ما حكم منع تعدد الزوجات والطلاق إلَّا بعد موافقة القاضي؟
تعدد الزوجات وإيقاع الطلاق هما أمران جعلهما الشرع الشريف للرجال أصالةً، واشتراط موافقة القضاء فيهما مخالف لهذا الأصل، كما أن القضاء لا يرجع إليه في العقود ابتداءً، وإنما يرجع إليه عند الضرر أو النزاع في الآثار المترتبة عليها.
المحتويات
من المقرر شرعًا أن الإسلام أباح للمسلم التزوج بأكثر من واحدة، وجعل الحد الأقصى للجمع بين الزوجات أربعًا، وهذا كله محل إجماع، وقد قيد الإسلام هذه الإباحة بالقدرة على الإنفاق والعدل بينهن فيما يستطيع الإنسان العدل فيه حسب طاقته البشرية، وذلك في المأكل والملبس والمشرب والمسكن والمبيت والنفقة، فمن علم من نفسه عدم القدرة على أداء هذه الحقوق بالعدل والسوية فإنه يكون آثمًا ومرتكبًا لذنبٍ إذا تزوج بأخرى، ودليل ذلك قوله تعالى: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: 3]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذا كَانَت عِنْد الرجل امْرَأَتَانِ فَلم يعدل بَينهمَا، جَاءَ يومَ الْقِيَامَة وشِقُّه مائل، أَو سَاقِط» أخرجه الإمام أحمد والدارمي في "مسنديهما"، وأصحاب السنن الأربعة، وابن حبان في "صحيحه"، والحاكم في "المستدرك" وقال: [صحيح على شرط الشيخين].
قد نصت الفقرة الثانية من المادة 11 من القانون رقم 25 لسنة 1929م والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985م على أنه: [يجوز للزوجة التي تزوج عليها زوجها أن تطلب الطلاق منه إذا لحقها ضرر مادي أو معنوي يتعذر معه دوام العشرة بين أمثالها ولو لم تكن قد اشترطت عليه في العقد ألا يتزوج عليها، فإذا عجز القاضي عن الإصلاح بينهما طلقها عليه طلقة بائنة] اهـ، وهذا القانون مأخوذ من آراء فقهاء الشريعة الإسلامية ومعمول به في جمهورية مصر العربية.
فمن الأسباب التي ترخص للزوجة شرعًا وقانونًا طلب تطليقها من زوجها أمام القاضي إذا رفض الزوجُ طلاقها اقترانُه بغيرها إذا ترتب عليه ضرر تستحيل معه العشرة بين أمثالها.
وعليه: فإنه يجوز تطليق المرأة من زوجها الذي تزوج عليها إذا وقع عليها ضرر بسبب هذا الزواج، وعليها أن تثبت الضرر الواقع عليها بكافة طرق الإثبات.
هذا كله من جهة الآثار المترتبة على تعدد الزوجات من جهة، ورغبة المرأة في الطلاق عند رفض الزوجِ إيقاعَ الطلاق من جهةٍ أخرى.
تدخُّل القضاء بمنع تعدد الزوجات والطلاق من غير موافقة الزوج فهو على خلاف الأصل الذي جرى عليه عمل المسلمين، من أن حَلَّ عُقدة النكاح بيد الرجل كما هو الحال في إبرامها؛ لأن التعدد مباح للرجال بإباحَةِ الشرع؛ لقوله تعالى: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾ [النساء: 3]،كما أن الطلاق في الأصل هو حق الزوج؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يُزَوِّجُ عَبْدَهُ أَمَتَهُ، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَهُمَا، إِنَّمَا الطَّلَاقُ لِمَنْ أَخَذَ بِالسَّاقِ» أخرجه ابن ماجه في "سننه"، والبيهقي في "السنن الكبرى" عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولفظ البيهقي: «أَلَا إِنَّمَا يَمْلِكُ الطَّلَاقَ مَنْ يَأْخُذُ بِالسَّاقِ»، فالتعدد والطلاق راجعان إلى تقدير الرجل ونظره ولا سلطة عليه في ذلك إلا من الشرع والوازع الديني، والأصل عدم جواز سلبه ذلك.
غير أن بعض العلماء -ومنهم الشيخ محمد عبده مفتي الديار المصرية الأسبق في بعض دروسه وتقريراته ومجالسه- قد دعوا إلى التفكير في تقنين ذلك في القرن الماضي؛ معللين ذلك بأنه من باب السياسة الشرعية؛ حين يشيع بين الأزواج تضييعُ حقوق الزوجات والأولاد، فيكون اشتراط إذن القضاء في التعدد والطلاق حينئذٍ من باب تقييد المباح الذي ألجأت إليه ضرورة حفظ الحقوق والحفاظ على الأُسَر؛ كما قال الإمام مالك رحمه الله: يَحدُث للناس أقضيةٌ بقدر ما يُحدِثُون مِن الفجور، ويُروَى ذلك أيضًا عن عمر بن عبد العزيز رحمه الله؛ كما في "المنتقى شرح الموطأ" للإمام الباجي (6/ 46، 140، ط. مطبعة السعادة).
وقد قُدِّم هذا الرأي كمقترح يتضمن تقييد تعدد الزواج قضائيًّا بقيدَي العدل والقدرة على الإنفاق، وكان ذلك في اللجنة التي ألفت سنة 1926م، ولكن بعد الفحص والتمحيص والمجاوبات المختلفة بين رجال الفقه ورجال الشورى رأى أولياء الأمر العدولَ عن ذلك، وجاء المرسوم بقانون رقم 52 لسنة 1929م خاليًا منه، كما يقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه في الأحوال الشخصية (ص: 94).
بناءً على ذلك: فإن تعددَ الزوجات والطلاقَ هما أمران جعلهما الشرع الشريف للرجال أصالةً، وأناط بهم الأخذَ في ذلك بما يرونه محققًا للمصلحة التي يقدرونها بأنفسهم، واشتراط موافقة القضاء عليهما أو على واحد منهما هو على خلاف الأصل؛ لأن فيه نقلًا للتكاليف الدينية المتعلقة بين العبد وربه إلى مجال التطبيق القضائي، والعقود إنما يُرجع إلى القضاء فيها عند حصول النزاع في الآثار المترتبة عليها، لا عند عقدها ابتداءً.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
السائل يريد التزوج ببنت أخت زوجته التي هي على عصمته شرعًا. وطلب بيان الحكم الشرعي في هذا الموضوع.
سائل يقول: ما مقاصد الزواج في الشريعة الإسلامية ووسائل الحفاظ عليها؟
رجل متزوج، تزوج مرة ثانية من امرأة أرملة بحضور أهلها وأقاربها جميعًا، وكان شرط الزواج أنه لا يريد منها إنجاب الأولاد له؛ لأنه لديه من زوجته الأولى عشرة أولاد وهو كبير في السن حوالي الثالثة والخمسين، وهي وافقت على هذا الشرط بحضور أهلها.
والشرط الثاني: أنها لا ترثه ولا يرثها، مقابل أنه اشترى لها بيتًا ووضعه باسمها، وأن إرثَها منه هو هذا البيت فقط وما اشتراه لها من احتياجات. باختصار هو غير مبسوط مع زوجته الأولى، والزوجة الثانية مطلقة وهي تريد السترة وزوجًا يصرف عليها.
وكل الشروط السابقة تم الموافقة عليها من خلال عقد وشهود وبحضور ولي أمرها وأقاربها، علمًا أنها وافقت بإرادتها غير مكرهة وبكامل قواها العقلية. نرجو منكم الإفادة وجزاكم الله عنا خير الجزاء.
أرجو التكرم ببيان الحكم الشرعي في تلك المشكلة، وجزاكم الله كل الخير:
وقع خلاف بيني وبين زوجتي، وبعد ذلك تركت أطفالها الثلاثة لي لتعيش عند أمها، ورفضت كل محاولات الصلح وقالت: سوف أعيش حياتي. وبعد ستة أشهر قررت خلع الخمار ولبس إيشارب يغطي نصف شعرها وكذلك وضع المكياج ولبس البنطلون، كما قررت طلب الطلاق وأصرت على ذلك، وبعد تدخلات من ابن عمها قالت: طلقني، وعهد الله بيني وبينك سوف أعود لبيتي وأولادي خلال أسبوعين بعد أن تهدأ أعصابي. ورغم أن هذا الكلام غريب وغير طبيعي إلا أنني كنت أريد حماية أولادي مهما كان الثمن، ولذلك وافقت وتم الطلاق بوثيقة رسمية كما طلبت -طلقة رجعية-. وبعد ذلك بثلاثة أيام طلبت مني بالتليفون أن نخرج معًا بالأطفال لتناول الإفطار بالخارج حيث كنا في شهر رمضان، ووافقت على أمل الإصلاح، وكنا على اتصال دائم بالتليفون بعد أن خرجنا، وقررت بعدها بأسبوع إصلاح العلاقة مع والدتها -للأسف خالتي- وقمت بزيارتهم ومعي أطفالي، وتناولنا الإفطار وبعد ذلك انفردت بها في بيت أمها وتصافينا وسلمت لي نفسها بدون جماع مباشر، كل هذا في حجرة مغلقة وأمها بالخارج مع الأطفال، وطلبت منها العودة للبيت وكانت تقول: اتركني حتى تهدأ أعصابي. وكنت لا أملك إلا الموافقة، وتكررت تلك المقابلات كثيرًا وفي وجود أخواتها بداخل بيت أمها وخارجه، وفي كل مقابلة تطلب تأجيل الرجوع حتى تهدأ أعصابها، ورغم إحساسي بتلاعبها كنت أصبر حتى لا يدفع أولادي ثمن تدمير البيت، وقبل انتهاء العدة بيوم واحد قررت ردها بوثيقة رسمية، وكان معي ابن عمها وأحد الأقارب وذهبنا للمأذون، وتم إبلاغها وكذلك أختها بقراري بالتليفون، ولكنها قالت: إن تم ردي بوثيقة لن أعود أبدًا، وسوف أبعث لك بتنازل عن كل شيء حتى أولادي كي أثبت لك أنني أريد العودة، لكن انتظر حتى تهدأ النفوس. وكنا في مكتب المأذون، وبعد مشاورات قررنا تنفيذ طلبها على أمل الإصلاح، وأبلغناها أن ما حدث بيننا يعتبر رجعة، وقالت: سوف أعود لأولادي. وظلت الأمور على حالها طوال أربع سنوات، تلاعب واستهتار بالأولاد وبي؛ مرة تقول: أريد العودة، ومرة أخرى: لن أعود لأني مطلقة ومعي وثيقة وتنكر ما حدث بيني وبينها أثناء العدة، بل تقول: إن الضرورات تبيح المحظورات. ورغم هذا وبعد العدة وطوال تلك المدة كنت أنفرد بها أحيانًا، بل لظروف خاصة عادت لتقيم مع الأولاد 45 يومًا، وبعد عودتي استمرت معي 15 يومًا ولكن دون جماع مباشر، وكل الأهل يعلمون ذلك، ولكنها تركت المنزل مرة أخرى، وبعد أربع سنوات من التلاعب أبلغتنا أنها سوف تتزوج لأنها مطلقة ومعها وثيقة، وتزوجت فعلًا وشهد على ذلك خالها وأمها وأخواتها وبعض الأهل، وقالوا إن معنا وثيقة، ولقد قابلت كثيرًا من أهل العلم وعلى سبيل المثال فضيلة الشيخ/ عطية صقر، وكذلك أحد شيوخ الحرم المكي حيث ذهبت للعمرة ومعي أولادي، وأفادوا جميعًا أن زواجها باطل؛ لأنها ردت أثناء العدة، ولكني بعض الأحيان يوسوس لي الشيطان أن ما فعلته معها أثناء العدة حرام، ولذلك أرجو التكرم بالإجابة على أسئلتي حتى يطمئن قلبي:
- هل ما تم معها أثناء العدة حرام حتى أستغفر الله عليه؟
- ما الحكم الشرعي في هذا الزواج؟
- إذا كان الزواج غير شرعي فما هو الحل؟
- ما هو حكم الله فيمن تزوجته وفيها بعد أن أنكرت ما حدث بيننا؟
- ما الحكم الشرعي فيمن شهدوا على العقد؟ وما الواجب عليهم الآن؟
- ما الحكم الشرعي في أمها وأخواتها وبعض أهلها؟ وما الواجب عليهم الآن؟
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام والتقدير.
ملحوظة: تلك المشكلة حدثت من مدة حيث كانت ابنتي آية الله في السنة الرابعة الابتدائية وأصبحت في الثانوية العامة، وفاطمة الزهراء من الثانية الابتدائية أصبحت في الثالث الإعدادي، وأحمد من سن أربع سنوات أصبح في الصف الأول الإعدادي، ولا أرجو من الفتوى إلا ابتغاء وجه الله وحتى لا يتلاعب بي الشيطان، وأنا وأولادي لا نرى تلك الأم ولا نعرف عنها شيئًا.
ما مدى صحة عقد الزواج إذا تم عن طريق شخص وكيل عن الزوج؟ حيث تقول السائلة: تم عقد قراني على زوجي بواسطة وكيله بمقتضى توكيل رسمي مُوَثَّق لدى الجهات المختصة وكَّله فيه بتزويجه مني؛ فهل هذا الزواج صحيحٌ شرعًا بمقتضى الوكالة المذكورة؟
آنسةٌ تريد أن تتزوج؛ فهل يحسب سنها عند إجراء العقد بالسنين الهجرية، أو بالسنين الميلادية؟