ما حكم زكاة الأسهم؟ ومن المطالب بإخراجها هل الشركة أم المساهم؟ وما كيفية إخراج الشركة للزكاة؟
السهم هو صك يعبر عن قيمة مساهمة في رأس مال الشركة التي تصدره، وتصرف عليه نسبته في الأرباح السنوية حسب أرباح الشركة، كما تزداد قيمته بزيادة ربحية وسمعة الشركة في السوق، وقد يباع بأعلى من قيمته الاسمية.
وزكاة الأسهم ينظر فيها إلى نوع الشركات المساهم بها: فإن كانت الشركة تجارية زُكيت زكاة عروض التجارة، ويتم ذلك بحساب قيمة الأسهم وقت وجوب الزكاة، مضافًا إليها الأرباح، وذلك بعد خصم المصاريف؛ فتكون الزكاة على ما يسمى بـ"رأس المال العامل"، وذلك بنسبة ربع العشر (2.5%)، فإن كان مالكها يحتاج إلى النفقة من عائدها على حاجاته الضرورية، فلا حرج عليه حينئذ في إخراج زكاتها بنسبة عشرة في المائة (10%) من العائد فقط كلّما قبضه، ويخرج بذلك كل نشاط ليس قائمًا على التجارة المحضة؛ كالأنشطة الصناعية أو الإنتاجية أو الخِدْمِيَّة للشركات المختلفة؛ فلا تجب الزكاة في أصل الأسهم فيها، وإنما تجب الزكاة في ربحها إذا بلغ نصابًا بنفسه أو بما انضم إليه.
ويشترط في الأموال التي تجب فيها الزكاة أن تبلغ قيمتها النصاب الشرعي، وهو ما يعادل قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21 بسعر الشراء، وأن يحول عليها الحول، وهو عام هجري، وأن تكون خاليةً من الديون، وأن تكون زائدةً عن حاجة مالكها وحاجة من يعولهم.
ويخرج زكاة الأسهم أصحابها، ويصحّ أن تخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم، فإذا قامت الشركة بإخراجها فليس على المساهم إخراج زكاة أسهمه مرة أخرى، وعند إخراج الشركة لزكاة الأسهم تقوم بطرح قيم الأسهم غير التجارية حيث لا تجب فيها الزكاة، ومنها: أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
المحتويات
عندما ترغب الشركات في تمويل مشروعاتها واستثماراتها تصدر صكوكًا، ويكون لكل صك قيمة اسمية، وهذه الصكوك قد تكون أسهمًا، أو سندات، وتسمى هذه الصكوك (بالأوراق المالية).
فالسهم: صك يعبر عن قيمة مساهمة في رأس مال الشركة التي تصدره، وتصرف عليه نسبته في الأرباح السنوية حسب أرباح الشركة، كما تزداد قيمته بزيادة ربحية وسمعة الشركة في السوق، وقد يباع بأعلى من قيمته الاسمية.
وأما السند فيعبر عن قيمة دين لصاحب هذا الصك، يستحق على الشركة ويرد في موعد نهاية السند، ويصرف عليه عائد، وقد يباع بأعلى من قيمته كذلك إن كانت هذه الديون على شركات موثوقة وتدفع فائدة على الدين كبيرة.
تطرح هذه الأسهم والسندات في سوق يسمى (البورصة)، ويدخل المتعاملون هذا السوق لشراء هذه الصكوك، فهي سوق ولكنه لا يباع فيه نفس الأصول، بل يتداول فيه الأوراق المالية التي تعبر عن هذه الأصول التي عادة لا يراها المشتري ولا يتابعها.
والسهم يمثل جزءًا من أجزاء متساوية لرأس المال في شركات المساهمة وشركات التوصية، وينتج جزءًا من ربح الشركة، وحامل السهم يتملك حصة من الشركة بحسب قيمة الأسهم التي يمتلكها، ولكل سهم قيمة اسمية عند إصداره من طرف الشركة، وقيمة سوقية بحسب العرض والطلب، فهو قابل للبيع والشراء في سوق الأوراق المالية، ووسيلة للتجارة والتربح.
وعلى ذلك فإن السهم يعدّ مالًا، ومن المقرر شرعًا أن زكاة المال ركن من أركان الإسلام الخمسة وفرض عين على كل مسلم، فإذا توفرت الشروط الواجبة لزكاة المال في الأسهم وجبت زكاتها، وهي كالتالي:
1- أن تبلغ قيمتها النصاب الشرعي، أي: ما يعادل قيمة 85 جرامًا من الذهب عيار 21 بسعر الشراء.
2- أن يحول عليها الحول، وهو عام هجري.
3- أن تكون خاليةً من الديون.
4- أن تكون زائدةً عن حاجة مالكها، وعن حاجة من يعولهم.
فعلى المالك لهذه الأسهم أن يُخرج الزكاة من قيمة الأسهم الحالية متى حال عليها الحول مضافًا إليها الأرباح، بعد خصم كل المصاريف، في الشركات التجارية والشركات المساهمة، وفي حالة اختلاف القيمة السوقية للأسهم يمكن أخذ القيمة التي في "البورصة".
مقدار الزكاة الواجب إخراجها بعد استيفاء الشروط المذكورة هو ربع العشر، أي: (2.5%) من أصل المبلغ وربحه، أما إذا كانت الأسهم يحتاج مالكها إلى النفقة من عائدها على حاجاته الضرورية، بأن كان لا دخل له، أو كان دخله لا يكفيه، فلا حرج عليه في إخراج زكاة هذه الأسهم حينئذ بنسبة (10%) من العائد وليس من أصل المبلغ الذي اشتراها به، وذلك كلما قبض العائد.
فإن كان يقبض العائد بشكل شهري، أو ربع سنوي، أو سنوي، فيجوز له أن يخرج (10%) من هذا العائد في كل مرة يقبضه، وهذا تخريج على ما أفتى به الشيخ/ عبد الله المشدّ رحمه الله تعالى "رئيس لجنة الفتوى بالأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية"؛ فقد كان يُفتي رحمه الله تعالى بأنه إذا كان هناك وديعة محبوسة أذهبها البنك لأنواع الاستثمار المختلفة، فإن صاحب المال يخرج (10%) على العائد فقط كزكاة.
أما عن المكلف بإخراج زكاة الأسهم:
فإن زكاة الأسهم إخراجها على أصحابها، ويصحّ أن تخرجها إدارة الشركة نيابة عنهم إذا نُص في نظامها الأساسي على ذلك، أو صدر به قرار من الجمعية العمومية، أو كان قانون الدولة يلزم الشركات بإخراج الزكاة، أو حصل تفويض من صاحب الأسهم لإخراج إدارة الشركة زكاة أسهمه.
فإذا قامت الشركة بإخراج الزكاة نيابة عن أصحابها لسبب من الأسباب المذكورة سابقًا، فإن إدارة الشركة تقوم بإخراج زكاة الأسهم كما يخرج الشخص الطبيعي زكاة أمواله، بمعنى أن تعتبر جميع أموال المساهمين بمثابة أموال شخص واحد، وتفرض عليها الزكاة بهذا الاعتبار؛ من حيث نوع المال الذي تجب فيه الزكاة، ومن حيث النصاب، ومن حيث المقدار الذي يؤخذ، وغير ذلك مما يراعى في زكاة الشخص الطبيعي؛ وذلك أخذًا بمبدأ الخلطة عند من عمّمه من الفقهاء في جميع الأموال، وهما السادة الشافعية في الصحيح عندهم، والحنابلة في رواية للإمام أحمد:
قال شيخ الإسلام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 450، ط. دار الفكر): [قال أصحابنا: هل تؤثر الخلطة في غير الماشية؟ وهي الثمار والزروع والنقدان وعروض التجارة، (أما) خلطة الاشتراك (ففيها) القولان اللذان ذكرهما المصنف بدليلهما؛ (القديم) لا تثبت، (والجديد) الصحيح تثبت] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 462، ط. مكتبة القاهرة): [مسألة: اختلطوا في غير السائمة كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار: مسألة: قال: (وإن اختلطوا في غير هذا، أخذ من كل واحد منهم على انفراده، إذا كان ما يخصه تجب فيه الزكاة)، ومعناه: أنهم إذا اختلطوا في غير السائمة؛ كالذهب والفضة وعروض التجارة والزروع والثمار، لم تؤثر خلطتهم شيئًا، وكان حكمهم حكم المنفردين. وهذا قول أكثر أهل العلم. وعن أحمد رواية أخرى، أن شركة الأعيان تؤثر في غير الماشية، فإذا كان بينهم نصاب يشتركون فيه، فعليهم الزكاة. وهذا قول إسحاق والأوزاعي في الحب والثمر. والمذهب الأول] اهـ.
وعند إخراج الشركة لزكاة الأسهم تقوم بطرح نصيب الأسهم التي لا تجب فيها الزكاة، ومنها: أسهم الخزانة العامة، وأسهم الوقف الخيري، وأسهم الجهات الخيرية، وكذلك أسهم غير المسلمين.
أما إذا لم تقم الشركة بإخراج زكاة الأسهم لأي سبب من الأسـباب، فالواجب على المساهمين زكاة أسهمهم وفق ما قرره مجمع الفقه الإسلامي، في دورة مؤتمره الرابع بجدة بتاريخ: 23 جمادى الآخرة 1408هـ، الموافق 6-11 فبراير 1988م.
زكاة الأسهم ينظر فيها إلى نوع الشركات المساهم بها: فإن كانت الشركة تجارية زُكيت زكاة عروض التجارة، ويتم ذلك بحساب قيمة الأسهم وقت وجوب الزكاة، مضافًا إليها الأرباح وإخراج ربع عشرها.
يقول العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (2/ 21): [أما مقدار الواجب من هذا النصاب فما هو مقدار الواجب من نصاب الذهب والفضة وهو ربع العشر؛ لأن نصاب مال التجارة مقدر بقيمته من الذهب والفضة، فكان الواجب فيه ما هو الواجب في الذهب والفضة، وهو ربع العشر؛ ولقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «هَاتُوا رُبُعَ عُشُورِ أَمْوَالِكُمْ» من غير فصل] اهـ.
وقال العلامة ابن قاسم الغزي الشافعي في "فتح القريب المجيب" (ص: 129، ط. دار ابن حزم): [(وتُقوَّم عروضُ التجارة عند آخر الحول بما اشتريت به)؛ سواء كان ثمن مال التجارة نصابا أم لا، فإن بلغت قيمةُ العروض آخر الحول نصابا زكَّاها، وإلا فلا، (ويُخرَج من ذلك) بعد بلوغ قيمة مال التجارة نصابًا (ربع العشر) منه] اهـ.
فالتجارة: هي أن تشتري لتبيع لتربح؛ فيشترط فيها: التملُّك بعقد معاوضة محضة بقصد البيع لغرض الربح، من غير أن يتخلل ذلك صناعة أو إنتاج أو استغلال.
ومن هذا التعريف للتجارة بشروطه الثلاثة يخرج كل نشاط ليس قائمًا على التجارة المحضة؛ كالأنشطة الصناعية أو الإنتاجية أو الخِدْمِيَّة للشركات المختلفة؛ إذ الربح فيها قائم على الإنتاج والصناعة والخدمات، لا على البيع والشراء وَحْدَهُما، وهي ما يعبر عنها بالمستغَلَّات.
وهذا هو الذي يتحصل من تعريف الفقهاء للتجارة التي يجب في مالها الزكاة:
قال العلامة أبو محمد بن شاس المالكي في "عقد الجواهر الثمينة" (3/ 901، ط. دار الغرب الإسلامي): [والتجارة هي الاسترباح بالبيع والشراء، لا بالحرفة والصناعة] اهـ.
وقال شيخ الإسلام النووي في "المجموع" (6/ 48): [قال أصحابنا: مال التجارة هو: كل ما قُصِدَ الاتِّجارُ فيه عند تَمَلُّكِه بمعاوضةٍ محضة] اهـ.
وقال العلاّمة الحجاوي الحنبلي في "الإقناع" (1/ 275، ط. دار المعرفة) في تعريف "عروض التجارة": [وهي ما يُعَدُّ لبيعٍ وشراءٍ؛ لأجل ربحٍ، غير النقدين غالبًا] اهـ.
والذي عليه جمهور فقهاء المسلمين -وحُكِيَ عليه الإجماع- أن الزكاة واجبة في المال المُعَدِّ للتجارة، وهذا ما يشير إليه حديث سَمُرَةَ بن جندب رضي الله عنه قال: "أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم كَانَ يَأْمُرُنَا أَنْ نُخْرِجَ الصَّدَقَةَ مِنَ الَّذِي نُعِدُّ لِلْبَيْعِ" رواه الإمام أبو داود في "سننه".
قال العلامة بدر الدين العيني الحنفي في "البناية شرح الهداية" (3/ 382، ط. دار الكتب العلمية): [(الزكاة واجبة في عروض التجارة) ش: قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على وجوب الزكاة في العروض، ورويناه عن ابن عمر، وابن عباس رضي الله عنهم، والفقهاء السبعة: ابن المسيب والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وأبو بكر عبد الرحمن بن الحارث وخارجة بن زيد، وعبيد الله بن عبد الله بن عقبة وسليمان بن يسار وطاووس والحسن البصري وإبراهيم النخعي والأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم] اهـ.
أما المستغَلاّت: فهي الأموال التي لم تُتَّخذ للتجارة في أعيانها، ولكنها تُتَّخذ للنماء؛ فتُغِلُّ لأصحابها كسبًا بتأجير أعيانها؛ كالشقق والسيارات، أو ببيع ما يحصل من إنتاجها؛ كالمصانع وشركات التعمير التي تشتري الأراضي وتعمرها لتبيعها وحدات سكنية؛ وكبهيمة الأنعام التي تُتَّخَذ لبيع لبنها وصوفها وتسمينها وبيع نتاجها، والذي عليه الفتوى في المستغَلات أنه لا زكاة فيها، وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين -ممن يميلون إلى توسيع نطاق الأموال التي تجب فيها الزكاة- يرون الزكاة فيها، إلا أننا نرجح الوقوف عند مورد النص في ذلك؛ تغليبًا لمعنى الاتباع في الزكاة، ولأن الأصل براءة الذمة مما لم يرد النص بإيجاب الزكاة فيه.
قال العلامة ابن نجيم الحنفي في "البحر الرائق" (2/ 246، ط. دار الكتاب الإسلامي): [والعرض بكسر العين ما يحمد الرجل ويذم عند وجوده وعدمه، كذا في "معراج الدراية" قيّد بكونها للتجارة؛ لأنها لو كانت للغلة فلا زكاة فيها؛ لأنها ليست للمبايعة] اهـ.
وقال العلامة أبو الطاهر التنوخي المالكي في "التنبيه" (2/ 798، ط. دار ابن حزم، بيروت): [ولا خلاف بين الأمة أن عروض القنية غير مزكاة؛ وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَيْسَ عَلَى المُسْلِمِ فِي عَبدِهِ وَلاَ في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ»، وقد فهمت الأمة من هذا سقوط الزكاة في عروض القنية] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (2/ 50، ط. دار المعرفة): [كل مال ما كان ليس بماشية ولا حرث ولا ذهب ولا فضة يحتاج إليه، أو يستغني عنه، أو يستغل ماله غلة منه، أو يدخره ولا يريد بشيء منه التجارة فلا زكاة عليه في شيء منه بقيمة] اهـ.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (4/ 205، ط. مؤسسة الرسالة): [ولا زكاة لغير تجارة في عرض وحيوان وعقار وشجر ونبات "و" سوى ما سبق، ولا في قيمة ما أُعِدّ للكراء من عقار وحيوان وغيرهما] اهـ.
فالشركات التي نشاطها ليس قائمًا على التجارة المحضة؛ كالأنشطة الصناعية أو الإنتاجية أو الخِدْمِيَّة، فلا تجب الزكاة في أصل الأسهم فيها، وإنما تجب الزكاة في ربحها إذا بلغ نصابًا بنفسه أو بما انضم إليه، وتوفرت فيه شروط زكاة المال المذكورة سابقًا، وقيمة الزكاة ربع العشر أي 2.5 بالمائة.
بناءً على ما سبق: فعلى من يملك مجموعة من الأسهم تحققت فيها شروط وجوب الزكاة أن يخرج الزكاة على أصل المال مضافًا إليه عائده السنوي في آخر العام الزكوي بعد مصاريفه وما يعيش منه هو ومن يعول من حوائجه الأصلية متى بلغ هذا المال النصاب، وهو ما يقابل قيمته بالنقود الحالية 85 جرامًا من الذهب عيار 21، فإذا ملك المسلم هذا النصاب أو أكثر وحال عليه الحول وجبت فيه الزكاة بمقدار ربع العشر 2.5%.
أما إذا كانت الأسهم يحتاج مالكها إلى النفقة من عائدها على حاجاته الضرورية، بأن كان لا دخل له، أو كان دخله لا يكفيه، فلا حرج عليه في إخراج زكاة هذه الأسهم حينئذ بنسبة (10%) من العائد وليس من أصل المبلغ الذي اشتراها به، وذلك كلما قبض العائد. والمكلف بإخراج الزكاة هو مالك الأسهم، ويصح أن تنوب عنه الشركة في إخراج زكاته، فإذا قامت الشركة بذلك فلا يجب عليه إخراج زكاة أسهمه مرة أخرى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم التجارة في البورصة؟
ما حكم زكاة الأسهم؟ ومن المطالب بإخراجها هل الشركة أم المساهم؟ وما كيفية إخراج الشركة للزكاة؟
ما حدود التعامل في البورصة؟ وكيف أخرج الزكاة عن أسهمها؟
ما حكم التعامل في البورصة؟ وهل المضاربة في البورصة حلال؟ حيث إنني اشتريت بمبلغ عشرة آلاف جنيه أوراقًا مالية وضاربت بها فأصبحَت على مدار عامين مبلغًا كبيرًا جدًّا، ومنذ حوالي عام قال لي صديق: إن هذه المعاملة لا يجيزها الشرع، ولكنني لم آبه بهذا الكلام واستمررتُ في العملية، ومع كل يوم تتزايد أرباحي. وإن كانت هذه العملية حرامًا، فماذا أفعل في كل هذه الأموال التي جنيتُها من المضاربة؟
ما حكم حكم شراء الأوراق المالية بالهامش؟ فقد ورد سؤال نصه كالتالي انتشرت أسواق الأوراق المالية في هذا العصر انتشارًا كبيرًا بعد ازدياد الحاجة إليها باعتبارها إحدى الدعائم الأساسية للاستثمار الحديث، وقد ساعد هذا الانتشار في ظهور أنواع جديدة من العقود، ومن هذه العقود شراء الأوراق المالية بالهامش أو ما يعرف بـ"المارجن" (Margin Trading)، والذي يتمُّ وفقَ أنظمةٍ وقواعدَ تحددها البورصة والهيئة العامَّة لسوق المال، عن طريق سدادِ العميلِ جزءًا من ثمن الأوراق المالية عند الشراء، وتأجيل سدادِ باقي الثمن، على أن تقومَ إحدى الشركات العاملة في مجال الوساطة في الأوراق المالية بتمويلِه وتدبير الأموال اللازمة لتسوية عملية الشراء في المواعيدِ المقرَّرة، ويتمُّ ذلك عن طريق اتفاقٍ بين العميل وشركة الوساطة العاملة في البورصة المصرية على حجم التمويل وفق جزءٍ من ثمن الأسهم التي يريد شراءها، وتحصلُ الشركة على كافَّة الضمانات من العميل كرهن سندات أو أسهم أخرى أو حسابات بنكية لأموال مملوكة له لضمان أموالها، مع توكيل العميلِ الشركةَ في تنفيذِ عمليات شراء الأسهم وبيعها باسمه ولصالحه وفي إدارة حساباته بيعًا وشراءً، ويكون هذا التوكيل في حدود الأوراق المالية المشتراة بالهامش أو المقدمة كضمان والمحفوظة لدى أمين الحفظ، حتى تضمن الشركة سداد قيمة أمواله، وبهذا يستطيع العميل مضاعفة حجم استثماراته في البورصة بمساعدة شركة الوساطة، وتَشترطُ الشركةُ على العميل ربحًا معينًا على إحدى طريقتين:
إما 2,5% عمولات بيع وشراء، أو 1,5% يدفعها العميل كلَّ شهر لشركة الوساطة حتى انتهاء المعاملة.
ويقوم العميل بفتْح حساب وتوفير مبلغ من المال بنسبة تصل إلى (50%) وتقوم شركة الوساطة المالية بتزويد العميل بباقي المبلغ عند طلبه لشراء أسهم، بحيث يشارك العميل مثلًا بتمويل (مارجن) (50%) ويقوم الوسيط المالي بدفع الباقي، وينتظر العميل الأسعار لتصبح في صالحه ربحًا، فيقوم ببيع الصفقة أو الصفقَات، وتوضع قيمة المعاملة في حسابه في البنك، ويقوم الوسيط المالي بتغطية العميل والاستمرار في التعامل ما دام في حسابه ما يغطي قيمة الخسائر، وإذا لم يكن هناك ما يغطي الخسائر يقوم الوسيط بموجب توكيله من العميل بإدارة حساباته وتنفيذ عمليات شراء وبيع الأسهم في حدود الأوراق المالية محل التمويل (المارجن) والأسهم والسندات المقدمة كضمان لدى أمين الحفظ، مع الملاحظة أن الوسيط لا يأخذ شيئًا من الأرباح في حالة الربح عند البيع، ولكن يأخذ عمولته فقط.
ويتضمن العقد المرفق أنَّ مُدَّته تكون ثلاثة أشهر، وتتجدَّد تلقائيًّا ما لم يُخْطِر أحدُ الأطراف الطرفَ الآخر بعدم رغبته في التجديد قبلَ انتهاءِ مدَّته بخمسة عشر يومًا، وبانتهائه يصبح رصيدُ المديونية المستحقة على العميل للطرف الأول (شركة الوساطة العاملة في البورصة) مستحقًّا واجبَ الأداء فورًا، كما يحقُّ للطرف الأول -في أي وقت يراه ودون إبداءِ أسبابٍ- إخطارُ العميل بإيقاف هذا العقد أو إلغائه أو إنهائه، ويترتب على ذلك مطالبةُ العميل بسدادِ كاملِ مديونيَّته من أصل وعمولات ومصاريف في خلال خمسة عشر يومًا من تاريخ إخطاره، فضلًا عن أنه في حالة إخلال العميل بأي بند من بنود هذا العقد يعتبرُ العقدُ منتهيًا ومفسوخًا من تلقاء نفسه ومستحقَّ الأداءِ فورًا.
ومن المتفق عليه أيضًا في شروط هذا العقد أنه يحقُّ للعميل في أي وقت سدادُ جزء أو كل قيمة الأوراق المالية محل العقد وإنهاؤه، وكلُّ ذلك يخضعُ للقواعدِ التي تضعها الهيئة العامة لسوق المال في تحديد الشركات العاملة في البورصة التي يُتاحُ لها عَمَلُ هذا النوع من التمويل، وكذا تحديد العملاء الذين يصلحُ لهم عمل هذا التمويل، كما تحدد الأسهم التي تصلح ضمانةً للتمويل بعقد الشراء بالهامش (المارجن)، والأسهم التي يصلح شراؤها وإتاحة التمويل لها، كما تقوم الهيئة العامة لسوق المال بالإشراف على قواعدِ التعامُل في البورصة المصريَّة، فما حكم هذا العقد؟
ما الحكم الشرعي للمعاملات المالية بالبورصة؟