تأجير عقار لبنك

تاريخ الفتوى: 02 أبريل 2017 م
رقم الفتوى: 4004
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الإجارة
تأجير عقار لبنك

ما حكم تأجير عقار لبنك؟ فأنا امتلك عقارًا، ويريد أحد البنوك المصرية تأجير مكان هذا العقار لممارسة نشاطه به، فهل قيامي بالتأجير له جائزٌ شرعًا أم حرام؟

يجوز للسائل شرعًا تأجير العقار للبنك، ولا حرج عليه في ذلك.

المحتويات

 

بيان أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحة

من المقرر في قواعد الشرع أن الأصل في العقود والمعاملات الإباحةُ، ما لم يأتِ دليلٌ شرعيٌّ على التحريم؛ لقوله تعالى: ﴿وقد فَصَّلَ لَكم ما حَرَّمَ عَلَيكم﴾ [الأنعام: 119]، وقوله سبحانه: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ﴾ [الجاثية: 13]، فكل ما لم يَنْهَ الشرعُ عنه: فهو مباحٌ؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَسَنَّ لَكُمْ سُنَنًا فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَرَّمَ عَلَيْكُمْ أَشْيَاءَ فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَتَرَكَ بَيْنَ ذَلِكَ أَشْيَاءَ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ مِنْ رَبِّكُمْ رَحْمَةً مِنْهُ فَاقْبَلُوهَا وَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الطبراني في "مسند الشاميين" -واللفظ له- وفي "المعجم الكبير"، والدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم وفضله": عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه، وصحّحه الحافظ ابنُ الصلاح، وحسّنه الإمام النوويُّ.

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباحٌ إذا كانت برضا المتبايعين الْجَائِزَيِ الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم منها وما كان في معنى ما نهى عنه صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

الأدلة على مشروعية الإجارة

الإجارة مشروعة بالكتاب والسنة والإجماع:
فأما الكتاب: فقوله تعالى: ﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ ۝ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ﴾ [القصص: 26].
قال الإمام الشافعي في "الأم" (4/ 26): [فدلَّ على تجويز الإجارة] اهـ.
وأما السنة: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «قَالَ اللهُ تَعَالَى: ثَلَاثَةٌ أَنَا خَصْمُهُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ، رَجُلٌ أَعْطَى بِي ثُمَّ غَدَرَ، وَرَجُلٌ بَاعَ حُرًّا فَأَكَلَ ثَمَنَهُ، وَرَجُلٌ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَاسْتَوْفَى مِنْهُ وَلَمْ يُعْطِهِ أَجْرَهُ» أخرجه الإمام البخاري في "صحيحه".
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الإجارة:
قال الإمام أبو المعالي الجويني في "نهاية المطلب" (8/ 65، دار المنهاج): [وقد أجمع من بإجماعه اعتبارٌ على صحة الإجارة] اهـ.

حكم تأجير عقار لبنك

أما التخوف من التأجير لبنك تقليدي؛ بدعوى اشتمال البنوك التقليدية على بعض العقود التي قد تكون محرمة شرعًا: فهذا تخوف لا مبرر له، ولا يمنع من جواز الإجارة؛ لأنه قد تقرر في قواعد الفقه أن الحرمة إذا لم تتعين حلت؛ فلو فرضنا اشتمال البنك على أنشطة جائزة وأخرى غير جائزة: لَمَا كان هذا مانعًا صحيحًا من جواز التعامل معه؛ لعدم تعين حرمته.
وقد نص الفقهاء على جواز بيع وشراء كل ما لم يتعين استخدامه فيما هو محرم:
قال الإمام الزيلعي الحنفي في "تبيين الحقائق" (3/ 297، ط. المطبعة الأميرية): [والخشب الذي يُتخَذُ منه المعازفُ لا يُكرَه بيعُه؛ لأنه لا معصيةَ في عينها، وكذا لا يُكرَه بيعُ الجارية المغنِّيَة، والكبش النَّطُوح، والدِّيك المقاتل، والحمَامة الطيّارة؛ لأنه ليس عينُها منكرًا، وإنما المنكَر في استعماله المحظور] اهـ.
وعلى ذلك: فإذا كان الشيءُ ذا استعمالين: أحدهما حرامٌ، والآخرُ حلالٌ: جاز بيعُه وإجارتُه، وتقع مسؤولية استعماله على المستعمِل؛ إن حلالًا فحلالٌ، وإن حرامًا فحرامٌ، وليس على البائع أو المؤجِّر إثمٌ في ذلك.
والقول في حكم تعاملات البنوك: أنها من الأُمُورِ المُختَلَفِ في تصويرها وتكييفها بين العلماء المُعاصِرِين، والذي استقرت عليه الفتوى: أن الأصل في تعاملاتِها الحل؛ لأنها من عقود التمويل المستحدثة لا القروض التي تجر النفع المحرم، ولا علاقة لها بالربا، وذلك بشرط أن لا تعود المعاملة على صاحبها بالغرر (كشأن عقود المخاطرات والمراهنات) أو الضرر (كشأن الإغراق في الديون)؛ فإن الذي عليه التحقيق والعمل جواز استحداث عقود جديدة إذا خلت من الغرر والضرر، وهذا ما جرى عليه قانون البنوك المصري رقم (88) لسنة 2003م، ولائحته التنفيذية الصادرة عام 2004م، وحكم الحاكم يرفع الخلاف ولذلك يجوز التعامل مع البنوك عملًا وتعاملًا، وأخذًا وإعطاءً.
أما وصف البنوك التقليدية بأنها بنوكٌ "غير إسلامية"؛ بدعوى أنها "ربوية": فهو وصف غير سديد، مبني على دعوى غير صحيحة؛ بل الفرق بين النوعين من البنوك: أن البنوك المسمَّاة بالإسلامية تلتزم بصيغ العقود المنصوص عليها في الفقه الموروث، أما التقليدية فلا تلتزم بذلك، بل تستحدث عقودًا جديدة، وهو اتجاه فقهي صحيح ما دام العقد خاليًا من الغرر والضرر كما سبق؛ فليس أحد النوعين أَوْلَى بالانتساب إلى الإسلام من الآخر، بل لكلا النوعين مسلكٌ صحيحٌ معتبَرٌ في الفقه الإسلامي.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه يجوز تأجير العقارات للبنوك التقليدية وغيرها لتمارس نشاطها ومعاملاتها، وليس في ذلك إثم ولا حرج شرعًا.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

أنا أرملة منذ خمس سنوات أقطن في شقة إيجار منذ أن تزوجت منذ اثنين وثلاثين عامًا، وكان لزوجي بنتان وابنان من طليقته قبل زواجي به، وكانوا صغار السن فقمت بتربيتهم، ورزقني الله من زوجي بطفلين، وقمت بتربيتهم أحسن تربية حتى كبروا، وترك زوجي يرحمه الله لكل ابن من أولاده شقة تمليك وشقة الإيجار التي أقطن بها أنا وولداي منذ أن توفاه الله، والآن أولاده من الزوجة الأولى يطمعون في شقتي متعللين أنها ورث عن والدهم، وعندما توفي زوجي كان يقطن معي بالشقة ولداي وأحدهما يساعدني على المعيشة. ما هو حكم الشرع؟


هل يجوز لشركة اتصالات استئجار مئذنة مسجد ليكون مكانًا لاستقبال معلومات الاتصالات -الهواتف- للشركة؟


اشترى السائلُ كراكةً بثمن مؤجل يزيد عن ثمنها المعجل، ويريد تشغيلها، فاتفق مع الأهالي على إيجار تشغيلها الحالّ النقدي المعجل الساعة بخمسة وعشرين جنيهًا، وعلى إيجارها المؤجل الساعة بخمسة وثلاثين جنيهًا. ويسأل عن حكم هذا الاتفاق شرعًا، وهل يدخل في دائرة الربا المحرم؟


ما هو الحكم الشرعي في مسألة عسب الفحل؟ حيث يمتلك أحد أصحاب الخيل سلالة نادرة من الخيل، ويقوم بإعطاء خيله لمن يمتلك خيلًا إناثًا لإجراء عملية التزاوج نظير مبلغ معين محدد مسبَّقًا.


ما حكم تأجير الخيول للضراب؟ فأنا أقوم بتربية خيول عربية وأقوم بتلقيح الإناث التي أملكها من هذه الخيول مقابل مبالغ مالية لمالك الذكور من الخيل في المزارع الخاصة أو للهيئة الزراعية التابعة لوزارة الزراعة، وهي الجهة المسئولة عن الخيول العربية في مصر، علمًا بأنني أتحمل أعباء مالية للإنفاق على هذه الخيول من عناية وتغذية ورعاية وعلاج ... إلخ، وقد يصبح لديَّ في القريب خيول طلائق. فما حكم الدين فيما أدفعه للغير أو ما قد أتلقاه من نقود مقابل هذا التلقيح، علمًا بأن اختيار أنساب الخيول العربية يتم بمراعاة قواعد دولية معينة مُتعارف عليها حفاظًا على نقاء دماء هذه الخيول مما يدعو إلى التقيد بالتعامل مع الهيئة الزراعية التابعة للوزارة أو مع ملَّاك المزارع الخاصة، وكل منهم يطلب رسوم التلقيح التي يشترطها؟


لو عثر شخص على شيء ذي قيمة لا يُعرَف صاحبُه، فأخذه، وبحث عن صاحبه حتى اهتدى إليه، فهل له الحق في أن يطالبه بمكافأة على ما فعل؟