ما حكم حلق اللحية؟ فمن المعروف أن اللحية -أيْ: إعفاء اللحية- وقص الشارب وتقصير الثوب سنة مؤكدة، ولكن هل يأثم تاركها؟
إعفاء اللحية وقصُّ الشارب وسائر الهيئات لا إثم في تركها وإن كانت من المأثورات من هدي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأنها من شؤون العادات التي مردُّها إلى ما تستحسنه بيئة الشخص ويألفه الناس ويعتادونه كما يُفهم ذلك من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: -وذكر منها- قَصّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاء اللِّحْيَةِ» رواه مسلم، فيُحمل الأمر فيها على الاستحباب.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن إعفاء اللحية مأثورٌ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد كان يهذبها ويأخذ من أطرافها وأعلاها بما يحسنها بحيث تكون متناسبة مع تقاسيم الوجه والهيئة العامة، كما كان صلى الله عليه وآله وسلم يعتني بتنظيفها بغسلها بالماء وتخليلها وتمشيطها، وقد تابع الصحابة رضوان الله عليهم الرسول عليه الصلاة والسلام فيما كان يفعله وما يختاره، وقد وردت أحاديث نبوية شريفة ترغب في الإبقاء على اللحية والعناية بنظافتها، ومنها ما رواه البخاري ومسلم -واللفظ له- عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ؛ أَحْفُوا الشَّوَارِبَ، وَأَوْفُوا اللِّحَى».
وروى مسلم أيضًا عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ -أي: الاستنجاء-»، قال مصعب -أحد رواة الحديث-: "ونسيت العاشرة، إلا أن تكون المضمضة".
قد اختلف الفقهاء في حكم إطلاق اللحية للرجال قديمًا وحديثًا؛ بناءً على اختلافهم في المراد من الأمر النبوي في هذه الأحاديث:
فذهب فريقٌ مِن الفقهاء؛ كالكاساني وابن الهمام والحصكفي مِن الحنفية، والقرطبي والنفراوي من المالكية، ونسب إلى الحليمي واختاره بعض الشافعية كابن الرفعة والأذرعي وغيرهما، وإن كان غير معتمَدٍ عند الشافعية، وهو قول الشيخ ابن تيمية ومَن وافقه مِن متأخري الحنابلة: إلى حمل الأمرِ في هذه الأحاديث على الوجوب؛ بناءً على أن الأصل في الأمر الوجوب، ولأن الأمر معلَّل بمخالفة المشركين، والتشبه بهم حرام؛ لما رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ»، وذلك على اختلافٍ بينهم في تفصيل ذلك.
بينما ذهب الفريق الآخر مِن العلماء إلى أن الأمر في هذه الأحاديث ليس للإيجاب، بل هو إما للإرشاد وإما للاستحباب؛ وعليه فلا يكون هناك إثمٌ في حلق اللحية، وهو مذهب أكثر العلماء كما يقول العلامة محمد رشيد رضا في "مجلة المنار" (22/ 440)، ونقله الحافظ زين الدين العراقي عن الجمهور وأنه مذهب الشافعي وأصحابه، ونقله الإمام النووي عن العلماء، بل نقل الإمام القاضي ابن جُزَيٍّ المالكي الاتفاقَ عليه، وهو قول الإمام الحافظ علاء الدين مغلطاي وبدر الدين العيني من الحنفية، ومُقتضَى قول الإمام مالك رحمه الله بأن حلقَها من العبد ليس مُثلةً، وقول الأئمة القضاة الفقهاء: أبي الوليد الباجي، وعياض اليحصبي، وأبي بكر بن العربي، وأبي الوليد بن رشد، وأبي القاسم بن جُزَيٍّ، والعلامة الأُبِّي، والعلامة الزرقاني، وغيرهم من المالكية، وهو مذهب الشافعية اعتمادًا وإفتاءً؛ كما نص عليه الإمام الخطَّابي، والروياني، وحجة الإسلام الغزالي، ومحيي السنة البغوي، والحافظ أبو شامة المقدسي، والشيخان المتقدِّمان: الرافعي والنووي، والمتأخران: ابن حجر والرملي، وهو قولُ الإمام أحمد رحمه الله المعروف عند أصحاب مذهبه، ونص عليه الإمامان الموفَّقُ وأبو الفرج ابنا قدامة المقدسي، وابنُ عبد القوي، وابنُ مفلح، وابنُ البهاء البغدادي وغيرُهم من الحنابلة، وهو قول الإمام أبي طالب المكي، والعلامة الشوكاني.
ومما يؤيد أن الأمر بإعفاء اللحية للإرشاد والندب لا للوجوب: أنه ليس أمرًا مطلقًا، بل هو مُعَلَّلٌ بمخالفة المشركين والبعد عن مشابهتهم، وهذا التعليل مقتضٍ للقول بعدم الوجوب من حيث إن مخالفة الكفار ليست واجبة إلا في خصوص ما يتعلق بعقائدهم وخصوصياتهم الدينية، والأمر في الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما يكون للوجوب يكون لمجرد الإرشاد إلى الأفضل.
ويؤيد ذلك أيضًا: أنه جاء في سياق الأمر بخصال الفطرة، وكلها أمورٌ مستحبة، كما نص على ذلك الكثير من العلماء؛ لتَعَلُّق الأمر فيها بالعادات، وتحسين الهيئات، والجمال والنظافة، ومصلحة البدن ونفي الأوساخ عنه؛ حيث لم يجعلها الشرع على الوجوب؛ اكتفاءً فيها بداعية الطبع عن إيجاب الشرع، ونص العلماء على أن تعلق الأمر بواحد من هذه الأغراض هو قرينة تصرفه عن الوجوب إلى الندب أو الإرشاد:
قال ابن العربي في "القبس" (3/ 1110، دار الغرب الإسلامي): [والنكتة التي تعتمدونها في الفرق بين المكروه والحرام: أنه إذا جاء النهي مقرونًا بالوعيد دل على تحريمه، وإذا جاء مطلقًا كان أدبًا، إلا أن تقترن به قرينة تدل على أنه مصلحة في البدن أو في المال على الاختصاص بالمرء فإنه يكون مكروهًا على حاله ولا يرتقي إلى التحريم، فإن كان لمصلحة تعم الناس صار حرامًا، والدليل على ذلك: أن للمرء أن يتحمل الضرر في نفسه إن كان يسيرًا، وليس له أن يلحقه بغيره يسيرًا كان أو كثيرًا] اهـ.
وقال الحافظ أبو شامة المقدسي في رسالته "السواك وما أشبه ذاك" (ص: 94): [مثل هذه الأشياء التي مقصودها مطلوب للخلق وهي النظافة لا يحتاج إلى ورود أمر إيجاب الشارع فيها؛ اكتفاءً بدواعي الأنفس، فمجرد الندب إليها كافٍ، وهذا ظاهر وله نظائر كثيرة، والله أعلم] اهـ.
وقال الإمام القاضي أبو بكر بن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 56، ط. دار الكتب العلمية): [فأمَّا قصُّ الشارب وإعفاءُ اللحية: فمخالفة للأعاجم؛ فإنهم يقُصُّون لحاهم ويوفرون شواربهم، أو يوفرونهما معًا، وذلك عكس الجمال والنظافة] اهـ.
الحق الذي ترشد إليه السنة الشريفة وآداب الإسلام في الجملة أن أمر الملبس والمأكل وهيئة الإنسان الشخصية لا تدخل في العبادات التي يجب على المسلم وجوبًا شرعيًّا الالتزامُ بما ورد في شأنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه، بل للمسلم أن يتبع فيها ما تستحسنه بيئته ويألفه الناس ويعتادونه، ما لم يخالف نصًّا أو حكمًا غير مختلف فيه، وإعفاء اللحية أو حلقها من الأمور المختلف على حكم الأمر الوارد فيها بالإعفاء على ما تقدم.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم زرع العدسات الملونة؟ حيث إنني جراح عيون؛ وردت لي الكثير من التساؤلات والطلبات من مرضى ومريضات يطلبون مني أن أقوم لهم بزرع عدسة داخل العين تؤدي إلى تغيير لون العين؛ هذه العدسة عبارة عن بلاستيكات طبية رقيقة السُّمْك، وقطرها يساوي قطر قزحية العين، والذي يحدد كثافة الصبغة بداخلها لونُ عيون الناس، هذه العدسة يمكن زرعها؛ أي: إدخالها داخل العين عن طريق عملية بسيطة يتم خلالها عمل جرح بسيط (حوالي 3 مم) تحت تأثير مخدر موضعي قطرة أو مرهم وبدون حقن، ويتم قبل العملية عمل فحوصات للعين للتأكد من صلاحيتها؛ مثل ضغط العين، وعدد خلايا بطانة القرنية، وعمق الخزانة الأمامية، وعدم وجود أمراض مثل السكر أو التهاب قزحي. هذه العملية لم يتم إجراؤها في مصر، لكن يتم إجراؤها في بعض الدل العربية وفي الدول الأجنبية. ويوجد أكثر من لون؛ يستطيع الإنسان قبل العملية اختيار اللون الذي يريده. ولقد قمت كثيرًا بزرع العدسات الشفافة المماثلة؛ للنظر، وليس لتغيير لون العين (ICL)، وامتعنت عن زرع العدسات الملونة خوفًا من أن يكون حرامًا، وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : «لعن الله الواصلة والمستوصلة، والنامصة والمتنمصة، والواشمة والمستوشمة، والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله».
وتذكرت من سنوات بعيدة أنني كنت أيضًا أرفض التعامل مع العدسات الملونة مخافة الحرام، حتى أتيح لي سؤال أحد المشايخ الأساتذة بجامعة الأزهر ولهم تفاسير مطبوعة باسمهم فأجاز أنها حلال، وكذلك سمعت فتوى أنها حلال ما دامت لم تستخدم في التدليس على الخاطب، وما دام أنها يمكن إزالتها وليست دائمة، وأنها تأخذ حكم ما يتم ارتداؤه.
وهذا النوع من العدسات التي تقوم بتغيير لون العيون يمكن إزالته من العين أيضًا بعملية جراحية بسيطة، لكن القيام بزرع العدسة أو إزالتها بعملية جراحية يمكن أن يحمل نسبة بسيطة من المخاطر، كما أن لبس العدسات الملونة الخارجية يمكن أن يحمل نسبة من المخاطر، ويتعامل بها ويستخدمها ملايين من الناس.
واليوم اتصلت بي سيدة تلح علىَّ أن أقوم لها بزرع هذه العدسات؛ لأن أمها سورية وأهلها كلهم عيونهم ملونة ما عدا هي، وحيث إن أباها مصري فعينها سوداء، وذلك يؤلمها نفسيًّا وتريد أن تكون مثل أهلها، قلت لها: أخاف الحرام، فجادلتني وأخبرتني أنها سألت فقيل لها: إنَّ ذلك حلالٌ؛ لأنه ليس تغييرًا دائمًا لخلق الله، وأنه مثل العدسات اللاصقة الملونة التي توضع على القرنية ويمكن خلعها في أي وقت؛ حيث إن العدسات التي يمكن أن تزرع يمكن أن تخلع من العين أيضًا إذا أراد الإنسان وبالتالي لها نفس حكم العدسات اللاصقة الواسعة الانتشار والاستخدام والتي أجاز استخدامها العلماء.
أيضًا جادلتني تلك السيدة وذكرتني بحالة نادرة أحيانًا تأتي إلينا وهم الناس الذين خلق الله لعيونهم أكثر من لون؛ فليست العينان شبيهتين في اللون بطريقة تشعر معها الإنسانة بأن شكلها قبيحٌ وغريبٌ، وفي ذلك ضرر نفسي كبير، وأصرت على أن زرع هذه العدسة لهؤلاء المرضى لا يمكن أن يكون حرامًا.
ما حكم عمل الباديكير والمانيكير للرجال بواسطة النساء، وهما قص أظافر اليدين والرجلين؟ علمًا بأن بعض الحالات تستلزم عمل ذلك لأسباب علاجية.
سائلة تقول: هل النقاب فرضٌ أو فضلٌ؟ وهل يترتب على ترك لُبسه إثم؟
سائل يسأل عن سبب تحريم الإسلام عمل الوشم (الدائم)؟
ما حكم دفن الشعر والأظفار بعد قصها؟ فهناك رجلٌ اعتاد إلقاءَ قُصَاصَة شَعرِه وأظفاره في كيس المهملات، ثمَّ سمع مِن بعض أصدقائه أنَّه يجب عليه دفنُها، فهل يجب عليه ذلك رغم صعوبته مع طبيعة البيوت الحديثة؟
ما حكم الدين في تشبه الرجال بالنساء في الملابس واتباعهم لموضة الغرب؟