حكم تصرف الإنسان في ماله دون مراعاة مشاعر الفقراء

تاريخ الفتوى: 17 أغسطس 1997 م
رقم الفتوى: 531
من فتاوى: فضيلة الدكتور نصر فريد واصل
التصنيف: آداب وأخلاق
حكم تصرف الإنسان في ماله دون مراعاة مشاعر الفقراء

هل رجل الأعمال حر في إنفاق أمواله بالصورة التي يراها، وكيفما شاء دون مراعاة لمشاعر الفقراء والمعوزين؟ وتطلب السائلة بيان الحكم الشرعي في ذلك.

من المقرر شرعًا أن كلَّ إنسانَ حرٌّ في التصرف في ماله وفيما يملك، وبالصورة التي يراها مناسبةً لحاله، شريطة عدم التقتير أو التبذير وأن لا ينسى حق الفقراء والمساكين، ويجب أن يقدِّم في النفقة مَن يعولُهُم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي» رواه الترمذي.

منَ المؤكد أن هناك حِكمًا إلهيةً في إعطاء المال لمن يشاء، ومنعه عمَّن يشاء، فالله تعالى خبيرٌ بصيرٌ بمن يستحقُّ الغنى وبمن يستحقُّ الفقر؛ فلقد ورد في الحديث القدسي عن الله عز وجل: «وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْغِنَى وَلَوْ أَفْقَرْتُهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ، وَإِنَّ مِنْ عِبَادِي الْمُؤْمِنِينَ لَمَنْ لَا يُصْلِحُ إِيمَانَهُ إِلَّا الْفَقْرُ، وَلَوْ بَسَطْتُ لَهُ لَأَفْسَدَهُ ذَلِكَ» رواه ابن أبي الدنيا في "الأولياء" (ص: 9، ط. مؤسسة الكتب الثقافية).
ويقول تعالى في كتابه الكريم آمرًا بالاقتصاد في العيش ناهيًا عن السَّرف: ﴿وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا﴾ [الإسراء: 29].
فلقد رسم الله للمسلم كيفية التعامل في ماله، وجاءت السنة المطهرة مؤكدة ذلك؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُوا، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُوا» رواه أبو داود من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

مِمَّا سبق يتبين أنَّ الإنسانَ حرٌّ في إنفاق ماله وبشرط عدم التقتير أو التبذير، وبالصورة التي يراها مناسبةً لحاله في دنياه؛ شريطة ألا ينسى حقَّ الفقراء والمساكين بإخراج ما يستحقونه من زكاةٍ في ميعادها المحدد حتى يطهر ماله، ولا يكون فعله قاصرًا على ذلك بل يكون للصَّدقات نصيب وافر منه؛ لقوله تعالى: ﴿مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللهِ بَاقٍ﴾ [النحل: 96]، ورُوي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا أَنْفَقَ إِلَّا عِزًّا».
ويجب أن يكون في مقدمة المنفقين عليهم من يعولهم: «خَيْرُكُم خَيْرُكُم لِأَهْلِهِ، وَأَنَا خَيْرُكُم لِأَهْلِي» رواه الترمذي.
كل ذلك دون جرح لمشاعر الفقراء والمعوزين الذين ربما يكون قد نالهم من عطائه الشيء الكثير، وحتى لا يوغر الحقد والحسد صدورهم عليه، فلقد روي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ العِبَادُ فِيهِ، إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلاَنِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا» متفقٌ عليه. ومما ذكر يعلم الجواب عن السؤال.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 اعتاد بعض الناس عند حصول بعض الحوادث لهم أن يخاطبوا غيرهم بقولهم مثلًا: أستغيث بك، أو أرجوك، أو غير ذلك؛ فاعترض بعض الشباب ومنعوهم من ذلك، وبل أفرطوا في الأمر فقاموا باتهامهم بالشرك لمجرد صدور أمثال هذه الكلمات؛ فنرجو منكم بيان حكم الشرع في هذا الأمر؟


هل رجل الأعمال حر في إنفاق أمواله بالصورة التي يراها، وكيفما شاء دون مراعاة لمشاعر الفقراء والمعوزين؟ وتطلب السائلة بيان الحكم الشرعي في ذلك.


الطلب المقدم من مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الوارد إليه من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ببيروت والذي تضمن قيام بعض المغنين في إحدى الدول العربية بغناء أنشودة "أنا يوسف يا أبي"، وفيها عبارة: "هل جنيت على أحد عندما قلت: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾"، وهو في هذه الأغنية يكرر الآية المذكورة بمصاحبة الآلة الموسيقية المسماة العود، وأرفق بالطلب صورة لهذه القصيدة بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، وتنتهي بنص الآية الكريمة: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾. ويطلب بيان الحكم الشرعي في غناء مقطع من شعر أو نثر مرسل متضمن اقتباسًا لآية أو أكثر من القرآن الكريم مع مصاحبة العود أو أي آلة موسيقية أخرى، وما حكم من يغني ذلك؟


يقول السائل: أقوم بإلقاء ما يتبقى من طعامي في القمامة، فهل في ذلك إثم شرعًا؟


ما حكم زيارة آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟


ما حكم النداء على المفقود عبر مكبرات الصوت بالمسجد؟ فقد حدث خلافٌ كبيرٌ في بلدتنا إثر نداء أحد العامة على طفل مفقود باستخدام مكبرات الصوت بالمسجد الكبير في البلدة؛ تلبيةً لاستغاثة أمه التي كاد قلبها ينفطر من البكاء، فاختلف الناس في أمر هذا النداء بين مؤيد ومعارض، حتى وصل الخلاف إلى حدِّ الاتهام في الدين والإيمان، فالمعارضون يستدلون بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا رأيتم الرجل ينشُد ضالته في المسجد فقولوا له: لا ردها الله عليك»، ويستدلون أيضًا بأن المساجد ما جُعلت لذلك، وإنما جُعِلت للعبادة، ويرون أن هذا ليس من العبادة.
والمؤيدون يستدلون بأن حفظ النفس من مقاصد التشريع، وأن هذه نفس مفقودة، ومن مقاصد التشريع أيضًا حفظ العقل والدين، ومن يكون في هذا الموقف يكاد يطير عقله، واستدل المؤيدون أيضًا بأن هذا الدين دين رحمة وسماحة، وأن المقصود بالضالة في الحديث: البهائم وما في حكمها كما ورد في سبب الحديث، وأن حرمة الإنسان أعظمُ من حرمة البنيان كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم للكعبة: «ما أعظم حرمتَك عند الله! وَلَدَمُ امرئ مسلم أعظمُ حرمةً منكِ».