الحج في عدة الوفاة لمن دفعت تكاليف الحج

تاريخ الفتوى: 01 سبتمبر 2015 م
رقم الفتوى: 3017
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
الحج في عدة الوفاة لمن دفعت تكاليف الحج

ما حكم الحج في عدة الوفاة لمن دفعت تكاليف الحج؟ حيث توفي زوجي وكنت قد تقدمت لوزارة السياحة للحج وقُبِلَ الطلب ودفعت مبلغ عشرين ألف جنيه قبل وفاة زوجي، فهل يجوز لي الحج في أشهر العدة؟ مع العلم بأنها الحجة الثانية، وأنني قد أديت فريضة الحج سابقًا.

ما دامت السائلة قد سددت رسوم الحج ونفقاته ومصروفاته في حياة زوجها، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنه يجوز لها أن تسافر للحج في العدة حتى لا يضيع عليها مالها، ولا إثم عليها حينئذٍ.

المحتويات

 

عدة المتوفى عنها زوجها

من المقرر شرعًا أنه يجب على المرأة المتوفَّى عنها زوجُها أن تتربص وتعتدَّ أربعة أشهر وعشرة أيام؛ لقوله تعالى: ﴿والذين يُتَوَفَّونَ منكم ويَذَرُونَ أَزواجًا يَتَرَبَّصنَ بأَنفُسِهنَّ أَربَعةَ أَشهُرٍ وعَشرًا فإذا بَلَغنَ أَجَلَهنَّ فلا جُناحَ عليكم فيما فَعَلنَ في أَنفُسِهنَّ بالمَعرُوفِ واللهُ بما تَعمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [البقرة: 234].

حكم بقاء المرأة المتوفى عنها زوجها في بيتها أثناء العدة

جماهير الفقهاء على أنَّ السُّكنَى من لوازم الاعتداد؛ فتمكث المعتدة مدة عدتها في بيتها، فلا تخرج لحج ولا لغيره؛ واستدلوا على ذلك بحديث الفُرَيعةِ بنتِ مالِكِ بنِ سِنانٍ رضي الله عنها -وهي أُختُ أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رضي الله عنهما- أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أَمَرَها أَن تَمكُثَ في بيتها حتى تَنتَهِيَ عِدَّتُها. رواه الإمام مالِكٌ في "المُوَطَّأِ"، والشَّافعيُّ عنه، وأَحمَدُ وأَبُو داوُدَ والتِّرمِذِيُّ والنَّسائِيُّ وابنُ ماجه وصححه ابنُ حِبّانَ والحاكِمُ.

حكم حج المعتدة من وفاة زوجها أثناء فترة العدة

نُقِل عن بعض السلف مِن الصحابة والتابعين: أن السُّكنى ليست مِن العدة، فيجوز للمعتدة أن تعتد حيث شاءت، ولا يحرُم عليها أن تحج أو تعتمر في عدتها؛ رُوِيَ ذلك عن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وأم المؤمنين عائشة، وجابر بن عبد الله، رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وجابر بن زيد، وعطاء بن أبي رباح، وإليه ذهب الظاهرية، وحجتهم: أن الآية دلَّت على وجوب العدة لا على وجوب السُّكنى للمعتدة، وأجابوا عن الحديث بأنه ضعيف، وأنه على فرض صحته فإنه واقعة عين.
وقد نصَّ العلماء على أن من شرط الحج للمرأة أن لا تكون في عدة وفاة أو طلاق، فإن خالف وحجَّت صح حجُّها وكانت آثمة.
واستثنى الفقهاء من ذلك: ما إذا كانت المرأة قد أحرمت بالحج، أو كانت قد سافرت.
فنص فقهاء الحنفية: على أنها إن كانت حين مات زوجها مسافرة وكان بينها وبين مصرها مدةُ سفر -أي ثلاثة أيام فأكثر- فإنها ترجع إلى بيتها لقضاء مدة العدة، وإن كان بينها وبين مقصدها أقل من سفر ثلاثة أيام مضت إلى مقصدها.
وعند المالكية: أنها إن مات زوجها وقد خرجت لحجة الإسلام وكان بعدُها عن منزلها أربعة أيام فأقل رجعت وجوبًا لتعتدَّ بمنزلها إن بقي شيء من العد، فإن زاد على هذا لم ترجع بل تستمر.
وعند الشافعية: أنها إن كانت مسافرة فمات زوجها فلها الخيار في أن تمضي لسفرها ذاهبة وجائية وليس عليها أن ترجع إلى بيته قبل أن تقضي سفرها.
وعند الحنابلة: قال الإمام ابن قدامة الحنبلي (ت620هـ) في "المغني" (8/ 168، ط. مكتبة القاهرة): [ولو كانت عليها حجة الإسلام، فمات زوجها، لزمتها العدة في منزلها وإن فاتها الحج؛ لأن العدة في المنزل تفوت، ولا بدل لها، والحج يمكن الإتيان به في غير هذا العام. وإن مات زوجها بعد إحرامها بحج الفرض، أو بحج أذن لها زوجها فيه، نظرت؛ فإن كان وقت الحج متسعًا، لا تخاف فوته، ولا فوت الرفقة، لزمها الاعتداد في منزلها؛ لأنه أمكن الجمع بين الحقين، فلم يجز إسقاط أحدهما، وإن خشيت فوات الحج، لزمها المضي فيه. وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: يلزمها المقام وإن فاتها الحج؛ لأنها معتدة، فلم يجز لها أن تنشئ سفرًا، كما لو أحرمت بعد وجوب العدة عليها. ولنا: أنهما عبادتان استويا في الوجوب، وضيق الوقت، فوجب تقديم الأسبق منهما، كما لو كانت العدة أسبق؛ ولأن الحج آكد؛ لأنه أحد أركان الإسلام، والمشقة بتفويته تعظم، فوجب تقديمه كما لو مات زوجها بعد أن بَعُدَ سفرها إليه] اهـ.
وقال الإمام أبو المظفر بن هبيرة الحنبلي (ت560هـ) في كتابه "اختلاف الأئمة العلماء" (2/ 199، ط. دار الكتب العلمية): [واختلفوا في المتوفى عنها زوجها وهي في الحج: فقال أبو حنيفة: يلزمها الإقامة على كل حال إن كانت في بلد أو ما يقاربه. وقال مالك والشافعي وأحمد: إذا خافت فواته إن جلست لقضاء العدة جاز لها المضيُّ فيه] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فما دامت السائلة قد سددت رسوم الحج ونفقاته ومصروفاته الباهظة في حياة زوجها، ولم يَعُدْ بإمكانها استردادُها، فإنه يجوز لها أن تسافر للحج في العدة؛ لأن اختيارها والإذن لها بالسفر ودفعها لنفقات الحج الباهظة التي لا تُسْتَرَدُّ هو بمثابة دخولها في السفر ومُضِيِّها فيه، والرخصة في ذلك كالرخصة عند خوف فوت الرفقة، ودرء المشقة الحاصلة من تفويت الحج أعظم من جلب مصلحة الاعتداد في المنزل، فكان تقديم الحج أَوْلَى لا سيما وقد دخلت في مقدماته في حياة الزوج وبإذنه، ولا يخفى أن من مقاصد الشريعة الغرَّاء رفع الضرر عن المكلفين ودفع المشاقِّ عنهم، وقد تقرر في قواعد الفقه أن المشقة تجلب التيسير، وأنه إذا ضاق الأمر اتسع. هذا بالإضافة إلى أن ضياع هذا المبلغ الباهظ من المال عليها هو ضرر يجب رفعه ومشقة تستوجب تيسيرًا، وقد تقرر أن "الضرورات تبيح المحظورات"، وأن "الحاجة تنزل منزلة الضرورة عامة كانت أو خاصة"، وسفر المعتدة للحج وإن كان محظورًا في الأصل إلا أن الحفاظ على المال الذي دفعته في نفقات الحج هو ضرورة تبيح هذا المحظور؛ لأن المال من الكليات الخمس العليا التي يجب الحفاظ عليها في الشريعة الإسلامية.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم الحدث أثناء الطواف؛ فإنني أثناء طواف العمرة أخرجت ريحًا؛ فأتممت طوافي دون إعادة الوضوء، فهل عليَّ حرج في ذلك، وإذا تكرر مني ذلك في العمرة القادمة فماذا أفعل؟


هل يجوز للمُحرِم أو المُحرِمة أن يغطي نفسه بشيء يتدفأ به؟


هل يجوز أن تقوم شقيقة سيدة متوفاة بأداء فريضة الحج عنها ومن مال ابن المتوفاة التي لم تترك أموالًا؟ علمًا بأن هذا الابن لم يسبق له أداء حجة الفريضة، ومع العلم بأن هذه الشقيقة قد أدت هذه الفريضة. فهل يجوز أداء فريضة الحج لهذه المتوفاة من مال ابنها الذي لم يسبق له أداء الفريضة، أم لا يجوز؟


ما حكم صلاة ركعتي الطواف في غير مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ حيث يوجد رجلٌ أكرمه الله بالعمرة، وبعد أن انتهى مِن طوافه صلى ركعتي الطواف في مكانٍ مِن المسجد الحرام بعيدًا عن زحام الطائفين، وأكمل عمرته إلى أن انتهى منها، ثم أخبره أحد الأشخاص بأنه كان ينبغي عليه أن يصلي الركعتين في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام. فهل تجزئ صلاة الركعتين في المسجد الحرام بعيدًا عن المقام؟


ما حكم ركعتي الطواف؟ فهناك رجلٌ أكرمه الله تعالى بالعمرة، وبعد الانتهاء من الطواف أخبره أحد الأشخاص بأنَّ عليه أنْ يصلي ركعتين مخصوصتين للطواف. فما حكم هاتين الركعتين؟


ما حكم قصر الصلاة في الحج؟ حيث وفقني الله تعالى للحج هذا العام، وكنت أظن أن الحجاج لا يقصرون الصلاة في الحج إلا الظهر والعصر في عرفة، والعشاء في مزدلفة، ثم وجدت كثيرًا من الحجاج يقصرون الصلاة في أيام منى وجميع أيام المناسك، فهل فعلهم هذا صحيح؟