ما حكم المساواة بين الأولاد في الهبة والعطاء؛ فقد سمعت أحد المشايخ يقول: إنَّ التسويةَ بين الأولاد في الهبة واجبةٌ، فهل هذا صحيح؟
التسوية بين الأولاد في العطية مستحبة شرعًا وليست واجبةً، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
طلب الشرع الشريف من المُكلَّف أن يُسَوّي في خصوص هبته لأولاده فيما بينهم؛ فروى سعيد بن منصور في "سننه" عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «سَاوُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ فِي الْعَطِيَّةِ، وَلَوْ كُنْتُ مُؤْثِرًا أَحَدًا لَآثَرْتُ النِّسَاءَ عَلَى الرِّجَالِ»، ولكن المختار أن هذا الطلب من الشرع محمول على الندب والاستحباب لا على الحتم والإيجاب؛ فإذا وَهَبَ الوالدُ أحدَ أولاده هبة وخصَّه بها دون باقي إخوته، كان هذا الوالد حينئذٍ تاركًا للمستحب وليس تاركًا للواجب، وتركُ المستحب لا يترتب عليه تأثيم، بخلاف ترك الواجب؛ حيث يثابُ فاعله ويأثمُ تاركه.
والقول بأنَّ تسويةَ الوالد في هبته بين أولاده من المستحبات وليس من جملة الواجبات هو الذي ذهب إليه جماهير العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية وغيرهم.
جاء في "البحر الرائق" من كتب الحنفية (7/ 288، ط. دار الكتاب الإسلامي): [يُكرَه تفضيل بعض الأولاد على البعض في الهبة حالة الصحة إلا لزيادة فضل له في الدِّين] اهـ.
وقال العلامة الخَرَشي في "شرحه لمختصر خليل" في فقه المالكية (7/ 82، ط. دار الفكر): [وأما هبةُ الرجلِ لبعض ولدِه مالَه كلَّه أو جُلَّه فمكروه] اهـ.
وأما الشافعية فقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (2/ 483، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(يُكره) للوالد وإن علا (أن يهَبَ لأحد ولديه أكثر) من الآخر (ولو ذكرًا)] اهـ.
واستدل الجمهور على ذلك بأدلة منها: ما رواه البخاري ومسلم في "صحيحيهما" واللفظ لمسلم من حديث النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنهما أنه قال: انْطَلَقَ بِي أَبِي يَحْمِلُنِي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، اشْهَدْ أَنِّي قَدْ نَحَلْتُ النُّعْمَانَ كَذَا وَكَذَا مِنْ مَالِي، فَقَالَ: «أَكُلَّ بَنِيكَ قَدْ نَحَلْتَ مِثْلَ مَا نَحَلْتَ النُّعْمَانَ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَأَشْهِدْ عَلَى هَذَا غَيْرِي»، ثُمَّ قَالَ: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَلَا إِذن».
فلو كان ما فعله بَشِير حرامًا لم يكن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ليأمره بإشهاد غيره عليه؛ لأنه صلى الله عليه وآله وسلم لا يأمر بمُحَرَّم.
واستدلّوا أيضًا بما جاء في إحدى روايات حديث النُّعمان بن بَشِير رضي الله عنه عند مسلم في "صحيحه"، وفيها قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبشير رضي الله عنه: «أَيَسُرُّكَ أَنْ يَكُونُوا إِلَيْكَ فِي الْبِرِّ سَوَاءً؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَلَا إِذن». وفي رواية أخرى: «أَكُلَّ وَلَدِكَ أَعْطَيْتَهُ هَذَا؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَلَيْسَ تُرِيدُ مِنْهُمُ الْبِرَّ مِثْلَ مَا تُرِيدُ مِنْ ذَا؟» قَالَ: بَلَى، قَالَ: «فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ».
فهاتان الروايتان دَلَّتَا على أن الأمر بالتسوية للاستحباب دون الوجوب؛ لربط ذلك بحصول البرّ مِن أولاده له بالسوية، والتسوية في البِر لَمَّا كانت ليست واجبة على الأولاد بل مندوبًا إليها، لم تكن التسوية في العطية واجبة على الآباء بل مندوبًا إليها؛ فدلّ هذا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنما يُنَبِّه الصحابي بذلك على مراعاة الأحسن.
وكذلك وردَ عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أجمعين أنهم فضلوا بعض أبنائهم دون نكير عليهم من باقي الصحابة؛ فقد فَضَّل أبو بكر عائشةَ رضي الله عنهما، وكذلك فَضَّل عمرُ رضي الله عنه ابنَه عاصمًا بشيء أعطاه إياه، وفَضَّل عبدُ الرحمنِ بنُ عوفٍ رضي الله عنه ولدَ أمِّ كلثوم، وقيل: إنه فَضَّل ابنته من أم كلثوم بأربعة آلاف درهم، وقطع ابن عمر رضي الله عنهما ثلاثة أرؤس أو أربعة لبعض ولده دون بعض.
وقد ذهب فقهاء الحنابلة وغيرهم إلى وجوب التسوية بين الأولاد في الهبات والعطايا؛ استنادًا لما جاء في بعض روايات حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وفيها أن النبي صلى الله عليه وآله سلم لما امتنع عن الشهادة على موهبة بشير لابنه رضي الله عنهما قال له: «لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ» متفق عليه.
ولكن يُجَاب عن هذا الاستدلال بأن الجَور هو الميل عن القصد والاستواء والاعتدال، فهو بهذا الاعتبار يَصدُق على المكروه كما يصدق على المُحَرَّم؛ فالمكروه مائلٌ عن سنَن الاستقامة، وخارجٌ عن الاعتدال، وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جَور سواء أكان حرامًا أم مكروهًا.
والجمع بين الأدلة يُعَيِّن معنى الكراهة.
وإذا انتفت الحرمة عن التفضيل بين الأولاد وثبتت الكراهة، فإنّ هذه الكراهة تكون منتفية إذا كان التفضيل لمعنًى معتبرٍ في الولد المُفَضَّل يقتضي التخصيص؛ كأن يختص بحاجة، أو مرض، أو كثرة عيال، أو اشتغال بالعلم ونحوه، وكذلك إذا كان حرمان الولد لعقوق أو لفسق لم يُكرَه حِرمانه. انظر: "حاشية العلامة ابن عابدين" (4/ 444، ط. دار الكتب العلمية)، و"المنتقى شرح الموطأ" للإمام الباجي (6/ 94، ط. دار الكتاب الإسلامي)، و"مغني المحتاج" للشيخ الخطيب الشربيني (3/ 567، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإنصاف" للعلامة المرداوي (7/ 139، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ وذلك لما تقرر من أن الكراهة تزول بالحاجة. انظر: "غذاء الألباب" للعلامة السفاريني (1/ 323، ط. مؤسسة قرطبة).
وعليه: فالتسوية بين الأبناء في العطية مستحبة شرعًا على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
يسأل عن أن خالته تُريد أن تهبه وأشقاءه في حياتها جزءًا بسيطًا أقل من ثُلُث تَرِكتها، واهتدى تفكيرها إلى شراء شهادات هبة تضعها بأسماء من تُريد الهبة لهم في حياتها على أن تعود فائدة هذه الشهادات عليها هي فقط طالما بقيت على قيد الحياة، ولا يمكن لمن كُتبت له هذه الشهادات باسمه أن يصرفها أو يصرف أرباحها إلا بعد وفاتها. فما مدى شرعية هذه الهبة؟
ما حكم التنازل عن حق الانتفاع للابن دون أخواته؟ فأنا في نهاية العقد السادس من عمري، ولي بنت كبيرة أنفقت عليها حتى صارت في العمل التدريسي بالجامعة، وأعطيتها مالًا ليساعدها في زواجها، ولي ابن في التعليم الثانوي، وبنت في التعليم الإعدادي، ولم يعد لي القدرة على الإنفاق عليهما بنفس المستوى الذي كنت أنفق به على البنت الكبيرة، مما أشعر معه بالاحتياج لتعويضهما عن ذلك وبخاصة الابن، ولي حق انتفاع من الدولة في شقة متواضعة، فهل يجوز لي أن أتنازل عن حق الانتفاع هذا لابني؟
تُوفّيت امرأة عن: زوج، وثلاث بنات، وأربع أخوات شقيقات. ولم تترك المتوفاة المذكورة أيَّ وارث آخر غير من ذكروا ولا فرع يستحق وصية واجبة.
فما حكم مكافأة نهاية الخدمة؟ وما حكم قائمة المنقولات ومؤخر الصداق؟ وما نصيب كل وارث؟
زعم بعض الناس أن السنة النبوية المطهرة ليست وحيًا من قِبلِ الله تعالى؛ فهل هذا الكلام صحيحٌ؟
ما حكم صرف جمعية خيرية من أموال الزكاة والصدقات على أنشطتها، فقد قال سائل: هناك اتحاد خيري تتكوَّن مواردُهُ من التبرعات المالية، وزكاة الأموال، والتبرعات العينية، ويتحمل مصروفات القائمين على إدارة نشاطه، وكلّ احتياجاته؛ ويطلب بيان الحكم الشرعي فيما يلي:
1- ما هي أوجه إنفاق التبرعات النقدية التي تَرد للاتحاد؟
2- ما هي نسبة المصروفات الإدارية التي تخصم من هذه التبرعات، وهل يحسب ضمن هذه النسبة إيجارات المقرات، ورسوم استهلاك الكهرباء والمياه والضرائب المقررة للدولة؟
3- هل تدفع رواتب العاملين من الزكاة إذا لم تتسع لذلك أموال الصدقات؟
4- هل يدخل ما يصرفه الاتحاد على ذوي الاحتياجات الخاصة ضمن التبرعات المقررة أو ضمن المصروفات الإدارية؟
5- كيف يمكن التعامل مع نية المتبرع ؟ وهل للاتحاد مطلق الحرية في أن يتصرف وفقًا للمناطق الأشد احتياجًا أو يتقيد بهذه النوايا؟
كتبت امرأة كل مالها لبنتها الوحيدة بيعًا وشراءً بعقد ابتدائي وعليه شهود، ثم ماتت.
فهل يرث باقي الورثة من هذا المال؟ علمًا بأنها ماتت عن بنت، وأخ شقيق، وأولاد أخ شقيق.