ما حكم الإقراض من الصدقة الجارية لمشروعات الأسر المحتاجة؟ حيث تم إشهار مؤسسةٍ خيرية وفقًا لأحكام القانون، وطبيعة عملها هي تنمية الأسر المصرية المعدومة أو المحدودة الدخل في كافة جوانب حياتها، مثل: التعليم والصحة والغذاء وعمل مشروعاتٍ تجارية لهذه الأسر حتى يتسنى لها من خلال العائد الصرف على احتياجاتها الأساسية حتى لا تحتاج لمساعدات شهرية. وتتم متابعة هذه المشروعات لتذليل أي عقبات تعترضها، ويتم استرداد إجمالي التكلفة بأقساط شهرية على خمس سنوات وتوجَّه لِأُسَرٍ أخرى، وهكذا.
علمًا بأن الأسر محل الرعاية يتم اختيارها وفقًا لمعايير محددة، منها: ألا يكون لديها عائلٌ، وأن يكون دخلها محدودًا لا يكفي المتطلبات الأساسية للمعيشة، وفي معظم الأحيان يكون مسكنها مشتركًا مع آخرين أو مؤقتًا.
فهل يعتبر نشاط المؤسسة مصرفًا من مصارف الصدقة الجارية؟
نشاط هذه المؤسسة يُعَدُّ مصرفًا من مصارف الصدقة الجارية؛ لأن الصدقة الجارية هي كل صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم، والمفتى به أنه يصح وقف النقود فيه أيضًا؛ لتحقق شروط الوقف فيها، وهو ما عليه مجمع الفقه الإسلامي الدولي.
المحتويات
روى الإمام مسلم في "صحيحه" وأصحاب السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلا مِنْ ثَلاثَةٍ: إِلا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ».
والاستثناء في الحديث لا يفيد الحصر، بدليل الروايات الأخرى التي جاء فيها ذكر غير ذلك من الأعمال التي تدوم بعد الموت، وقد جمعها الحافظ جلال الدين السيوطي بقوله:
إذا مات ابنُ آدمَ ليس يجري ** عليه مِن خصالٍ غيرُ عشرِ
علومٌ بَثَّها، ودعاءُ نَجلٍ ** وغرسُ النخل، والصدقاتُ تجري
وِرَاثةُ مصحفٍ، ورِبَاطُ ثَغرٍ ** وحفرُ البئر أو إجراءُ نَهرِ
وبيتٌ للغريب بناه يأوي ** إليه، أو بِناءُ مَحَلِّ ذِكرِ
وتعليمٌ لقرآنٍ كريمٍ ** فخُذها مِن أحاديثٍ بِحَصْرِ
الأصل أن الصدقة الجارية هي كل صدقةٍ يجري نفعُها وأجرُها ويدوم؛ كما عرَّفها بذلك القاضي عياض المالكي في كتابه "مشارق الأنوار على صحاح الآثار"، وقد حملها جماعة من العلماء على الوقف؛ لأنه أوضح ما تتحقق فيه الصدقة الجارية، حيث إن الوقف يدوم أصله وتتجدد منفعتُه؛ قال الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج": [والصدقة الجارية محمولة عند العلماء على الوقف كما قاله الرافعي، فإن غيره من الصدقات ليست جارية، بل يَملِكُ المتصدَّق عليه أعيانَها ومنافعَها ناجِزًا، وأما الوصية بالمنافع وإن شملها الحديث فهي نادرة، فحمل الصدقة في الحديث على الوقف أَوْلَى] اهـ.
وللعلماء في الأنواع الأخرى التي لا ينقطع منها عمل المسلم بعد موته مسلكان: فمنهم من يقصر الصدقة الجارية على الوقف كما يُفهَم من كلام الخطيب الشربيني السابق، ويجعل بقية الأنواع من الصدقة الجارية حكمًا؛ لأنها باقيةٌ كبقاء الوقف.
يقول العلامة الشَّبْرامَلِّسي الشافعي في "حاشيته" على "نهاية المحتاج" للشمس الرملي بعد أن ذكر النظم السابق للحافظ السيوطي: [ولعله إنما فصَّلها كذلك لورودها بأعيانها كذلك مُفرَّقةً في أحاديث، وإلا فيمكن ردُّ ما ذكره إلى ما في الحديث؛ بأن يُجعل تعليمُ القرآن من العلم الذي يُنتَفَع به، وما عداه من الصدقة الجارية ولو حكمًا، بجامع أن ما أجراه من الأنهار وحفرَه من الآبار وغرَسه من الأشجار ولو في ملكه ولم يَقِفْه والمصحف الذي نسخه أو اشتراه مثلًا ثم مات عنه ورباطه بقصد الجهاد في سبيل الله، آثارُه -مِن تَعَدِّي نَفْعِه للمسلمين- باقيةٌ كبقاءِ الوقف] اهـ.
ومنهم من يجعل الصدقة الجارية أعمَّ من الوقف، ولا يقصرها عليه، ولا يمنع من دخول بقية الأنواع تحت اسم الصدقة الجارية، وهذا المسلك أنسب بعموم اللفظ؛ إذ لا دليل على التخصيص بالوقف.
قال الحافظ أبو بكر البيهقي الشافعي في "شعب الإيمان" (3/ 248) بعد أن روى حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إنَّ مما يَلحَقُ المؤمنَ مِن عملِه وحسناتِه بعد موتِه: عِلمًا عَلِمَه ونشَره، أو ولدًا صالحًا ترَكه، أو مسجدًا بناه، أو بيتًا لابن السبيل بناه، أو نهرًا كَرَاه، أو صدقةً أخرجها من ماله في صحته وحياته تلحقه من بعد موته»، وحديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: «سبعةٌ يجري للعبد أجرُهنَّ وهو في قبره بعد موته: مَن عَلَّم علمًا، أو كَرَى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو وَرَّث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له بعد موته»؛ قال معقبًا عليهما: [وهما لا يخالفان الحديث الصحيح؛ فقد قال فيه: «إلا مِن صدقة جارية»، وهي تجمع ما وردا به من الزيادة] اهـ.
ويقول الشيخ سليمان الجمل الشافعي في حاشيته "فتوحات الوهاب بتوضيح شرح منهج الطلاب": [قوله: (محمولة عند العلماء على الوقف) ولينظر ما المانع من حمل الصدقة الجارية على بقية الخصال العشر التي ذكروا أنها لا تنقطع بموت ابن آدم] اهـ.
ويقول الشيخ البجيرمي في "حاشيته على المنهج": [(قوله: محمولة عند العلماء... إلخ) ما المانع من حمل الصدقة الجارية على بقية العشرة التي ذكروا أنها لا تنقطع بموت ابن آدم، ولعل الشارح تبرأ من حملها على الوقف بخصوصه بقوله: (محمولة عند العلماء) إشارةً إلى أنه يمكن حملها على جميعها] اهـ.
ويقول في "حاشيته على الخطيب": [قوله: (محمولة) انظر ما وجه التخصيص بالوقف مع أن الصدقة الجارية أعم من ذلك] اهـ.
وقال شمس الحق العظيم آبادي في "عون المعبود": [(مِن صَدَقة جارِيَة): كَالأوقاف] اهـ.
ونقل المباركفوري في "تحفة الأحوذي" عن صاحب "الأزهار شرح المصابيح" أنه قال في الصدقة الجارية: [هي الوقف وشبهه مما يدوم نفعه] اهـ.
وقال الشيخ الأُبِّيُّ المالكي في كتابه "إكمال إكمال المُعْلِم" (5/ 261- 262) في كلامه على قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «رِبَاطُ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَيْرٌ مِنْ صِيَامِ شَهْرٍ وَقِيَامِهِ، وَإِنْ مَاتَ جَرَى عَلَيْهِ عَمَلُهُ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، وَأُجْرِيَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ، وَأَمِنَ الْفَتَّانَ»؛ قال: [يعني أن الثواب المترتب على رباط اليوم والليلة يجري له دائمًا، ولا يعارض هذا الحديثَ حديثُ: «إذا مات المرء انقطع عمله إلا من ثلاث»؛ إما لأنه لا مفهوم للعدد في الثلاث، وإما بأن يرجع هذا إلى إحدى الثلاث هناك، وهو صدقة جارية] اهـ.
من المعلوم أن غرض الشرع الشريف في الوقف هو عدم التصرف في محله؛ أي في العين الموقوفة، وديمومةُ الانتفاع به لأطول مدة ممكنة؛ ولذلك لم يَجُزْ عند جمهور الفقهاء وقفُ ما لا يُنتَفع به إلا بالإتلاف كالدراهم والدنانير والمطعومات؛ معللين ذلك بأن الوقف تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة، وما لا يُنتَفَع به إلا بالإتلاف ليس فيه ذلك؛ قال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني": [ما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه كالدنانير والدراهم والمطعوم والمشروب والشمع وأشباهه لا يصح وقفه في قول عامة الفقهاء وأهل العلم إلا شيئًا يُحكى عن مالك والأوزاعي في وقف الطعام أنه يجوز، ولم يَحكِه أصحاب مالك، وليس بصحيح] اهـ.
ولَمَّا وجد المالكية نفعًا من الدراهم والدنانير لا يُذهِب عينهما إلا في الصورة فقط أجازوا الوقف فيهما في السَّلف؛ لأنهما بالسلف يبقيان حكمًا وإن ذهبت أعينهما:
فيقول الشيخ الخرشي في "شرح مختصر خليل": [المذهب جواز وقف ما لا يُعرَف بعينه كالطعام والدنانير والدراهم كما يفيده كلام الشامل، فإنه بعدما حكى القول بالجواز حكى القول بالكراهة بـ(قيل)، والقولُ بالمنع أضعف الأقوال، ويدل للصحة قول المؤلف في باب الزكاة: (وزُكِّيَت عَين وُقِفت للسلَف)] اهـ.
ونقل الشيخ الصعيدي العدوي في "حاشيته على الخرشي" عن اللَّقاني: [الوقف ما يُنتفع به مع بقاء عينه حقيقةً أو حكمًا كالدراهم والدنانير] اهـ.
قال الشيخ العدوي: [الدنانير والدراهم يجوز وقفها للسَّلَف قطعًا] اهـ.
وقال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير": [ويُنَزَّلُ رَدُّ بدله منزلة بقاء عينه] اهـ.
إذا نظر الفقيه الآن في مسألة حبس المال وتسبيل عوائده يرى تحقق العلة التي من أجلها أباح المالكية حبس الدراهم والدنانير مع الكراهة، وهم إنما كرهوا ذلك والمكروه جائز بالمعنى الأعم؛ لاحتمال ضياعها، غير أننا نجد باستقراء الأحوال المصرفية المستقرة المُقَنَّنة المعمول بها والمتداولة حاليًّا أن مثل هذه الودائع تبقى مدةً قد تصل إلى خمسين عامًا أو يزيد، فتَحَقَّقَ لها بذلك البقاءُ النسبي المطلوب للشرع الشريف من عقد الوقف، وهو ما يجعلنا نقول بجواز حبس الودائع المالية ووقفها وتسبيل عوائدها، وهذا يقتضي أن حبس المال وتسبيل عوائده للقرض الحسن لا يختلف الفقهاء في كونه من الصدقة الجارية حقيقةً أو حكمًا.
أَمَّا على قول من يعمم الصدقة الجارية في كل ما يجري ثوابه ويدوم نفعُه فهو ظاهرٌ؛ لأن حبس المال بهذه الصورة فيه إدامة للنفع مع بقاء الأصل مدة طويلة.
وأَمَّا على قول من يجعل الصدقة الجارية مقصورة على الوقف فقط، فهو إما قائلٌ بجواز وقف النقود كالمالكية فيكون ذلك صدقة جارية، وإما قائل بعدم صحة كونها وقفًا لفقدها شرطًا من شروطه، فهي عنده في حكم الصدقة الجارية؛ لأنها باقية بقاء الوقف كما جاء في كلام العلامة الشَّبْرامَلِّسي السابق.
ونفي كون ذلك من الصدقة الجارية بدعوى أن الفقهاء حملوها في الحديث النبوي على الوقف غير سديد؛ لأنه وقوف بالصناعة الفقهية عن النظر في المآلات المرعية، كما أن فيه تخصيصًا بلا مخصِّص.
قد صدر قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي رقم 140 (6/15) في دورته الخامسة عشرة بمسقط بسلطنة عمان سنة (1425هـ - 2004م) بجواز وقف النقود وحبسها وتسبيل عوائدها في المصارف الوقفية المختلفة، ومنها القرض الحسن الوارد في الاستفتاء، وهذا نصه:
1- وقف النقود جائزٌ شرعًا؛ لأن المقصد الشرعي من الوقف وهو حبس الأصل وتسبيل المنفعة متحقق فيها، ولأن النقود لا تتعين بالتعيين وإنما تقوم أبدالها مقامها.
2- يجوز وقف النقود للقرض الحسن، وللاستثمار إما بطريق مباشر، أو بمشاركة عدد من الواقفين في صندوق واحد، وإما عن طريق إصدار أسهم نقدية وقفية تشجيعًا على الوقف، وتحقيقًا للمشاركة الجماعية فيه.
3- إذا استثمر المال النقدي الموقوف في أعيان كأن يشتري الناظر به عقارًا أو يستصنع به مصنوعًا، فإن تلك الأصول والأعيان لا تكون وقفًا بعينها مكان النقد، بل يجوز بيعها لاستمرار الاستثمار، ويكون الوقف هو أصل المبلغ النقدي. اهـ. المراد من القرار.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن نشاط هذه المؤسسة يُعَدُّ مصرفًا من مصارف الصدقة الجارية، والمفتى به أنه يصح وقف النقود فيه أيضًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يجوز إزالة المساجد أو الزوايا التي تم بناؤها في مواضع خاطئة على خطوط السكك الحديدية بشكل يتعارض مع أمن وسلامة المواطنين أثناء مسير القطارات ويعرض حياتهم للخطر، والتي تتعارض مع أعمال مشروع تطوير مزلقانات السكة الحديدية، وذلك في حالة عدم القدرة على توفير قطعة أرض خالية تصلح لإنشاء مسجد بديل. وذلك مراعاةً للاحتياج الشديد والعاجل لهذا الأمر.
ما حكم إتمام الوكيل للوقف بعد إلغاء التوكيل؟ فسيدة وكلت وكلاء في بيع ثمانية أفدنة من ملكها يُخَصَّصُ ثمنها لبناء جامع على قطعة الأرض التي سَتُشْتَرى من الثمن المذكور، ثم وقفها ووقف المسجد باسمها، فباع الوكلاء ثمانية الأفدنة واشتروا قطعة الأرض المذكورة، وهنا أبلغت الموكلة المذكورة النيابة طالبة كل ما لها لدى الوكلاء المذكورين، وقررت في التحقيقات أنها عدلت عن بناء المسجد ولم تقف هي ولا وكلاؤها المذكورون هذه الأرض بعد شرائها، ثم عزلتهم من التوكيل، فتجاهلوا العدول والعزل واتفقوا مع مقاول على بناء مسجد على هذه الأرض، فأنذرت هذا المقاول رسميًّا بعدم ارتباطها بتعاقدهم معه على بناء هذا المسجد لعدولها عنه وعزلها لهم، وباعت الأرض فعلًا، ورغم هذا سار المقاول في البناء، وفي أثناء إقامة الأسوار توفيت، ولكن المقاول رغم هذا استمر في إتمام الأسوار ووضع السقف بناءً على طلب الوكلاء بعد علمهم بالعزل. فهل ما كان منها من مبدئه إلى نهايته يعد وقفًا للمسجد ويكون ملزمًا لها ولورثتها من بعدها، أو لا يكون وقفًا ولا تكون هي ولا ورثتها ملزمين بقيمة هذه المباني؟ وما حكم الصلاة في هذه الأرض بعد بنائها على هذا النحو؟
أنا مسلم ياباني في مدينة ميازاكي -جزيرة كيوشو اليابانية- ونحن كمسلمين هنا أسَّسنا رابطةً تسمى "رابطة مسلمي ميازاكي"، وعلى مدار ما يقرب من عشر سنوات نجمع الصدقات من بعضنا ومن الآخرين لبناء مسجد في مدينتنا، وأسمينا المشروع "مشروع مسجد ميازاكي".
وفي يوم 30 من يونيو عام 2009م كان شخص ما يعيش هنا ورحل إلى أحد البلاد العربية، ومن هناك أرسل تبرعًا قيمته مليون ين -ما يعادل 12.5 ألف دولار أمريكي- وقال: هذا للمسجد.
ومنذ أسبوعين تقريبًا أرسل نفسُ الشخص بريدًا يقول فيه إنه يريد استرجاع المبلغ؛ لأن شخصًا من عائلته يواجه مشكلة مالية.
وعلى هذا اجتمع المسلمون هنا للرد: هل نرد الصدقة أم لا؟ واحتكمنا لرأي الدين والشرع في هذا الموضوع. فهل له حق المطالبة بردِّ الصدقة؟ وهل علينا أن نردَّ له الصدقة أم لا؟ وهل نتحمَّل وزر إرجاع صدقة لأي شخص تبرع بها للمسجد؟ علمًا بأننا ما زلنا نجمع الصدقات والتبرعات لبناء المسجد.
ما حكم صرف الفائض من وقف المسجد إلى مسجد آخر؟ فهناك رجلٌ أوقف وقفًا على مسجدٍ خاص وسجَّل وقفيته على يد القاضي في المحكمة الشرعية، وعيَّن عليه ناظرًا عنه ليقوم برعاية شؤون الوقف وصرف رِيعه على المسجد المذكور، وقام الناظر بأداء ما وُكِّل إليه بدقة وأمانة، غير أنه اتضح له بعد مرور فترة من الزمن ازدياد ريع الوقف أكثر بكثير من اللازم وعن المتطلبات الشهرية والسنوية للمسجد، وأن المسجد أصبح الآن ليس بحاجة أكثر مما يصرف عليه، وظلت دراهم ريع المسجد تزداد سنة بعد سنة ويجمع له في البنك.
قامت مجموعة من الناس بالقرية بتحويل جزء من المسجد إلى سنترال حكومي بعد ما أقيمت الشعائر بالمسجد. فما رأي الدين؟ وما عقوبة هؤلاء؟
ما حكم تقييد تنفيذ الوقف بشرط الواقف؟ فقد سئل في رجلٍ وقف من ضمن وقفه منزلًا له كائنًا بالدرب الجديد بخط السيدة زينب، وجعل حق السكنى فيه من بعده لعتقائه الإناث مدة حياة كل منهن ما دمن عزبات، وكل من تزوجت منهن سقط حقها من السكنى، فإن تأيَّمت عاد حقها في السكنى فيه، وهكذا؛ كلما تزوجت وتأيمت يجري الحال في ذلك كذلك، وتستقل بالسُّكنى بالمكان المذكور الواحدة منهن إذا انفردت، ويشترك فيه الاثنان فما فوقهما عند الاجتماع، يتداولن ذلك بينهن إلى انقراضهن، يكون ذلك المنزل مُنضمًّا وملحقًا بباقي الوقف، حكمه كحكمه، وشرطه كشرطه.
ثم قرر أن يُقرأ في كل شهر بالمنزل المذكور ختمة قرآن شريف بمعرفة خمسة فقهاء، كما أنه قرر أن يُصرف من إيراد الوقف مائة جنيه مصري على المقيمين والواردين والمترددين بالمنزل المذكور على الدوام، في ثمن مأكل ومشرب، وبن قهوة، وفحم لزوم القهوة، وزيت وشمع للاستضاءة، ووقود لطبخ الطعام، وخبز ومسلى، وغير ذلك من سائر اللوازم برأي الناظر واجتهاده. وحيث إنه لا يوجد الآن من أولئك العتقاء سوى ثلاث متزوجات ومقيمات بمنازل أزواجهن، ولم يكن بالمنزل أحد من العتقاء، فهل بذلك يمكن إسكانه واستغلال أجرته وضمها على إيراد الوقف أم لا؟ وإن لم يتيسر إسكانه فماذا يكون في صرف ذلك المبلغ؛ هل يجوز إحضار رجل أمين بالأجرة ويشترى له ما يلزم من خبز وأدم وبن قهوة لمن يتردد على المنزل المذكور، أم كيف؟ نرجو الجواب.