01 يناير 2017 م

الحلال بيِّن.. والحرام بيِّن

الحلال بيِّن.. والحرام بيِّن


عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحَلالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ» رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.

هذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار الدين، وفيه يوضح صلى الله عليه وسلم أن الأشياء تنقسم إلى ثلاثة أنواع: الحلال والحرام والأمور المشتبهة التي بينهما، فالشبهات هي كل ما تتنازعه الأدلة من الكتاب والسنة وتتجاذبه المعاني، فالإمساك عنه ورع، والراسخون في العلم لا يشتبه عليهم ذلك، ويعلمون من أي القسمين هي.

وما ترك الله ورسوله حلالًا إلا مبيَّنًا ولا حرامًا إلا مبيَّنًا، لكن بعضه كان أظهر بيانًا من بعض، فما ظهر بيانُه واشتُهر وعُلِمَ من الدين بالضرورة من ذلك لم يعُدْ هناك شكٌّ فيه، ولا يُعْذَرُ أحدٌ بجهلِه في بلد يظهر فيه الإسلام، وما كان دون ذلك، فمنه ما قد يخفى على بعض الناس وتختلف أفهام العلماء في تقرير أحكامه، كأن يحملوا الأمر على الوجوب أو الندب أو النهي على التحريم أو الكراهة، وقد يقع الاشتباه في الحلال والحرام بالنسبة إلى العلماء وغيرهم من وجه آخر، وهو أن من الأشياء ما يعلم سبب حِلِّه وهو المِلْكُ المتيقَّن، ومنها ما يعلم سبب تحريمه وهو ثبوت ملك الغير عليه، وأمَّا مَا لا يُعلم له أصل ملك، كأن يجد الإنسان في بيته شيئًا ولا يدري هل هو له أو لغيره؟ فهذا مشتبه، ولا يحرم عليه تناوله؛ لأن الظاهر أن ما في بيته ملكه لثبوت يده عليه، والورع اجتنابه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: « إِنِّي لَأَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِي، فَأَجِدُ التَّمْرَةَ سَاقِطَةً عَلَى فِرَاشِي، فَأَرْفَعُهَا لِآكُلَهَا، ثُمَّ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَقَةً، فَأُلْقِيهَا» رواه البخاري، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ» رواه النسائي، فإذا شك الإنسان في شيء فلا يدري أحلال أم حرام وكان يحتمل الأمرين؛ فالأحسن التنزه.

وليحذر المرء من التوهم الذي لا أصل له كترك استعمال ماء له أوصاف الطهورية التي يجوز بها استعماله في التطهَّر كالوضوء والاغتسال لظنه أن نجاسة وقعت فيه دون دليل أو أثر على ذلك، أو كترك الصلاة في مكان لا أثر فيه لنجاسة لظنه أن نجاسةً أصابته، ونحو ذلك؛ فهذا يجب أن لا يلتفت إليه، فإنه هوس والورع منه وسوسة شيطان.

قال صلى الله عليه وسلم: «فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» مما يشتبه عليه، «وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ». والوقوع في المحارم بعدم اجتناب الشبهات يكون بوجهين؛ أحدهما: أن من لم يتَّقِ الله وتجرَّأَ على الشبهات أفْضَتْ به إلى المحرمات، ويحمله التساهل في أمرها على الجُرْأَةِ على الحرام، كما قال بعضهم: الصغيرة تجرُّ الكبيرة والكبيرة تجرُّ الكفر، وكما رُوِيَ: «المَعَاصِي بَرِيدُ الكُفْرِ».

الوجه الثاني: أن من أكثر من مواقعة الشبهات أظْلَمَ عليه قلبُه لفقدان نور العلم ونور الورع؛ فيقع في الحرام، وهو لا يشعر به، وقد يأثم بذلك إذا تسبَّبَ منه إلى تقصير في عبادته وعمله.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ»، هذا مثل ضربه لمحارم الله عز وجل، وأصله أن العرب كانت تحمي مراعيَ لمواشيها وتخرج بالتوعُّدِ بالعقوبة لمن اقترب منها، فالخائف من عقوبة السلطان يبعد بماشيته عن ذلك الحمى؛ لأنه إن اقترب منه فالغالب الوقوع فيه لأنه قد تشذُّ إحداها، فالحذر أن يجعل بينه وبين ذلك الحمى مسافة يأمن فيها وقوع ذلك، وهكذا محارم الله عز وجل من القتل والربا والسرقة وشرب الخمر والقذف والغيبة والنميمة ونحو ذلك لا ينبغي أن يحوم حولها مخافة الوقوع فيها.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلاَ وَهِيَ القَلْبُ» هذا توجيه عظيم من النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمنين، فلقد جعل الله جوارح الإنسان مسخرة لقلبه، ومطيعة له فإن كان القلب خَيِّرًا عملت خيرًا، وإن كان غير ذلك عملت شرًّا، فهو أمير البدن وبصلاح الأمير تصلح الرعية وبفساده تفسد، وفي هذا الحديث تنبيه على تعظيم قدر القلب والحث على صلاحه.
نسأل الله العظيم أن يصلح فساد قلوبنا، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى.

المصادر:
شرح الأربعين النووية لابن دقيق العيد.
جامع العلوم والحكم لابن رجب.
فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر.

عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» رواه مسلم. هذا الحديث أصل عظيم من أصول الإسلام، وهو كالميزان للأعمال في ظاهرها كما أن حديث: «الأعمال بالنيات» ميزان للأعمال في باطنها، فإذا كان كل عمل لا يراد به وجه الله تعالى ليس فيه ثواب، فكذلك كل عمل لا يكون عليه أمر الله ورسوله، فهو مردود على عامله، والمراد بأمره ها


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». ويبين لنا هذا الحديث النبوي الشريف حقيقتين اثنين: الحقيقة الأولى: هي قابلية البشر للوقوع في المعصية؛ فمنطوق الحديث يدل على كثرة وقوع الذنوب من


عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم، حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» رواه البخاري.


عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءٌ، فَإِذَا أُصِيبَ دَوَاءُ الدَّاءِ بَرَأَ بِإِذْنِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ» رواه مسلم.


جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً». يبين الحديث الشريف أن الكامل في الخير والزهد في الدنيا مع رغبته في الآخرة والعمل لها قليل، كما


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51