أرجو من سيادتكم التكرم بإفادتنا حول هذا الموضوع:
جرت العادة من مئات السنين بين الفلاحين وغيرهم في قياس الأراضي أن يكون القياس بجمع كل ضلعين متقابلين، ثم قسمة حاصل الجمع لهذين الضلعين على 2، ثم ضرب الناتج من متوسط جمع كل ضلعين في بعضهما؛ ليكون ناتج الضرب هو مساحة هذه الأرض، وهذه الأراضي أغلبُها مسجل في الشهر العقاري والمحاكم من يوم أن قُنِّنَ بصحة التوقيع.
ومنذ ست عشرة سنة بعت أرضًا زراعية مساحتها 12 قيراطًا لرجل وأخيه، وكما جرت العادة تم قياس هذه المساحة في وجودي ووجود المشترييَن معًا، وتم وضع العلامات (الحديد) على الجوانب الأربعة لقطعة الأرض، وعليه فتسلمت الثمن واستلما الأرض.
ومنذ سنة تقريبًا اشترى مني نفس المشتري "قيراطين" بجوار الأرض السابقة ليضيفوها إلى مساحتها، ففوجئت بأنه يقيس بشكل مختلف عن سابقه، ولما سألته قال لي: القياس حديثًا يقاس بما يُسمَّى قياس "الوتر"، ولَمّا سألتُه عن الفرق بين القديم والحديث قال: قياس الوتر لمساحة ما يزيد عن القياس القديم بفرقٍ ما، وإذ بالمشتريين يطلبون منه إعادة القياس بالوتر للمساحة التي اشتروها مني منذ ست عشرة سنة، واندهشت من هذا الطلب الذي يلغي تمامًا قاعدة العرف الذي جرى عليها الناس في السنوات الماضية ومئات السنين، لكن لم يسمعا وجهة شرح الموضوع، وفرضا عليَّ القياس مرة أخرى، وعلى أساسه طلع الفرق 90 مترًا بين القديم والحديث، فقلت لهم: معنى ذلك أن كل العقود من مئات السنين يرجع فيه المشتري على البائع بهذا القياس، ويطالبوا بهذا الفرق بالمساحات، أو بأثمانها بالأسعار الجارية.
فنرجو من فضيلتكم إبداء الرأي الشرعي في هذه المسألة بما يفيد، ولكم جزيل الشكر.
الطريقة التي تمَّ قياس الأرض بها قديمًا صحيحة شرعًا؛ لأن الأخذ بها كان مبنيًّا على قواعد الاجتهاد الصحيح، كما أنها كانت مَرضيّة بين الناس ومعمولًا بها في أعرافهم، ومعتدًّا بها من الجهات الرسمية المتخصصة، فلا يجوز نقضُ ما اعتُمد فيه عليها بدعوى حدوث طرُق قياسيةٍ جديدة؛ لِمَا يترتب على ذلك مِن عدم استقرار الأحكام، واختلال النظام المجتمعي، وفتح باب الشقاق والنزاع، وحدوث الفوضى بين الناس، بالإضافة إلى أن الطرق الجديدة اجتهادٌ أيضًا، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد.
من المقرر في قواعد الفقه وأحكامه: أنَّ الاجتهاد لا يُنقَض بالاجتهاد؛ لأنَّه لو نُقِضَ به لجاز نقضُهُ باجتهادٍ آخر، وهذا الآخر يجوز بالتالي نقضُه بغيره؛ فيتسلسل الأمر بلا نهاية؛ مما يؤدي إلى عدم استقرار الأحكام.
قال العلَّامة الزركشي الشافعي في "المنثور في القواعد الفقهية" (1/ 93، ط. وزارة الأوقاف الكويتية): ["الاجتهاد لا يُنقَضُ بالاجتهاد"؛ لأنه لو نُقِضَ به لنُقِضَ النَّقْضُ أيضًا؛ لأنَّه ما مِن اجتهادٍ إلّا ويجوز أن يتغير ويتسلسل، فيؤدي إلى أنه لا تستقر الأحكام] اهـ.
وقد تضافرت عليها الأدلة من أقوال الصحابة رضوان الله عليهم وأقضيتهم؛ فعن مسعود بن الحكم الثقفي رضي الله عنه قال: أُتِيَ عمر بن الخطاب رضي الله عنه في امرأةٍ تركت: زوجَها، وأمَّها، وإخوتَها لأمِّها، وإخوتَها لأبيها وأمِّها، فشرَّك بين الإخوة للأم وبين الإخوة للأم والأب بالثلث، فقال له رجل: إنك لم تشرِّك بينهما عام كذا وكذا؟ فقال رضي الله عنه: "فَتِلْكَ عَلَى مَا قَضَيْنَا يَوْمَئِذٍ، وَهَذِهِ عَلَى مَا قَضَيْنَا الْيَوْمَ". قال عبد الرزاق: وقال الثوري: "لو لم أستفد في سفرتي هذه غيرَ هذا الحديثِ لظننت أني قد استفدت فيه خيرًا" أخرجه الدارقطني في "السنن"، والبيهقي في "السنن الكبرى".
قال الحافظ جلال الدين السيوطي في "الأشباه والنظائر" (1/ 101، ط. دار الكتب العلمية): [الأصل في ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم، نقله ابن الصبَّاغ، وأنَّ أبا بكر رضي الله عنه حكم في مسائل خالفه عمر رضي الله عنه فيها ولم ينقض حكمه، وحكم عمر رضي الله عنه في المشرَّكة بعدم المشاركة ثم بالمشاركة، وقال: "ذلك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا"، وقضى في الجد قضايا مختلفة. وعلته: أنه ليس الاجتهاد الثاني بأقوى من الأول؛ فإنه يؤدي إلى أنه لا يستقر حكمٌ، وفي ذلك مشقة شديدة؛ فإنه إذا نقض هذا الحكم نقض ذلك النقضُ.. وهلُمَّ جَرًّا] اهـ.
وقاعدة "الاجتهاد لا يُنقض بالاجتهاد" من القواعد المتفق عليها بين الفقهاء؛ لِمَا تتضمنه من استقرار الأحكام والحفاظ على الأمن المجتمعي.
ومِن فروع هذه القاعدة في مسائل الفقه: مَن تغير اجتهادُه في القبلة، أو من اجتهد فظنَّ طهارةَ أحد الإناءين فاستعمله وترك الإناء الآخر، أو شهد الفاسق فرُدَّتْ شهادتُه فتاب وغيّر شهادته؛ فمثلُ هذه المسائل لا يعمل فيها بالاجتهاد الثاني؛ لأنه يتضمن نقض الاجتهاد الأول.
وما تمَّ به قياس هذه الأرض وحساب مساحتها بطريقة القياس القديمة: إنَّما كان مبنيًّا على اجتهادٍ من القائم على قياس هذه الأراضي (المسَّاح)، وذلك الاجتهاد كان مرضيًّا بين الناس ومعمولًا به في أعرافهم، وكان معتدًّا به من الجهات الرسمية المختصة بهذا الشأن طوال السنوات الماضية.
وتعارُفُ الناس بعد ذلك على طريقةٍ جديدةٍ في قياس الأراضي وحساب مساحاتها؛ وهي "قياس الوتر": هو أيضًا مبني على اجتهادٍ يتناسب مع قياس الأراضي في هذا العصر؛ فلا يُنقَضُ الاجتهاد الأول بالاجتهاد الثاني، ولا يُلغَى ما ترتَّبَ على طريقة القياس الأولى بحدوث طريقة ثانية.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما تمَّ به قياسُ الأرض مِن طريقة القياس القديمة -أو غيرها مما تعارف عليه الناس آنذاك-: هو صحيحٌ شرعًا، ولا يجوز نقضُ تلك القياسات والحسابات التي تمت بتلك الطريقة ولا إلغاؤها بدعوى حدوث طرُق قياسيةٍ أُخرى؛ لِمَا يترتب على ذلك مِن عدم استقرار الأحكام، وما يلزم عليه من اختلال النظام المجتمعي، وفتح باب الشقاق والنزاع في العقود، وحدوث الفوضى بين الناس، وكثرة الهرج والمرج بينهم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يقول: اشتريت شقة عن طريق التمويل العقاري من البنك، ومن ضمن بنود العقد اشتراط البنك على العميل عدم بيع محل التمويل العقاري حتى يقوم بسداد كامل الثمن؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
ما حكم تصرفات الأب في مال ولده الصغير؟ فقد سُئِل بما صورته: المسألة الأولى: هل ينوب الأب عن ولده الصغير إنابةً مطلقةً من غير قيدٍ ولا شرطٍ في التصرفات الشرعية التي يعقدها مع الغير بشأن أموال ولده الصغير سواء كانت منقولًا أو عقارًا، فيعتبر الأب في هذه الحالة حالًّا محلَّ ولده الصغير حلولًا شرعيًّا يترتب عليه آثاره، فتنفذ تصرفات هذا الأب في مال ولده على اعتبار هذا الأخير كأنه غير موجود، ولا يجوز للصغير نقض ما حصل من هذه التصرفات بعد بلوغه سن الرشد؟
المسألة الثانية: هل إذا باع الأب بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير عقارًا للصغير بثمن لا غبن فيه ولم يقبض كل الثمن، ثم أهمل مطالبة المشتري بباقي الثمن حتى مضت المدة المانعة من سماع الدعوى، فهل للصغير بعد بلوغه الرشد أن يطالب المشتري بباقي الثمن الذي لم يمكن إلزامه به قضاء لمضي المدة المانعة من سماع الدعوى قبل بلوغ الصغير سن الرشد، أم يرجع الصغير على والده بحساب ما أضاعه عليه بسبب إهماله المطالبة قبل مضي المدة من سماع الدعوى ولا رجوع له على المشتري؟
المسألة الثالثة: هل للأب غير الفاسد بما له من الولاية الشرعية على ولده الصغير أن يبيع كلَّ أو بعضَ عقار ولده بثمن لا غبن فيه وفاءً لديون عليه شخصيًّا؟ وهل له أن يرهن كلّ أو بعض عقار ولده الصغير لوفاء ذلك؟ وهل ينعقد البيع أو الرهن ويصبح نافذًا على الصغير بعد بلوغه سن الرشد ولو كان المشتري أو المرتهن يعلم بأن ثمن البيع أو الرهن سيوفي به الأب ديونًا ترتبت في ذمته لحساب نفسه لا لحساب ولده الصغير؟ وهل ينعقد هذا الرهن ويصبح نافذًا على الصغير ولو بعد بلوغ سن الرشد إذا كان العقار المرهون يملك فيه الأب جزء على الشيوع والجزء الآخر لولده الصغير فخلط الأب قيمة الرهن التي قبضها من المرتهن عمّا يخصه بحسب نصيبه في العقار المرهون، وما يخص ولده الصغير وتصرف فيه لحساب نفسه بأن دفعه لديون شخصية عليه لآخرين، أو تصرف فيه لمصلحة نفسه أو أضاعه؟ وهل للصغير في هذه الحالة الرجوع على والده بحساب ما قبضه من قيمة الرهن أو البيع الذي لا غبن فيه، أم يرجع على المشتري والمرتهن؟ أفتونا بالجواب، ولكم الأجر والثواب.
سائل يسأل ويقول: هل يجوز القيام بالبيع والشراء لجسد الإنسان أو شيء من أعضائه؟
ما مدى أحقية المشتري في رد الحيوان إذا اكتشف به مرضًا معيبًا؟ حيث اشترى أحد الناس ماشية ثم اكتشف أنَّها مريضةٌ مرضًا ينقص من ثمنها، وقد يُعرض حياتها للخطر؛ فهل له الحق في ردها على صاحبها؟ وهل هناك شروط لهذا الرد؟
ما حكم التجارة في الملابس النسائية؟ فأنا أتاجر في الملابس النسائية (بناطيل جينز)، واعترض عليّ بعض الناس أنَّ ما أتاجر فيه حرامٌ شرعًا، فهل المتاجرة في الملابس النسائية كلها حرامٌ شرعًا أو لا؟
ما حكم بيع بعض الممتلكات للزوجة بقصد حرمان الورثة؛ حيث يوجد رجلٌ له أربع بنات، باع لزوجته نصف منزله بقصد حرمان باقي الورثة من الميراث؛ فما حكم الشرع في ذلك؟