16 مايو 2017 م

الهجرة إلى الحبشة (أول هجرة في الإسلام)

الهجرة إلى الحبشة (أول هجرة في الإسلام)

من الثابت أنَّ المسلمين هاجروا إلى الحبشة مرتين، وكانت الهجرة الأولى في شهر رجب سنة خمس من البعثة، وهم أحد عشر رجلًا، وأربع نسوة، خرجوا مُشاةً إلى البحر، فاستأجروا سفينة بنصف دينار.

ثم بلغ المسلمين وهم بأرض الحبشة أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس منهم عثمان بن مظعون إلى مكة، فلم يجدوا ما أُخبروا به صحيحًا، فرجعوا وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية، وقد سرد ابن إسحاق أسماء أهل الهجرة الثانية، وهم يزيدون على ثمانين رجلًا، وقال ابن جرير: كانوا اثنين وثمانين رجلًا، سوى نسائهم وأبنائهم ... وقيل: إن عدة نسائهم كان ثمان عشرة امرأةً.

كما أبان ابن إسحاق رحمه الله عن دوافع الهجرة الثانية فقال: [فلما اشتد البلاء وعظمت الفتنة تواثبوا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت الفتنة الآخرة التي أخرجت من كان هاجر من المسلمين بعد الذين كانوا خرجوا قبلهم إلى أرض الحبشة] اهـ.

وقد أرسلت قريش عمرو بن العاص، وعبد الله بن أبي ربيعة، يحملان الهدايا إلى النجاشي، وبطارقته، طالبين إليه إعادة من هاجر من المسلمين، فأرسل النجاشي إلى المسلمين فسألهم عن دينهم، فقال جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه: أيها الملك كنا قوماً على الشرك، نعبد الأوثان، ونأكل الميتة، ونسيء الجوار، ونستحل المحارم بعضنا من بعض في سفك الدماء وغيرها، لا نحل شيئًا ولا نحرمه. فبعث الله إلينا نبيًّا من أنفسنا نعرف وفاءه، وصدقه وأمانته، فدعانا إلى أن نعبد الله وحده لا شريك له، ونصل الرحم، ونحسن الجوار، ونصلي ونصوم، ولا نعبد غيره.

فقال: هل معك شيء مما جاء به -وقد دعا أساقفته فأمرهم فنشروا المصاحف حوله-. فقال جعفر: نعم. قال: هلمَّ فاتلُ عليَّ ما جاء به. فقرأ عليه صدرًا من سورة مريم، فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته، وبكت أساقفته حتى أخضلت مصاحفهم. ثم قال: إن هذا الكلام ليخرج من المشكاة التي جاء بها موسى، انطلقوا راشدين.

ولما أخفقت محاولة وفد قريش في استعادتهم، أثار عمرو بن العاص في اليوم التالي موقف المسلمين من عيسى عليه السلام، فقال للنجاشي: أيها الملك: إنهم يقولون في عيسى قولًا عظيمًا، فأرسل النجاشي إليهم فسألهم؟ فقال له جعفر: نقول: هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم العذراء البتول. فقال النجاشي: ما عدا عيسى بن مريم مما قلت هذا العود.

وأعطى النجاشي الأمان للمسلمين، فأقاموا مع خير جار في خير دار -كما تقول السيدة أم سلمة رضي الله عنها.

وقد هاجر معظم مهاجرة الحبشة إلى المدينة بعد هجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إليها، وتأخر جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه ومن معه إلى فتح خيبر سنة 7هـ، انتظارًا لاستقرار الإسلام، وقوة شوكة المسلمين، والله أعلم.

المصادر:

- "السير والمغازي" لابن إسحاق (ص: 213-215).

- "سيرة ابن هشام" (1/ 289-293، 344).

- "فتح الباري" لابن حجر (7/ 187-188).

- "السيرة النبوية الصحيحة.. محاولة لتطبيق قواعد المحدثين في نقد روايات السيرة النبوية" لأكرم ضياء العمري (1/ 176).

 

هو: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب. كان جدُّه عبد المطلب بن هاشم سيدَ قريش، وأوسم الناس وأجملهم وأعظمهم، وكان يطعم الناس، وحَفَرَ بئرَ زمزم، وتولَّى سقاية ورفادة الحجاج، وله الموقف المشهور مع أبرهة حين أتى يهدم الكعبة، فطلب منه أن يرد عليه مائتي بعير كان قد أخذها منه في حملته للهدم، فتعجب أبرهة من طلبه، وقال له: "أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتًا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه، لا تكلمني فيه!" قال له عبد المطلب: "إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربًّا سيمنعه".


اقتضت حكمة الله سبحانه وتعالى أن يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتغل برعاية الغنم في مقتبل عمره الشريف، ولقد كان في هذا الأمر آثار زكية اعتنى العلماء ببيانها، تعرفًا للحكمة الكامنة وراء هذا التأهيل الإلهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم، القائل: «ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم» فقال أصحابه: "وأنت؟" فقال: «نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة» رواه البخاري.


للمسلمين عناية خاصة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم العطرة عبر تاريخهم الطويل بدءًا من اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بتسجيل أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم


كانت الإنسانية قبل مبعث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالة من التيه والتخبط؛ فعند التأمل تجد العالم في هذه الأثناء ممزقة أوصاله متفرقة أواصره، ولتزداد الصورة وضوحًا سنلقي شيئًا من الضوء على أحوال الأمم إذ ذاك.


الجزيرة العربية جزء هام من العالم له تميز خاص بسبب موقعه الجغرافي وتاريخه الديني، ولم تكن الجزيرة بمنأًى عن التأثر بالحالة العامة التي يعيشها العالم هذه الأثناء فهي سياسيًّا قبائل متفرقة تعاني التناحر والاقتتال غالب الوقت بسبب العصبية والحرص على الزعامة ولا أشهر من حرب داعس والغبراء والبسوس دليلًا على ذلك.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55