ما حكم بناء المساجد على أرضٍ زراعية؟ علمًا بأن الناس يبنون المساجد على الأراضي الزراعية لبناء المساكن حولها بعد ذلك.
بِناءُ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ بالمخالفة للقانون أو بالتحايل عليه أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، وتكون الحرمة أشد إذا كان هذا البناء ذريعةً لاستِباحة بناء ما حوله من الأراضي الزراعية؛ لما في ذلك من إهدارٍ للثروة الزراعية التي هي ركنٌ في الاقتصاد القومي، وبالتالي يضر بالمجتمع كلِّه، علاوة على مخالفة ولي الأمر المنوط به تحقيق مصالح العباد والبلاد، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ لا يقصد به وجهه ويضر بمصالح عباده ومعاشهم.
من القواعد التي قررتها الشريعة أن "درء المفسدة مُقدَّمٌ على جلب المصلحة"، كما أن الشريعة قد راعت ترتيب المصالح وترتيب المفاسد عند التعارض، وترتيب المصالح يكون بتقديم أكثرها نفعًا، كما أن ترتيب المفاسد يكون بتقديم أقلها ضررًا، ومِن ثَمَّ قَدَّم الشرع تحصيل مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد عند التعارض، كما قَدَّم دفع المفسدة التي تلحق بالمجموع على دفع المفسدة التي تلحق بالفرد عند التعارض.
والأراضي الزراعية عماد الاقتصاد المصري، والبناء عليها يُعَدُّ إهدارًا واضحًا للثروة الزراعية في مصر، ومساحة الأراضي الزراعية في مصر لا تتجاوز 4% من إجمالي أرضها، وهذه المساحة ضئيلة لا تفي بحاجة أهل مصر، ولا تحتمل النقصان بحال، ونقصانها يترتب عليه ضررٌ على المجتمع كله، ويزيد من مصاعب الوصول للاكتفاء الذاتي؛ حيث يؤكد الخبراء أن مصر بحاجة إلى زيادة مساحة الأراضي الزراعية إلى الضِّعف حتى تصل إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وتقديم مصلحة الجماعة واعتبار المآلات يقتضي وجوب التنبه إلى الفساد الذي يمكن أن يسببه التساهل في البناء على الأرض الزراعية وما يؤثره ذلك من إضعافٍ للاقتصاد القومي.
والحفاظ على الرقعة الزراعية له بُعد استراتيجي؛ حيث إن الوصول إلى الاكتفاء الذاتي في المحاصيل الأساسية هو سبيل التخلص من التَّبَعِيَّة السياسية، وما حرص المستعمر عبر التاريخ على شيءٍ حرصَه على أن يتحكم في المحاصيل الأساسية القُوتِيَّة للدول التي يرغب في وقوعها تحت تَبَعِيَّتِه.
ومن المقرر شرعًا أن "للحاكم تقييد المباح"؛ وذلك لأنه هو المنوط بتقدير المصالح وتحقيقها، ولَمَّا كان للثروة الزراعية أهميتها -كما سبق بيانه- للنهوض بالوطن ومصلحة أفراده وتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم؛ مَنَع وَلِيُّ الأمر البِناء على الأراضي التي يتحقق بها هذا المراد، ووجب على الأفراد الامتثال لهذا المَنْع، وكان عصيانهم حرامًا شرعًا.
وقد نصت المادة 152 من القانون رقم 53 لسنة 1966م والمعدل بالقانونين؛ رقم 116 لسنة 1983م، ورقم 2 لسنة 1985م على أنه: [يُحظَر إقامة أية مبانٍ أو منشآت في الأرض الزراعية أو اتخاذ أية إجراءات في شأن تقسيم هذه الأراضي لإقامة مبانٍ عليها. ويعتبر في حكم الأرض الزراعية: الأراضي البور القابلة للزراعة داخل الرقعة الزراعية، ويُستثنى من هذا الحظر:
(أ) الأرض الواقعة داخل كردون المدن المعتمدة حتى 1/ 12/ 1981م، مع عدم الاعتداد بأية تعديلات على الكردون اعتبارًا من هذا التاريخ إلا بقرار من مجلس الوزراء.
(ب) الأراضي الداخلة في نطاق الحيز العمراني للقرى، والذي يصدر بتحديده قرار من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير.
(ج) الأراضي التي تقيم عليها الحكومة مشروعاتٍ ذات نفع عام بشرط موافقة وزير الزراعة.
(د) الأراضي التي تقام عليها مشروعاتٌ تخدم الإنتاج الزراعي أو الحيواني والتي يصدر بتحديدها قرار من وزير الزراعة.
(هـ) الأراضي الواقعة بزمام القرى التي يقيم عليها المالك مسكنًا خاصًّا به أو مبنًى يخدم أرضه، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرار من وزير الزراعة.
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها في الفقرة (ج) يشترط في الحالات المشار إليها آنفًا صدور ترخيص من المحافظ المختص قبل البدء في إقامة أية مبانٍ أو منشآتٍ أو مشروعاتٍ، ويصدر بتحديد شروط وإجراءات منح هذا الترخيص قرارٌ من وزير الزراعة بالاتفاق مع وزير التعمير] اهـ.
ونصت المادة 156 منه على أنه: [يعاقب على مخالفة أي من أحكام المادة 152 من هذا القانون أو الشروع فيها بالحبس وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تزيد على خمسين ألف جنيه. ويجب أن يتضمن الحكم الصادر بالعقوبة الأمر بإزالة أسباب المخالفة على نفقة المخالف] اهـ.
ثم نصَّت على أنه: [ولوزير الزراعة -حتى صدور الحكم في الدعوى- أن يأمر بوقف الأعمال المخالفة؛ بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه بالطريق الإداري على نفقة المخالف] اهـ.
والواضح من هذه النصوص أن المشرِّع في قانون الزراعة وفي التعديلات التي أدخلت عليه حرص على إضفاء الحماية اللازمة للرقعة الزراعية وصيانتها مِن التبوير أو مِن كل فعل -أو امتناع عن فعل- يؤدي إلى المساس بخصوبتها، أو يمكن أن يؤدي إلى ذلك، واعتبر أن المساس بتلك الحماية المقررة لها هو عملٌ يرقى إلى مصافِّ الجريمة الجنائية التي توجب على المحكمة المختصة توقيع الجزاء المقرر، بل وقَرَّر في بعض الأحوال ضرورة التدخل العاجل من جهة الإدارة دون انتظارٍ لحكم القضاء؛ إمَّا بوقف أسباب المخالفة؛ للحيلولة دون استِفْحالِها، وإمَّا بإزالة أسباب المخالفة وإعادة الأرض الزراعية إلى ما كانت عليه.
والقانون في ذلك لم يكن متعسفًا، بل أوجد البديل؛ حيث جعل في زمام كل جهة كردونًا للمباني يستطيع أهل القرية البناء فيه، كما أعطى الحقَّ لملاك الأراضي الواقعة بزمام القرى في إقامة مسكنٍ خاصٍّ أو مبنًى يخدم الأرض، وذلك في الحدود التي يصدر بها قرارٌ مِن الوزير المختص.
وبِناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فبِناءُ مسجدٍ على أرضٍ زراعيةٍ -بالتحايل على القانون، أو بمخالفته- أمرٌ غيرُ جائزٍ شرعًا، والحرمة أشدُّ لو كان ذلك ذريعةً لاستِباحة ما حوله من الأراضي الزراعية -المحظور البناء عليها- ببنائها، وليس لله تعالى حاجة في بناء بيتٍ يضر مصالح عباده واقتصادهم ولا يُقصَد به وجهه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما الحكم في الحسابات الفلكية التي تحدد بدايات الشهور العربية مقدمًا لسنين؟
ما حكم نشر الأشخاص تفاصيل حياتهم الخاصة على مواقع التواصل؟ فقد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ظاهرة "اليوتيوبرز" الذين يقومون بنشر مقاطع فيديو مُصوَّرة عن تفاصيل حياتهم الشخصية لهم ولأسرهم. فما حكم ذلك؟
ما حكم المرور بين المصلين يوم الجمعة في زمن الكورونا؟ في ظل الإجراءات الاحترازية من عدوى كورونا، والتزام المصلين بالتباعد بينهم في الصفوف؛ تحرزًا من الوباء، وخوفًا من انتقال عدواه؛ فهل والحالة هذه يجوز للمصلي المرور بين الجالسين يوم الجمعة في وقت الخطبة، إذا وجد مكانًا خاليًا في الأمام يريد أن يجلس فيه؟ وهل حكم الجمعة كغيرها من صلوات الجماعة؟
اطلعنا على كتاب مدير العلاقات العامة بوزارة الأوقاف الذي طلب فيه الإفادة بالرأي على ما نشر بجريدة الأخبار ضمن باب يوميات الأخبار بعنوان "قرآن عربي بحروف لاتينية"، وملخص ما نشر بالجريدة المذكورة: أن أحد المحاسبين يقوم بإعداد مشروع يرمي إلى تمكين المسلمين في كل أقطار العالم من قراءة القرآن الكريم وتلاوته تلاوة صحيحة مهما اختلفت جنسياتهم ولغاتهم؛ وذلك عن طريق كتابته بحروف لاتينية تطابق في نطقها النطق العربي السليم للآيات الكريمة مع الاستعانة بتسجيلات صوتية للتلاوة والتفسير يستعين به قارئو الكتاب الكريم، ويقول المحاسب: إن عملية التمويل سيقوم بها بنك الأفكار بالإضافة إلى بعض الحكومات الإسلامية التي تبدي اهتمامها بالإسهام في هذا العمل.
ما حكم لعبة البوكيمون؛ حيث انتشرت في هذه الفترة لعبة جديدة في أغلب دول العالم، وهي مختلفة تمامًا عمَّا اعتاده الشباب والأطفال من ألعاب الكمبيوتر والهواتف الذكية، وهذه اللُعبة تعتمد على اصطياد بعض الكائنات الخيالية (البوكيمون) الموجودة في أماكن تواجد الهاتف، وعن طريق كاميرا الهاتف تكشف اللُعبة كل هذه الأماكن من غير إذن أصحابها، ويقوم اللاعب بتوجيه الهاتف نحو البوكيمون على مسافةٍ قريبةٍ منه، ولكي يجمع اللاعب أكبر عدد من البوكيمونات الموجودة؛ لا بد له من تتبع كل واحد منها أيًّا كان مكانه، فيدخل الإنسان أماكن غير مسموح له الدخول فيها، ويسير في طرقات غير آمنة حتى يستطيع أن ينتهز فرصة اصطياد البوكيمون.
والسؤال: ما رأي الشرع الشريف في هذه اللُعبة؟
ما حكم تخزين أدوية المناعة المستخدمة في علاج كورونا؛ ففي ظل ما يعانيه معظم بلاد العالم من "فيروس كوفيد-19" وفي ضوء ما قامت به وزارة الصحة من وضع بروتوكولات علاج لهذا الفيروس؛ يقوم البعض بتخزين أدوية المناعة وغيرها من الفيتامينات المدرجة ضمن هذه البروتوكولات دون الحاجة إليها تَحسُّبًا لزيادة ثمنها فيما بعد؛ فما حكم هذا التخزين بهذه الكيفية؟