سائل يقول: إنه من سنتين تزوجتُ بنت خالتي بمعاشرة عادلة شرعية حتى الآن، ولي والدة كذلك بتوفيق ومودة بيننا جميعًا، واعتيد الصدق والثقة مع والدتي ومودتها لزوجي، وأخبرتني والدتي الآن أني رضعت من جدتي لأمي وهي أم لخالتي التي معي بنتها، فهل يكون النكاح معتدًّا به شرعًا، أو للقاضي الشرعي التفرقة، ويكون الماضي وطء شبهة؟ على أن لا تناسل الآن بيننا.
إن صدَّق الزوج أمه على أنه رضع في سن الرضاعة من جدته التي هي جدة زوجته لا يحل له الإقامة مع زوجته؛ لأنها حينئذٍ بنت أخته رضاعًا، ويجب عليه مفارقتها، وإلا وجب على القاضي التفريق بينهما إن لم يفارقها باختياره، أما إذا لم يصدقها الزوج فالزوجية باقية ويحل له الإقامة مع زوجته، وهذا كله ما لم يثبت الرضاع المحرم بشهادة رجلين أو رجل وامرأتين عدول، فإن ثبت بذلك وجبت المفارقة على النحو السابق بيانه.
اطلعنا على هذا السؤال، ونفيد أنه جاء في "المبسوط" بصفحتي 302 و303 من الجزء الثلاثين ما نصه: [وإذا تزوج امرأة فشهدت امرأة أنها أرضعتهما فهذه المسألة على أربعة أوجه: إما أن يصدقها الزوجان، أو يكذباها، أو يصدقها الزوج دون المرأة، أو المرأة دون الزوج. فإن صدقاها وقعت الفرقة بينهما لا بشهادتها بل بتصادق الزوجين على بطلان النكاح بينهما، فإن كان ذلك قبل الدخول بها فلا مهر لها ولا عدة عليها، وإن كان بعد الدخول فلها مقدار مهر مثلها من المسمى؛ لأنهما تصادقا على أنه دخل بما يشبه النكاح من غير عقد صحيح فبحسب الأقل من المسمى ومن مهر المثل وعليها العدة. وإن كذباها في ذلك فهي امرأته على حالها وقد بينَّا هذا في الاستحسان والنكاح، وأنه بشهادة المرأة الواحدة على الرضاع لا تتم حجة الفرقة عندنا، إلا أنه يستحب له من طريق التنزه أن يفارقها إذا وقع في قلبه أنها صادقة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «كَيْفَ وَقَدْ قِيلَ». فإن كان قبل الدخول طلقها وأعطاها نصف المهر، وإن كان بعد الدخول أعطاها كمال المسمى، والأوْلى ألا تأخذ منه شيئًا قبل الدخول، وبعد الدخول لا تأخذ الزيادة على مهر مثلها بل تبرئ الزوج من ذلك. وإن صدقها الزوج وكذبتها المرأة فإنه تقع الفرقة بينهما بإقرار الزوج؛ لأنه أقر بحرمتها على نفسه وهو يملك أن يحرمها على نفسه، وعليه نصف المهر إن كان قبل الدخول، وجميع المسمى إن كان بعد الدخول. وإن صدقتها المرأة دون الزوج فهي امرأته على حالها؛ لأنها أقرت بالحرمة، وليس في يدها من ذلك شيء إلا أنها إذا علمت صدقها في ذلك فإنه ينبغي لها ألا تمكنه من نفسها ولكن تفدي نفسها بمال فتختلع منه. وإن شهد رجلان أو رجل وامرأتان بالرضاع لم يسعهما أن يقيما على النكاح بعد ذلك؛ لأنهما لو شهدا بذلك عند القاضي فرق بينهما، وكذلك إذا شهدا به عند النكاح، ولا فرق في الفصلين بين أن تكون الشهادة بعد عقد النكاح أو قبله] اهـ. بتصحيح التحريف المطبعي.
ومن هذا يعلم أن أم الزوج إذا كانت قد أخبرته برضاعه من والدتها التي هي جدته وجدة زوجته لأم وكان وقت أن رضع منها في سن الرضاع وهي سنتان على قول الصاحبين وهو الأصح المفتى به، فإن صدقها بالقول بأن أقر بأنه رضع من جدته المذكورة على الوجه السابق لم يحل له الإقامة مع زوجته؛ لأنها بنت أخته رضاعًا، ووجب عليه مفارقتها بالقول، ووجب على القاضي التفريق بينهما إن لم يفارقها الزوج، وكان العقد السابق عقدًا فاسدًا والوطء فيه وطء بشبهة، أما إذا لم يصدقها بالقول فالزوجية باقية بينهما وحل له الإقامة مع زوجته إلا أنه يستحب له أن يفارقها إذا وقع في قلبه صدق والدته فيما أخبرت به من الرضاع المحرم، وهذا كله ما لم يثبت الرضاع المحرم بحجة كاملة وهي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين عدول، فإن ثبت بذلك وجب عليه المتاركة بالقول ووجب على القاضي التفريق إن لم يفارقها الزوج وكان العقد السابق فاسدًا والوطء فيه وطء بشبهة كذلك.
هذا، والحرمة بالرضاع تثبت عند الحنفية بقليل الرضاع وكثيره متى كان في مدته التي بينَّا ما عليه الفتوى فيها. وبهذا علم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذكر.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الزواج من فتاة رضعت من أمها رضعة واحدة؛ فأنا أرغب في الزواج بفتاة قامت أمي بإرضاع أختيها رضعتين، كما قامت والدتها بإرضاعي رضعة واحدة، وبسؤال والدة السائل ووالدة الفتاة أقرتا بما ادَّعاه السائل، ووقَّعتا على ذلك.
هل يثبت الرضاع بشهادة الشهود وإن كانوا شهود زور، خاصة بعد حصول الزواج المدة الطويلة ووجود عدد من الأولاد؟
ما حكم الزواج من بنت الخالة إذا رضعت من الأم؟ حيث إن والدتي رُزقت بفتاة، وكذلك خالتي رُزقت بفتاة أيضًا، ولأسبابٍ أرضعَت والدتي ابنةَ خالتي، وكذلك خالتي أرضعَت أختي، ثم توفيت أختي قبل ولادتي، ولما وُلدت أنا لم أرضع من خالتي. فهل يجوز شرعًا أن أتزوج بابنة خالتي التي رضعت من أمي مع أختي المتوفاة؟
ما حكم الزواج بالبنت التي رضع أخوه من أمها؟ حيث يوجد اثنان أشقاء: رضع الثاني من سيدة، فهل يصح للأول أن يتزوج من ابنة هذه السيدة ما دام لم يرضع منها؟
سائل يقول إن والديه أخبراه أنه قد رضع في السنة الأولى من عمره من جدة زوجته لأمها، ولما سُئلت هذه الجدة قالت إنها أرضعتني ما بين عشرة إلى 15 مرة لبنًا خفيفًا مثل الماء نُقطًا صغيرة.
وأضاف السائل أنه يُصدق إخبار والديه بهذا الرضاع الذي زادت مراته على خمس، ولم تكن وقت رضاعَته منها تُرضع أحدًا من أولادها؛ لأن آخر أولادها هي حماته والدة زوجته، ولم تُرزق بعدها أولادًا، وسِن هذه الجدة الآن حوالي 75 عامًا وهو في الثامنة والعشرين من العمر، وإنه يسأل: هل تحرم عليه زوجته بهذا الرضاع شرعًا؟
ما حكم الزواج من ابنة العم إذا كانت أختها قد رضعت من والدته؟ فللسائل بنت عمه لم ترضع من والدته ولم يرضع هو من والدتها، إلا أنها لها أخت كبرى قد رضعت من والدته، والآن يرغب السائل في الزواج من بنت عمه التي لم ترضع من والدته. فهل رضاعة أختها من والدته تمنع ذلك وتحرمها عليه؟