حكم الدعاء جهرا على القبر بعد الدفن

تاريخ الفتوى: 26 فبراير 2008 م
رقم الفتوى: 3511
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الجنائز
حكم الدعاء جهرا على القبر بعد الدفن

ما حكم الدعاء جهرًا للميت على القبر بعد دفنه من قِبل المشيعين؛ إذ قد حدث نزاع وخلاف عندنا على ذلك؟

الدعاء للميت على القبر بعد دفنه مستحبٌّ مُطلَقًا دونَ تقييدٍ بسرٍّ أو جهر، فالأمر في ذلك واسع ولا يصح التضييق فيه، على أن الدعاء في الجَمع جهرًا أولى وأجْمَع للهمَّة وأرجى للقبول؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مع الجَماعةِ» رواه الترمذي.

المحتويات

 

حكم إلقاء موعظة على القبر أثناء الدفن

من السنة أن يقف المشيعون للجنازة عند القبر ساعة بعد دفن الميت والدعاء له؛ لِما رواه أبو داود -واللفظ له- والحاكم، وقال: صحيح الإسناد، عن عثمان رضي الله عنه قال: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ، فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ».
وروى مسلم عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: "إذا دَفَنتُمُونِي فَشُنُّوا عليَّ التُّرَابَ شَنًّا، ثُم أَقِيمُوا حَولَ قَبرِي قَدرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ويُقسمُ لَحمُها حتى أَستَأنِسَ بكم وأَنظُرَ ماذا أُراجِعُ به رُسُلَ رَبِّي".
وذلك إنما يكون بعد الدفن، ولا بأس أن يسبق الدعاء موعظة موجزة تذكر بالموت والدار الآخرة؛ لِما في ذلك مِن ترقيق القلوب وتهيئتها للتضرع إلى الله تعالى وجمع الهمة في الدعاء، فعن علي كرم الله وجهه قال: كُنَّا فِي جَنَازَةٍ فِي بَقِيعِ الْغَرْقَدِ، فَأَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَعَدَ وَقَعَدْنَا حَوْلَهُ، وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ، فنَكَّسَ، فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: «مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ، مَا مِنْ نَفْسٍ مَنْفُوسَةٍ إِلَّا كُتِبَ مَكَانُهَا مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَإِلَّا قَدْ كُتِبَ شَقِيَّةً أَوْ سَعِيدَةً»، فَقاَلَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا نَتَّكِلُ عَلَى كِتَابِنَا؟ فَقَالَ: اعْمَلُوا، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» متفق عليه.
وقد بَوَّبَ على ذلك البخاري في "صحيحه" بقوله: (باب مَوعِظةِ المُحَدِّثِ عندَ القَبرِ وقُعُودِ أَصحابِه حَولَه).
قال الإمام النووي في "الأذكار": [ويستحب أن يقعد عنده بعد الفراغ ساعة قدر ما يُنحَر جَزُورٌ ويُقَسَّم لحمُها. ويشتغل القاعدون بتلاوة القرآن، والدعاء للميت، والوعظ، وحكايات أهل الخير، وأخبار الصالحين... قال الشافعي والأصحاب: يُستَحَبُّ أن يقرءوا عنده شيئًا مِن القرآن، قالوا: فإن ختموا القرآنَ كلَّه كان حسنًا] اهـ.

حكم الدعاء جهرا على القبر بعد الدفن

أما عن كيفية الدعاء للميت وهل يكون سرًّا أو جهرًا: فالأمر في ذلك واسع، والتنازع من أجل ذلك لا يرضاه الله ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بل هو من البدع المذمومة؛ إذ من البدعة تضييق ما وسَّع الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم فإذا شَرَع الله سبحانه وتعالى أمرًا على جهة الإطلاق وكان يحتمل في فعله وكيفية إيقاعه أكثرَ مِن وجه، فإنه يؤخذ على إطلاقه وسعته ولا يصح تقييده بوجه دون وجه إلا بدليل.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن الأغلوطات وكثرة المسائل، وبيَّن أن الله تعالى إذا سكت عن أمر كان ذلك توسعة ورحمة على الأمة فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ فَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا، وَحَرَّمَ حُرُمَاتٍ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا، وَحَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ فَلَا تَبْحَثُوا عَنْهَا» رواه الدارقطني وغيره عن أبي ثَعلَبةَ الخُشَنِيِّ رضي الله عنه وصحَّحه ابنُ الصلاح وحسَّنه النوويُّ.
قال العلامة التَّفتازاني في "شرح الأربعين النووية": [فلا تبحثوا عنها ولا تسألوا عن حالها؛ لأن السؤال عما سكت الله عنه يُفضِي إلى التكاليف الشاقة، بل يُحكَم بالبراءة الأصلية] اهـ.

خطورة التضيق على المسلمين والتحذير من كثرة التساؤلات

بيَّن رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم فَداحةَ جُرمِ مَن ضَيَّق على المسلمين بسبب تَنقِيرِه وكثرة مسألته فقال: «أَعْظَمُ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُسْلِمِينَ جُرْمًا، مَنْ سَأَلَ عَنْ أَمْرٍ لَمْ يُحَرَّمْ فَحُرِّمَ عَلَى النَّاسِ مِنْ أَجْلِ مَسْأَلَتِهِ» رواه مسلم من حديث عامِرِ بنِ سَعدٍ عن أَبِيه رضي الله عنه.
وعن أَبي هُرَيرةَ رضي الله عنه قالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُمُ الْحَجَّ فَحُجُّوا»، فَقَالَ رَجُلٌ: أَكُلَّ عَامٍ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «لوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ»، ثُمَّ قَالَ: «ذَرُونِي مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ، فَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ» متفق عليه.
قال العلامة الْمُناوي في "فَيض القدير شرح الجامع الصغير": [أي: اتركوني من السؤال مدةَ تَركِي إياكم، فلا تتعرضوا لي بكثرة البحث عما لا يَعنِيكم في دِينكم مهما أنا تاركُكم لا أقول لكم شيئًا؛ فقد يوافق ذلك إلزامًا وتشديدًا، وخذوا بظاهر ما أمرتكم ولا تستكشفوا كما فعل أهل الكتاب، ولا تُكثِرُوا من الاستقصاء فيما هو مبيَّن بوجه ظاهر وإن صلح لغيره؛ لإمكان أن يكثر الجواب المرتب عليه فيُضاهِي قصةَ بني إسرائيل؛ شَدَّدُوا فشُدِّد عليهم، فخاف وقوعَ ذلك بأُمته صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ.

على أن الدعاء في الجمع أرجى للقبول وأيقظُ للقلب وأجمعُ للهمة وأدعى للتضرع والذلة بين يدي الله تعالى، خاصة إذا كانت هناك موعظة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَدُ اللهِ مَعَ الْجَمَاعَةِ» رواه الترمذي وحسَّنه والنسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

سائل يسأل أنه شاهد أن سقط الحمل الذي يحدث بسبب الإجهاض في المستشفيات يتم التخلص منه عن طريق الحرق في أفران إلى أن ينتهي أثرهم من الآدمية. فهل هذا جائز شرعًا أو لا؟


ما حكم ما يُسمى بـ(طلعة رجب) لتوزيع الصدقات عند المقابر؟ علمًا بأنه يعتاد بعض المسلمين في بداية شهر رجب من كل عام زيارة المقابر فيما يعرف بـ "طلعة رجب" ويمكثون في المقابر يوزعون فيها الطعام والأموال على الفقراء والمحتاجين. فما حكم ذلك شرعًا؟


ما المراد بالتجهيز الشرعي للميت؟ وهل ‏الزوج يُعدُّ ملزمًا شرعًا بمصاريف هذا التجهيز لزوجته المتوفاة بما في ذلك ‏الدفن، أو يكون من مالها؟ وما الحكم إذا قام أحد أقارب ‏المتوفاة بالمساهمة في تلك المصاريف؟


ما حكم القيام في صلاة الجنازة؟ وهل يصح أداؤها جلوسًا من دون عذرٍ؟


ما حكم الصلاة على الجنازة عند القبر بعد الدفن؛ حيث توفي شابٌّ في حادثٍ أليم، ولم يتمكَّن المشيّعون من الصلاة عليه قبل دفنه؛ نظرًا للازدحام الشديد، والخوف من إحداث مشكلات، فدفنوه بعد غسله وتكفينه ولم يصلوا عليه، فصلَّى عليه بعض الناس عند المقبرة، فهل تكفي هذه الصلاة في إسقاط صلاة الجنازة في حقِّ المشيِّعين؟ وهل هناك إثمٌ عليهم في دفنه من غير صلاة عليه؟


بنى السائل مقبرة على أن يدفن فيها الرجال والنساء من أهله، وقد أفاد البعض منهم أنَّ دفن الرجال والنساء لا يجوز، وهو فقيرٌ لا يستطيع بناء مقبرة ثانية؛ حتى يُخَصِّص واحدة للرجال وواحدة للنساء. وطلب بيان الحكم الشرعي في ذلك؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 27 أبريل 2025 م
الفجر
4 :42
الشروق
6 :16
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 30
العشاء
8 :53