهت الحضانة أو تزوجت المطلقة، فللمطلق أن يعود ليستقل دونها بذات المسكن إذا كان من حقه ابتداءً الاحتفاظ به قانونًا، مما مفاده أن مسكن الحضانة بحسب الأصل هو ذلك المسكن المناسب الذي يعده المطلق لإقامة مطلقته في فترة حضانتها لأولاده منها، فإذا لم يقم المطلق بإعداد هذا المسكن المناسب، فإن مسكن الزوجية يكون هو مسكن الحضانة، ويحق للمطلقة الحاضنة الإقامة فيه مع صغيرها فترة الحضانة، كما وأن من المقرر -بحسب دعوى محامي الشاكية- أن المقصود بمسكن الزوجية في هذا الخصوص هو المكان المشغول فعلًا بسكنى الزوجين، فإذا ثار خلاف بين الحاضنة ووالد الصغير حول مسكن الحاضنة، انصرفت كلمة المسكن إلى المكان المشغول فعلًا بسكنى الصغير وحاضنه. وكان المشرع قد أجاز للنيابة العامة في الفترة الأخيرة من ذات المادة أن تصدر قرارًا فيما يثور من منازعات بشأن حيازة مسكن الزوجية، وقد تضمنت المادة 834 من الكتاب الأول من التعليمات العامة للنيابات القواعد التي تتبع تطبيقا لذلك، فنصت في بندها الرابع على أنه: إذا كان الطلاق بائنًا وللمطلقة صغير في حضانتها يُقتَرَحُ تمكينُ المطلقة الحاضنة من مسكن الزوجية المؤجر دون الزوج المطلق حتى يفصل القضاء نهائيًّا في أمر النزاع. لما كان ذلك، وكان الثابت من الأوراق ومنها أقوال جيرة عين النزاع، ورجل الإدارة المختص. وكذا أقوال المشكو، وشهود الشاكية، وهو ما أكدته التحريات أن العين مسكن الزوجية الذي كان مشغولًا بسكنى الشاكية والمشكو لمدة خمسة أشهر رفقة والد المشكو حتى بدء النزاع بينهما، كما أن الثابت أنه قد طلقها طلقة ثانية رجعية أصبحت بائنة منه، وأنها حاضنة للصغار الذين ما زالوا في سن حضانة النساء المقررة بمقتضى المادة 20 من المرسوم بقانون 25 لسنة 1929م والمعدل بالقوانين 100 لسنة 1985م، 4 لسنة 2005م، وفي يدها الأمر الذي يستوجب -والحال كذلك- تمكينها مشاركةً مع والد المشكو دون مطلقها المشكو من مسكن الزوجية عين النزاع باعتبارها مطلقة وحاضنة، ومنع تعرضه والغير لهما في ذلك. ورأت النيابة الموافقة على تمكين الشاكية المطلقة والحاضنة من مسكن الزوجية عين النزاع، مشاركةً مع والد المشكو، دون مطلِّقها، ومنع تعرضه والغير لها في ذلك.
رزقت بولد من زوجة لي، وطلقت وتزوجت بالغير، وابني الآن في يدي، وعمره اثنتا عشرة سنة وكسور، فرفعت والدته دعوى عليَّ أمام محكمة مصر الشرعية بطلب الحكم عليَّ بتمكينها من رؤية ابنها، والمحكمة حكمت عليَّ غيابيًّا بتمكينها من رؤية ابنها كلما أرادت، فاستعملت هذا الحكم سلاحًا تحاربني به في كل لحظة بواسطة البوليس؛ إذ ربما يستدعيني البوليس في الأسبوع عشرات المرات بناءً على الحكم المذكور، ويتهجم على منزلي حتى لقد حصل أن البوليس هجم بالمنزل في غيبتي وكسر الأبواب وأخذ الولد بالقوة وسلمه لوالدته بالمنزل الذي تقيم فيه مع زوجها. فهل الحكم الشرعي يلزمني بأن أمكِّنها من رؤية الولد كلما أرادت؟ أو يصح لها أن تراه في اليوم مرات عديدة أو في الأسبوع كذلك؟ أو هناك مدة عيَّنها الشرع ترى ابنها فيها؟ وهل الشرع يلزمني أن أذهب بالولد إليها في منزلها لتراه؟ أو هي الملزمة أن تحضر إلى منزلي لترى ابنها في المدة التي عيَّنها الشرع؟ أرجو الإفادة عن ذلك.