قد بلغتُ من العمر خمسين عامًا؛ ودم الحيض في طريقه للانقطاع تمامًا، فهل يجوز أن آخذ دواء حتى يتأخر انقطاعه؟
يجوز للسائلة شرعًا أخذ دواء لتستمر عليها عادة الحيض، ما دامت تبتغي بذلك غرضًا يقرّه الشرع، وبشرط ألَّا يكون فيه ضررٌ عليها، ولا تحايلٌ للإفطار في شهر رمضان، وعليها حينئذٍ الانقطاع عن الصلاة والصيام في مدة نزول دم الحيض إن كانت أقل من خمسة عشر يومًا على المفتى به.
المحتويات
الحيض في الشرع هو عبارة عن الدم الذي يخرج من رحم امرأة بالغة صحيحة، ومن منظور طبي: هو عبارة عن نزيف شهري يستمر بين يوم إلى سبعة أيام غالبًا، ويحدث عادة كل ثمانية وعشرين يومًا، ومن الممكن أن تنقص هذه المدة أو أن تزيد، ويُسمى الحيض بالطمث.
ومصدر السائل الطمثي الذي هو دم الحيض هو الرحم؛ ففي سن البلوغ تبدأ الغدة النخامية تحت تأثير مراكز عليا في المخ تنبيه الغدد الصماء، ومنها المبيضان، فيفرزان الهرمونات الأنثوية فينمو الرحم، وفي كل دورة ينمو الغشاء المبطِّن للرحم ويمتلئ بالغدد، وتتركز فيه المواد الغذائية استعدادًا لاستقبال البييضة الملقحة التي تنغرس في جدار الرحم المُعَدِّ لذلك، فإذا لم يحدث حمل تبقى البُيَيْضة بدون تلقيح، وتبدأ في الضمور وتهبط معها الهرمونات، فيتفتت الغشاء المخاطي المبطن للرحم وينزل على هيئة دم الحيض. والسائل الحيضي عبارة عن دم غير متجلط مع مخاط مع بقايا خلايا الغشاء المخاطي الذي تفتت، وتكون كميته قليلة، ومخاطيًّا في أول الحيض، ثم يكون مائلًا للحمرة، ثم بني اللون في نهاية الحيض، هذا في غالب الأحوال.
ويستمر حيض المرأة على عادة مطردة غالبًا حتى تبلغ سنًّا ينقطع فيه الحيض، ويختلف هذا السن من قطر لآخر ومن امرأة لأخرى، ويبدأ غالبًا بعد سن الخمسين، وهذه المرأة التي انقطع عنها المحيض لكبرها تُسمى الآيسة.
وأهم هرمونين مسببين للحيض هما هرمون الإستروجين وهرمون البروجيستيرون؛ فإذا كان أمر نزول دم الحيض متعلقًا بمجموعة من الهرمونات، وقد تقرر في الطب الحديث إمكانية تحويل هذه الهرمونات إلى أدوية؛ كالحبوب ونحوها، فإنه يمكن استجلاب دم الحيض سواء للصغيرة أو للآيسة بواسطة هذه الهرمونات الخارجية.
قد اختلف الفقهاء في حكم أخذ دواء لاستجلاب الحيض في غير وقته المعتاد بلا حاجة؛ فمقتضى قول الشافعية جواز ذلك، وقال الحنابلة أيضًا بجواز أخذ الأدوية لاستجلاب دم الحيض مطلقًا إن لم يكن للتحايل على الشرع بإفطار رمضان؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (8/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى) فيمن انقطع عنها دم الحيض لا لعلة: [ولهذه ومن لم تحض أصلًا وإن لم تبلغ خمس عشرة سنة استعجال الحيض بدواء، وزعم أن استعجال التكليف ممنوع ليس في محلّه كما هو ظاهر] اهـ.
وقال العلامة الشرواني في "حاشيته على تحفة المحتاج" (8/ 237، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [قوله: (ولهذه ومن لم تحض)... إلخ. أفهم تخصيص جواز الاستعجال بهاتين حرمة استعجال الحيض على غيرهما، كمن تحيض في كل شهرين مثلًا مرة، فأرادت استعجال الحيض بدواء لتنقضي عدتها فيما دون الأقراء المعتادة ولعله غير مراد] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "الروض المربع" (ص: 604، ط. مؤسسة الرسالة): [ويباح للمرأة إلقاء النطفة قبل أربعين يومًا بدواء مباح، وكذا شربه لحصول حيض، لا قرب رمضان لتفطره] اهـ.
وكره المالكية ذلك؛ قال العلامة النفراوي المالكي فيمن استعجلت خروج دم الحيض في "الفواكه الدواني" (1/ 117، ط. دار الفكر): [ويُكره لها الإقدام على ذلك؛ بخلاف ما لو تأخر عن عادته فعالجته ليخرج في زمنه، فلا شك في كونه حيضًا في باب العدة والعبادة وجواز إقدامها على ذلك] اهـ.
إن أخذت المرأة دواءً؛ لاستجلاب دم الحيض بلا حاجة، فهل يعتبر الدم النازل حيضًا أم لا؟ اختلف الفقهاء: فصرح المالكية بأن هذا الدم لا يُعدّ حيضًا؛ قال العلامة الصاوي المالكي في "بلغة السالك لأقرب المسالك" (1/ 207، ط. دار المعارف): [ومن هاهنا قال سيدي عبد الله المنوفي: إن ما خرج بعلاج قبل وقته المعتاد له لا يسمى حيضًا، قائلًا: الظاهر أنها لا تبرأ به من العدة ولا تحلّ، وتوقف في تركها الصلاة والصوم، قال خليل في "توضيحه": والظاهر على بحثه عدم تركهما] اهـ.
وذهب الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن من أخذت دواء لاستجلاب الحيض فنزل الدم فحكمها حكم الحائض؛ قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 304، ط. دار الفكر): [وقال في "السراج": سئل بعض المشايخ عن المرضعة إذا لم تر حيضًا فعالجته حتى رأت صفرة في أيام الحيض، قال: هو حيض تنقضي به العدة] اهـ.
وقال الشيخ الجمل الشافعي في "فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب" (1/ 287، ط. دار الفكر) فيمن لا تجب عليه الصلاة: [قوله: (ولا على حائض ونفساء)؛ أي: وإن تسبَّبا في الحيض والنفاس بدواء ونحوه] اهـ.
وقال العلامة شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "فتح الوهاب بشرح منهج الطلاب" (2/ 126، ط. دار الفكر): [فعدة حرة تحيض ثلاثة أقراء ولو جلبت الحيض فيها بدواء] اهـ.
وقال العلامة الرحيباني الحنبلي في "مطالب أولي النهى" (1/ 267، ط. المكتب الإسلامي): [(وَلَا) يجوزُ شرب دوَء لإِلقاءِ (عَلَقَةٍ) لِانْعِقادِهَا، (وَ) لها شُربُهُ (لحصول حيضٍ)؛ إذِ الْأَصلُ الحلُّ حتى يرد التَّحريمُ، وَلَمْ يرد، وَتنقضِي عِدَّتُها بالحيضِ الحاصلِ بِشربهَا الدَّوَاءَ، بِشرطِ أَن يَكونَ بين الحيضتين ثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَأَكْثَرَ، و (لَا) تَشربُ مُبَاحًا لحصول حيض (قرب رمضان لتفطره)؛ كَالسفرِ للفطر، (ويَتَّجِهُ وَتُفطرُ) إذا حصل الحيضُ (وُجُوبًا)؛ كمن نَفِسَتْ بِتَعَدِّيهَا بضَربِ بطنهَا؛ إذْ لا فَرْقَ بينهُما، وَهُوَ مُتَّجِهٌ] اهـ.
بناء على ذلك: فإنه يجوز استجلاب دم الحيض لمن تخشى انقطاعه لكبر سنٍّ أو نحوه إن كان لغرض صحيح يقره الشرع الشريف دون نزول ضرر بها، وإلا يكون حرامًا، ويجب على من تفعل ذلك ألَّا تتحرى عند استجلابه شهر رمضان، ويُعَدُّ الدم النازل في هذه الحالة دم حيض تنقطع في مدته -إن كانت أقل من عشرة أيام- عن الصلاة والصيام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
نرجو منكم الرد على من أنكر فريضة الحجاب؛ حيث اطلعت مؤخرًا على خبر إعداد رسالة للدكتوراه في كلية الشريعة وأصول الدين بجامعة الأزهر بالمنصورة عنوانها: (الحجاب ليس فريضة في الإسلام)، وأنها قد أجيزت ومُنحت درجة الدكتوراه بامتياز، ومنذ أسبوع قرأت في إحدى الصحف اليومية خبرًا ينفي صدور هذه الرسالة من جامعة الأزهر، ويؤكد أن معظم علمائها مجمعون على فرضية الحجاب للمرأة المسلمة. ولم يظهر حتى اليوم ما يؤيد حكم الرسالة أو إنكار ما ورد بها من قبل أيٍّ من علماء الأزهر الشريف أو من هيئة كبار علمائه. وأعلم أن فضيلتكم خير من يهدينا سواء السبيل ويبين موقف شريعتنا السمحاء في هذا الخلاف، وبخاصة ونحن نجتهد لنشق طريقنا في بناء مجتمع تقوم دعائمه على الحرية والعدالة وكرامة الإنسان ذكرًا وأنثى؛ مصداقًا لحديث خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». ولعله من الضروري هنا أن أشير باختصارٍ شديد إلى ما استند إليه صاحب الرسالة (الدكتور مصطفى محمد راشد) من الأدلة والبراهين في حكم أصحاب الرأي القائل بفرضية الحجاب إلى أنهم يفسرون الآيات القرآنية وأحاديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمعزلٍ عن ظروفها التاريخية وأسباب نزولها، أو المناسبات المحددة لمقولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لها. ومما استرعى اهتمامي من حجية صاحب رسالة الدكتوراه أن كلمة الحجاب بمعنى غطاء الرأس ليس لها ذكر على الإطلاق في القرآن الكريم، وأن كلمة الحجاب وردت فيه لتشمل معاني متعددة غير غطاء الرأس. ويفند وجوب تغطية الرأس بالحجاب استنادًا إلى ما هو شائعٌ من حديث الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما عندما أمرها بأن لا تكشف وجهها وكفيها، وهو -في رأيه- استدلالٌ لا يعتد به؛ لأنه من أحاديث الآحاد التي وردت روايتها من سندٍ واحد مرةً واحدة. تلك أهم الاجتهادات التي أوردها الباحث، وأعلمُ أن لدى فضيلتكم الكثير مما يمكن أن يقال بصدد حكم الفرضية أو عدمها في هذا الصدد. والخلاصة يا صاحب الفضيلة: أرجو منكم هدايتي فيما يلي:
أولًا: هل واقعة رسالة الدكتوراه قد حدثت فعلًا في كلية أصول الدين بفرع جامعة الأزهر بالمنصورة؟
ثانيًا: وإذا كان ذلك كذلك فما موقفكم فيما انتهى إليه الأمر في مسألة فرضية الحجاب من عدمها؟
ثالثًا: هل من رأيٍ قاطع لبعض علمائنا المجتهدين حول فرض الحجاب على المرأة المسلمة دون استثناء، أم أن لدى بعضهم ما لا يُلزمها به؟
رابعًا: في حالة فرضية الحجاب هل من المصلحة التزامُ المسلمات أثناء وجودهن في ثقافة وأعراف دولٍ أو مناسباتٍ عالمية كشروط الألعاب الأوليمبية مما لا تسمح به، وذلك أثناء إقامتهن وعملهن في تلك الأقطار الأجنبية؟ وأخيرًا يا فضيلة المفتي هادينا: أرجو أن تجد هذه المشكلة فسحة من وقتكم المزدحم بقضايا الإفتاء المتعددة ومسئولياتكم الوطنية والإنسانية.. وتقبل مني خالص التقدير والاحترام والإعزاز.
مَا حكم حضورِ الحائضِ غسلَ الميت وتكفينَه إذا أوصى بذلك؟ مع العلم بأنها من محارم الميت.
هل يحق للكافل الاعتراضُ على زواج مكفولته التي تزوجت بغير ولي لكون عقد الزواج قد أُبرِم دون موافقته ولا يناسب مهرُهَا مكانَتَهَا الاجتماعية والثقافية؟
ما حكم لُبس الثياب البيضاء للمرأة التي توفى عنها زوجها في أثناء مدة الحداد عليه؟ وهل تنحصر ثياب الإحداد في الثياب السوداء؟
ما الواجب على المرأة إذا احتلمت، حيث إنه إذا السيدة استحلمت، فهل تكون نجسة ولا بد من أنها تغتسل، أم يكفي الوضوء؟ وهل إذا كانت صائمة واستحلمت تفطر، أم لا؟